المستثمرون يلمحون فرصة في مصر ما بعد مبارك
من شأن انتهاء حكم الرئيس المصري حسني مبارك يوم الجمعة أن يخلق فرصا للمستثمرين مع رسوخ قدم اقتصاد الاسواق ونمو التجارة تدريجيا في بلد يتطلع سكانه البالغ عددهم 80 مليون نسمة لان يصبحوا جزءا من الاقتصاد العالمي.
وتنحى مبارك الجمعة وسلم السلطة للجيش بعد 18 يوما من احتجاجات قادها شباب مغرمون بالتكنولوجيا خرجوا الى الشوارع مطالبين بحقوقهم في العمل والحرية والشفافية.
ورغم عدم التيقن السياسي في المدى القصير يرى المستثمرون أن "الثورة البيضاء" كما يطلق عليها كثير من المصريين فرصة للاستحواذ على حصة سوقية في أكبر بلد عربي من حيث عدد السكان.
وقال لاري سيروما من نايل كابيتال مانجمنت "ستكون هناك ديمقراطية وشفافية وسيؤدي ذلك الى مزيد من النمو الاقتصادي ... انها فرصة كبيرة للاستثمار في مصر."
وقبل اندلاع الثورة كان مستوى تعرض نايل كابيتال لمصر يتراوح بين خمسة وعشرة بالمئة من محفظتها البالغة قيمتها 4.79 مليون دولار.
وعلى مدى 30 عاما تحت قيادة مبارك أصبحت مصر حليفا مهما للولايات المتحدة ومحور الاستقرار الرئيسي في الشرق الاوسط. ومع انتهاء حكمه يخشى كثيرون من أن يؤدي فراغ السلطة الى ظهور نظام جديد معاد للرأسمالية الغربية ولاسرائيل الحليف الرئيسي للولايات المتحدة في المنطقة.
ومن غير المؤكد ما الذي ستسفر عنه التطورات. الا أن المسؤولين الحكوميين والمستثمرين عموما الى جانب أغلبية المصريين يساورهم أمل كبير في حكومة وسوق أكثر انفتاحا.
وقال بريانت ايفانز مستشار الاستثمار لدى كوزاد اسيت مانجمنت في ولاية ايلينوي "أعتقد أن الاستثمارات في مصر قد ترتفع ربما في غضون عام من الان مع تشكل حكومة جديدة. اذا ما سلكت تلك الحكومة نهجا ديمقراطيا فمن المؤكد أننا سنشهد بعض التحسن."
حتى أكثر رجال الاعمال قوة وثراء في مصر ظلوا يقرعون طبول الديمقراطية وتحرر الاسواق كأفضل ضمان لاستثماراتهم.
وقال كريم بغدادي العضو المنتدب في فرع بنك الاستثمار المصري بلتون فايننشال في نيويورك "عندما يكون لديك - ولنقل - عشرة بالمئة من السكان لديهم حسابات جارية تصبح هناك فرصة للنمو."
وأضاف "عندما يكون لديك اقتصاد غير رسمي كبير يقارب حجم الناتج المحلي الاجمالي الرسمي واذا تمكنت من تحويل الاقتصاد الى نظام قائم على المؤسسات سيبدأ الناس في توريق ديونهم وسيتمكنون من الاقتراض بدرجة أكبر وشراء المزيد ولذا سيكون هناك تأثير كبير."
وتسجل الاصول المصرية نسبة صغيرة لدى صناديق الاسواق الناشئة في العالم ويسهم اقتصاد البلد بنحو 0.3 بالمئة من مؤشر ام.اس.سي.اي للاسواق الناشئة.
وبوجه عام تعرضت أسهم الاسواق الناشئة لضغوط بيع ليس فقط بسبب التوترات السياسية في مصر لكن أيضا جراء عمليات جني أرباح للاستفادة من ارتفاع المؤشرات الرئيسية لاعلى مستوياتها في عامين ونصف.
وسحب المستثمرون مبلغا صافيا قدره 6.27 مليار دولار من الاسواق الناشئة في الاسابيع الثلاثة الماضية وذلك وفقا لبيانات "ليبر" احدى خدمات تومسون رويترز.
الا أنه عندما يجري حساب تأثير حركة الاسعار بالسوق على الاسهم نجد أن الاصول التي تحت ادارة صناديق تتخذ من الولايات المتحدة مقرا قد تراجعت بواقع 10.92 مليار دولار أي بنسبة 5.6 بالمئة منذ الاسبوع المنتهي في 26 يناير كانون الثاني الا أنه ينظر الى ذلك على أنه فرصة من قبل بعض المستثمرين.
وقال جابرييل ستيرن كبير الاقتصاديين لدى اكزوتكس في لندن "ظللت متمسكا ( باستثماراتي) في مصر ولم أبعها خلال الازمة. ما حدث اليوم لم يغير رؤيتي للعوامل الاساسية وستكون النتائج جيدة."
وفيما يتعلق بسوق السندات قال أحد مديري الصناديق ان السندات السيادية المصرية المقومة بالدولار قد استعادت جزءا جيدا من خسائرها لكنه مازال غير مقتنع بأن اصدارات السندات رخيصة.
وقال جيف جريلز من صندوق التحوط جريماسي في جرينتش بولاية كونيتيكت "أعتقد أن الناس يدركون أنه كانت هناك حالة من الذعر تتعلق بالسندات وأنه كان ينبغي تغطية المراكز المدينة."
وسجل الجنيه المصري تراجعا مطردا منذ تفجر التوترات السياسية في 25 يناير وجرى تداوله يوم الخميس عند مستوى 5.887 جنيه للدولار بانخفاض طفيف عن اغلاق الاربعاء المسجل عند 5.8775 جنيه لكنه ارتفع عن أدنى مستوياته في ستة أعوام الذي سجله عند 5.960 قبل تدخل البنك المركزي لدعمه يوم الثلاثاء.
وأغلقت البورصة المصرية أبوابها بعدما تسببت المظاهرات التي عمت أنحاء البلاد في هبوط المؤشر الرئيسي 16 بالمئة في يومين وحذر محللون من تجدد موجة البيع عند استئناف التداول والذي قال مسؤول بالبورصة يوم السبت انه سيكون يوم الاربعاء.
وقالت الهيئة العامة للرقابة المالية ان البورصة المصرية ستوقف التداول لمدة نصف ساعة في حالة هبوط المؤشر الاوسع نطاقا "اي.جي.اكس 100" بنسبة خمسة بالمئة وستعلق التداول لفترة أطول في حال هبوطه بنسبة عشرة بالمئة.
وقالت مؤسسة ماركت المعنية برصد البيانات ان تكلفة التأمين على الديون السيادية المصرية من مخاطر التعثر أو اعادة الهيكلة لمدة خمس سنوات تراجعت 25 نقطة أساس الى 315 نقطة أساس بعد اعلان تنحي مبارك عن الحكم يوم الجمعة مقارنة مع 380 نقطة اساس في وقت سابق خلال اليوم و340 نقطة اساس في اغلاق الخميس. وبلغت تلك التكلفة 240 نقطة أساس قبل بداية 2011.
وتسود شوارع القاهرة حالة من البهجة ورغم عدم التيقن تسود حالة من الامل بمستقبل أفضل.
وقال ديفيد جريسون العضو المنتدب لادارة الاسواق الناشئة لدى أورباخ جريسون في نيويورك "الحكومة الجديدة أيا كان شكلها ستعمل على توفير فرص العمل لنسبة أكبر من السكان لرفعهم فوق خط الفقر ... من المؤكد أن الاقتصاد سينمو