مؤشرات سيناريو الأزمة الاقتصادية العالمية
أظهرت الأرقام الرسمية الصادرة الاثنين انكماش الاقتصاد الإيراني بنسبة 1.4 في المئة في الربع الأخير من العام الماضي، بما يفوق توقعات السوق بتراجع بنسبة 1.2 في المئة، وجاء ذلك متزامنا مع إعلان الصين تراجع صادراتها ووارداتها الشهر الماضي بمعدل سنوي بنسبة 6.6 في المئة 14.4 في المئة على التوالي.
وتعزز تلك الأرقام مخاوف الأسواق من تباطؤ النمو في الاقتصادات الصاعدة والرئيسية في العالم مع تراجع الناتج الصناعي وغيره من القطاعات.
وكان البنك المركزي الياباني فاجأ الأسواق نهاية الشهر الماضي بخفض الفائدة إلى سالب 0.1 في المئة في إجراء أكد مخاوف تراجع الاقتصاد الياباني وتأثره بالتباطؤ العالمي عموما.
مشاكل الائتمان والإقراض
وكان الاجراء الياباني مؤشرا على ما تواجهه البنوك المركزية في العالم في ظل ما يصفه كثيرون بأنه "نفاد ذخيرتها لمواجهة أي أزمة مقبلة"، وأن اليابان قد تقود مرحلة من التضخم السلبي Deflation أي هبوط الأسعار في ظل ركود عميق.
وكان بنك التسويات الدولية (بي آي إس)، الذي يوصف بأنه "البنك المركزي للبنوك المركزية" في العالم، حذر من أزمة توقف الإقراض للاقتصادات الصاعدة التي لعبت الدور الرئيسي في النمو الاقتصادي العالمي في السنوات الأخيرة.
وقال مدير البنك جيم كروانا إن توقف الإقراض للاقتصادات الصاعدة يدخل الاقتصاد العالمي في "حلقة مفرغة" من التطورات السلبية مثل اضطراب الأسواق المالية وانهيار قيمة الأصول وتباطؤ النمو الاقتصادي.
كما ذكر معهد التمويل الدولي الشهر الماضي أن دول الاقتصادات الصاعدة شهدت خروج رؤوس الأموال بشكل كبير (وبصافي سلبي) للمرة الأولى منذ 1988، بهروب ما يصل إلى 735 مليار دولار منها خلال 2015.
وربط كروانا بين الاضطرابات الأخيرة في أسواق الأسهم وتباطؤ النمو الاقتصادي والتغيرات الكبيرة في أسعار الصرف وانهيار أسعار السلع، مشيرا إلى أنها ليست صدمات تتعلق بكل قطاع على حدة ووصفها بأنها مؤشر على "اكتمال دورة مالية" خاصة في الاقتصادات الصاعدة.
الديون
تضاف إلى ذلك مشكلة الديون المتفاقمة التي يعاني منها النظام المصرفي والمالي العالمي التي وصلت إلى مستويات خطيرة تتجاوز ما وصلت إليه في 2007 قبل الأزمة المالية العالمية الأخيرة.
ومنذ آخر دورة ائتمانية قبل أكثر من ثماني سنوات ارتفع حجم الدين العام والخاص في كل دول العالم بنسبة 35 في المئة إضافة لما كان عليه.
ووصل حجم إجمالي الديون إلى نسبة 185 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في الاقتصادات الصاعدة وإلى نسبة 265 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في الدول الصناعية الكبرى. وتلك نسب غير قابلة للاستمرار وتنذر بأزمة مديونية تفوق تلك التي شهدها العالم في أزمة 2008/2009.
الصين
وهناك تراكم لاختلالات جديدة، أهمها سوق السندات الذي يشهد فقاعة في غاية الخطورة منذ نحو عامين.
كل ذلك يقلق العالم من تباطؤ ولو طفيف في الاقتصاد الصيني يمكن أن يقود الاقتصاد العالمي كله إلى أزمة أشد وطأة من أزمة 2008/2009، خاصة وأن العالم ليس مستعدا لها ولا يملك أدوات تخفف من قسوتها.
وحتى التفاؤل بنمو الاقتصاد الأميركي قد لا يكون في محله تماما كمنقذ للاقتصاد العالمي.
ويرى بعض الاقتصاديين أن رفع الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) الأميركي لسعر الفائدة الشهر الماضي مع استمرار الفائدة عند الصفر تقريبا في أوروبا وأغلب أنحاء العالم لم يفعل سوى سحب الأموال من الاقتصادات الصاعدة نحو أميركا والدولار.
ولعل أكثر الشهادات المعلنة وضوحا ما أرسله ألبرت إدواردز، الاقتصادي في بنك سوسيتيه جنرال، لعملاء البنك من نصيحة استثمارية تقول "أعتقد أن الأحداث التي نشهدها الآن ستعيدنا إلى الركود العالمي مجددا" متنبئا بحدوث "حرب تجارية لا تختلف عما شهدناه في الثلاثينات من القرن الماضي".
أما رجل المال الشهير جورج سوروس فأكد في دافوس أن المخاوف من تراجع صيني حاد حقيقية، قائلا "أنا لا أتوقع بل أشاهد ذلك يحدث".