ستترقب الأسواق، التي لا زال تستوعب رسالة متحفظة على غير المتوقع من الاحتياطي الفيدرالي، بيانات التضخم الأمريكية واحتمال تصاعد مخاطر رحيل اليونان عن منطقة اليورو الاسبوع القادم.
وتؤدي برامج التحفيز النقدي الضخمة التي إستعانت بها الاقتصادات المتقدمة إلى تقلبات حادة في سوق النقد الأجنبي وتؤجج الحديث عن حرب عملة.
وسجل اليورو أدنى مستوياته في 12 عاماً دون 1,05 دولار أمام الدولار في بداية الأسبوع الماضي ليقفز مجدداً إلى 1,10 دولار يوم الاربعاء في أكبر زيادة ليوم واحدة في ست سنوات بعدما أشار الاحتياطي الفيدرالي أنه لا يتعجل رفع أسعار الفائدة. وبحلول يوم الجمعة تراجع اليورو إلى 1,08 دولار.
وأنهى اليوان الصيني اتجاهاً نزولياً طويلاً ليسجل أقوى صعود أسبوعي أمام الدولار منذ عام 2007 بسبب موجة من عمليات البيع للدولار من قِبل البنوك المملوكة للدولة.
ونفى محافظ بنك اليابان هاروهيكو كورودا صحة الحديث عن تخفيضات تنافسية للعملة من أجل تحفيز النمو الاقتصادي قائلاً يوم الجمعة ان الاحتياطي الفيدرالي وبنك اليابان والبنك المركزي الأوروبي جميهم طبع نقوداً "لتحقيق أهدافهم المتعلقة باستقرار الأسعار وليس لتخفيض عملاتهم".
وسواء كانت حرب عملات أم لا، طالما ظلت تحركات العملات بهذه الحدة بما يهدد توقعات النمو والتضخم، ستظل العملات في مقدمة أذهان صناع السياسة.
وربما يآمل المركزي الأوروبي في استمرار إنزلاق اليورو إلى مستوى التعادل مع الدولار حيث يخشى من إنكماش الأسعار ويحاول مساعدة التعافي الاقتصادي المتعثر لمنطقة اليورو.
وستكون بيانات التضخم الأمريكية لشهر فبراير يوم الثلاثاء ذات أهمية بالغة بعدما تخلى الاحتياطي الفيدرالي عن إشاراته إلى "التحلي بالصبر" فيما يتعلق برفع أسعار الفائدة من بيانه للسياسة النقدية الاسبوع الماضي لكن أوضح أن الأمر سيتوقف إلى حد كبير على البيانات في تحديد موعد تشديد السياسة النقدية.
وقال جيمز نايتلي، كبير الاقتصاديين في أي.ان.جي "نعتقد ان التضخم السنوي سيظل عند مستويات سلبية وذلك من المتوقع ان يعزز موقف مؤيدي التيسير النقدي الذين لا يرون بعد حاجة لرفع أسعار الفائدة" وأضاف قائلاً "أي مفاجئات سلبية ستضر الدولار وتؤدي إلى تراجع عوائد السندات بشكل أكبر".
وستكون هناك فرصة كبيرة لفك شفرة رسالة الاحتياطي الفيدرالي هذا الأسبوع مع حديث عدد من أعضاء لجنة السياسة النقدية من بينهم نائب رئيس البنك ستانلي فيشر يوم الاثنين.
وفي منطقة اليورو، سيلقي رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي كلمة أمام لجنة بالبرلمان الأوروبي يوم الاثنين ومن المؤكد ان تكون اليونان ومدى تقدم برنامج البنك للتيسير الكمي على رأس الموضوعات.
ويوم الثلاثاء، ستحدد مسوح أولية لمديري مشتريات عن شهر مارس قوة قطاع الصناعات التحويلية عبر الاقتصادات الرئيسية في العالم عقب اضطرابات في سوق العملة وهبوط في أسعار النفط.
وفي منطقة اليورو، من المتوقع ان تواصل مؤشرات مديري المشتريات اتجاهاً من التحسن في البيانات مؤخراً مع استفادة المنطقة من انخفاض تكاليف الطاقة وضعف اليورو.
وحصلت البنوك على نحو 100 مليار يورو (108 مليار دولار) في صورة قروض طويلة الأجل ورخيصة الفائدة من المركزي الأوروبي يوم الخميس وهو رقم يتجاوز التوقعات ويعزز الآمال بزيادة طال انتظارها في الإقراض. وسيخضع ذلك للاختبار هذا الاسبوع عندما ينشر المركزي الأوروبي بيانات حول نمو الائتمان الذي يتراجع على مدى سنوات.
ومن المتوقع ان يشير مؤشر أيفو الألماني لثقة الشركات يوم الأربعاء إلى مزيد من الإنتعاش في الاقتصاد الأكبر بالمنطقة.
وبينما يركز المستثمرون على برنامج المركزي الأوروبي لشراء السندات بجانب توقيت رفع أسعار الفائدة الأمريكية وتهاوي أسعار النفط، تتفاقم تدريجياً الأزمة بين اليونان وشركائها بمنطقة اليورو وربما تحدث قريباً هزة بالأسواق من جديد.
وفي قمة الاتحاد الأوروبي يوم الجمعة قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركيل ان اليونان ستحصل فقط على تمويلات جديدة لتخفيف أزمتها من السيولة بمجرد ان يوافق دائنوها على قائمة شاملة من الإصلاحات التي تعهدت بها لكن لم تقدمها حتى الأن.
وتحدث زعماء أوروبيون عن "روح من الثقة المتبادلة" وقدموا لأثينا ملياري يورو للتخفيف من حدة الفقر لكن لا توجد علامة تذكر على التقدم الملموس الذي سيكون مطلوباً لتجنب خروج اليونان من كتلة العملة الموحدة الأمر الذي عواقبه يتعذر التنبؤ بها.
وأصر رئيس الوزراء ألكسيس تسيبراس ان بلاده لا تواجه مشكلة تمويل في المدى القصير ليناقض تصريحات مسؤولين بالاتحاد الأوروبي أن أثينا قد تفلس في منتصف أبريل.
وقال بنك بركليز كابيتال في مذكرة بحثية يوم الجمعة أنه يرى احتمالاً متزايداً لأن تضطر اليونان قريباً لفرض قيود على سحب الودائع من بنوكها.
ومع إعتراف مسؤولين في بروكسيل وبرلين والمركزي الأوروبي صراحتة بخطر ان اليونان قد تغادر منطقة اليورو، سيتابع اجتماع بين تسيبراس وميركيل في برلين يوم الاثنين عن كثب بحثاً عن علامات على إنفراجة أو تشدد في المواقف.