°¨¨™¤¦تدهور أسعار النفط.. من هي الدول العربية الرابحة والخاسرة؟¦¤™¨¨°
استمرت أسعار النفط في الانخفاض للشهر السادس على التوالي في الأسواق العالمية، تاركة وراءها تساؤلات لدى العديد من المراقبين حول الفترة التي قد يستغرقها هذا الانخفاض في ظل إصرار بعض الدول النفطية الكبرى مثل السعودية على الإبقاء على سقف إنتاجها دون تغيير.
والسؤال الأهم هو عن أثر هذا التدهور على الدول التي تعتمد بدرجة كبيرة على مداخيل النفط في موازناتها السنوية، ومنها الدول العربية التي لا تحقق في معظمها مداخيل من قطاعات استثمارية أخرى بديلة لقطاع المحروقات.
ويعتقد عبد الرحمن بن خالفة الخبير الاقتصادي والمالي الجزائري أن الاقتصاديات العربية أصبحت في موقف مقلق خصوصا تلك الدول التي ترتبط موازناتها بصفة كبيرة بالنفط سواء بالمداخيل أو الجباية البترولية.
وقال بن خالفة في تصريح لموقع قناة "الحرة" إن بعض هذه البلدان أصبحت تفكر فعلا في مخططات اقتصادية استثنائية، لمواجهة هذا التراجع الحاد في الأسعار.
وأضاف أن هذه الدول يجب أن تعيد النظر في مخططاتها الاستثمارية وحتى في سياستها الاجتماعية والتدعيمية، لأنه إذا استمر هذا التراجع في السنوات الثلاث القادمة، فإنه سيحدث اختلال بين ما هو مدخر ومستوى حجم الإنفاق، على حد قوله.
أما محمد الشطي، الخبير النفطي الكويتي فيرى أن الدول النفطية ستتأثر من ناحية القدرة الشرائية بسبب المراجعة الشاملة التي ستقدم عليها هذه الدول في حال استمرار انخفاض الأسعار.
وقال في تصريح لموقع قناة "الحرة" إن الانخفاض سيؤثر أيضا على سياسات دعم المواد التي تعتمدها العديد من الدول النفطية، بسبب ارتفاع التكاليف مقارنة بتراجع المداخيل.
ولا يختلف رأي الخبير المالي رمزي شيبر كثيرا عن هذا الطرح، إذ يعتقد أن انخفاض الأسعار سيؤثر حتما على الدول العربية بسبب اعتمادها على النفط بنسبة كبيرة من مداخيلها.
وقال شيبر في تصريح لموقع قناة "الحرة" إن المشكلة تتمثل في أن التعامل التقني مع الأسعار يتأثر بالعامل الجيوسياسي، الأمر الذي قد يجعل الأسعار منخفضة لفترة غير معلومة.
الرابح والخاسر
وإذا كان تراجع أسعار المحروقات سيؤثر سلبا على عدد من الدول العربية النفطية، فإن دولا عربية أخرى قد تعرف اقتصادياتها انتعاشا، حتى لو كان ظرفيا بسبب تراجع حجم إنفاقها على استهلاك الطاقة.
وفي هذا السياق يقول محمد الشطي إن التأثير على هذه الدول النفطية سيكون فقط في تراجع مداخيلها التي تعتمد فيها بنسبة كبيرة على إيرادات النفط.
أما الدول غير النفطية التي لديها تنويع في اقتصادها، فيعتقد الشطي أن انخفاض أسعار المحروقات بالنسبة إليها يعني "انخفاض فاتورة الواردات النفطية، وبالتالي فإن تراجع الأسعار سيساعدها في تحسين وضعها المالي".
أما عبد الرحمن بن خالفة فيرى أن الموازين الاقتصادية في الكثير من الدول العربية سينقلب بعضها نحو الإيجاب وأخرى نحو السلب.
وبمزيد من التفصيل يؤكد بن خالفة أن البلدان غير النفطية مثل مصر والأردن ولبنان "ستجني أرباحا إضافية مستغلة انخفاض الأسعار".
أما الصنف الثاني من البلدان فيتمثل في الدول المنتجة للمحروقات التي يرى أنها "ليست خاسرة ولكن أرباحها ستتراجع، الأمر الذي يؤثر على موازناتها"، وهي في معظمها الدول الخليجية إضافة إلى العراق والجزائر وليبيا.
وعن تصوره لهذه المسألة يقول رمزي شيبر "بشكل عام الجميع خاسر ولكن الأسعار الحالية تساعد الدول المستهلكة للنفط وبالتالي فإن اقتصاديات هذه البلدان قد تنتعش قليلا مستغلة تراجع الأسعار".
ما الحل؟
وفي ظل استمرار عاصفة تراجع أسعار النفط تبقى الدول العربية التي تعتمد اقتصادياتها بدرجة كبيرة على المحروقات، حسب الخبراء أمام خيارات ضئيلة، خصوصا في ظل عدم تمكنها من استغلال الراحة المالية التي جنتها جراء ارتفاع الأسعار طيلة السنوات الخمس الماضية.
وحسب بن خالفة فإن هذه الدول تملك الآن هوامش تحرك لمواجهة تدني الأسعار، غير أنها تبقى مؤقتة ومرتبطة بالفائض المالي الذي تتوفر عليه كل دولة بدرجات متفاوتة.
ويرى المتحدث أن الإنفاق الحكومي في الدول النفطية يجب أن يتطور للاعتماد أكثر على استثمارات خارج تبعية النفط، مشيرا إلى أن "هذا أكبر خطر على الاقتصاديات العربية في المستقبل".
ولا يختلف محمد الشطي عن هذا الطرح، ويلقي باللائمة على هذه البلدان التي ضيعت فرصة السنوات التي عرفت فيها أسعار المحروقات طفرة كبيرة دون أن "تبدأ الحكومات فترة إصلاحية لاقتصاداتها بدلا من الاعتماد فقط على النفط".
ويقول الشطي "كان عليها أن تبدأ في صناعة النفط والبتروكيمياويات واستغلال الطاقة الشمسية والسياحة والثروة الزراعية وصيد الأسماك وغيرها من القطاعات"