تستضيف جنوب أفريقيا قمة لتجمع دول بريكس للقوى الصاعدة على مدار يومين بدءا من اليوم الثلاثاء إذ ستشدد على دورها كبوابة اقتصادية للقارة.
ويمثل تجمع بريكس الذى جاءت كلمته من الحروف الأولى للدول المؤلفة له البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا نحو 3 مليارات نسمة وجزءً كبيرا من القوة الاقتصادية الصناعية الجديدة فى العالم.
ويشارك الزعيم الصينى الجديد شى جينبينج - الذى ضاعفت بلاده نشاطها التجارى فى أنحاء أفريقيا - فى القمة فى إطار أول رحلة خارجية له.
وغالبا ما ينظر إلى جنوب أفريقيا على أنها دولة مختلفة بين دول بريكس، فعدد سكانها البالغ 50 مليونا يتضاءل عند مقارنته مثلا مع دولة مثل الهند يبلغ عدد سكانها 1.2 مليار نسمة.
وفى حين أن الصين هى ثانى أكبر اقتصاد على مستوى العالم والبرازيل ناتجها المحلى الإجمالى يبلغ نحو 2.5 تريليون دولار، يقل الناتج السنوى لجنوب أفريقيا عن نصف المليار دولار.
لكن جنوب أفريقيا بفضل أنظمتها المصرفية والقضائية القوية، هى أكبر اقتصاد وأكثره تطورا فى أفريقيا تلك القارة الغنية بالسلع وبسكان يبلغ عددهم مليار شخص.
وجنوب أفريقيا هى قوة إقليمية فى جنوب القارة السمراء، حيث تبدأ أنجولا وموزمبيق ودول أخرى فى تنمية صناعاتها فى مجال النفط والغاز والفحم.
يقول مارتين دافيس من شركة فرونتير أدفايسورى للاستشارات فى جوهانسبيرج أن "جنوب أفريقيا ليست بوابة تجارية بقدر ما هى بوابة للجغرافيا السياسية".
ورغم الفجوة الواسعة للثروة وارتفاع معدل الجريمة واضطرابات العمال العنيفة فى بعض الأحيان، لا تزال جنوب أفريقيا تمثل بشكل نسبى منارة للاستقرار فى أفريقيا.
وتأمل أن تستفيد من فكرة رئيسية مدرجة على جدول أعمال القمة، وهى إنشاء بنك بريكس كنوع من الإجراء المضاد لصندوق النقد والبنك الدوليين فى واشنطن.
وفى ضوء قطاعها المالى القوى واقتصاد سوقها الحر، يمكن أن يكون مقر البنك هو جنوب أفريقيا كحل وسط سيحول دون وقوع صراع عنيف بين العملاقين الهند والصين.
ويضيف دافيس أن من الحيوى بالنسبة للصين المتعطشة للموارد أن تظل بريتوريا ضمن التجمع فى ظل زيادة نشاطها بشكل كبير فى أفريقيا.
كما أن لدى البلدين على المستوى السياسى مشاعر مشتركة وذكريات أليمة مع الاستعمار الغربى.
وستشهد القمة الخامسة لمجموعة بريكس للمرة الأولى انضمام مجموعة إقليمية فى نطاق نفوذ الدولة المضيفة لتنضم دول أفريقية أخرى إلى طاولة المحادثات.
وبالطبع، ستتركز الأنظار على الصين، ذلك الاقتصاد المزدهر الذى غير الوجه الاقتصادى لأفريقيا من بناء مناجم وطرق سريعة وملاعب لكرة القدم وبيع منتجات بدءا من المنسوجات الرخيصة إلى الهواتف المحمولة والألواح الشمسية.
ورحب الكثير من الأفارقة فى بادئ الأمر بالصين كبديل للشركاء الاقتصاديين من الغرب بمن فيهم القوى الاستعمارية الأوروبية السابقة، لكن الموجة بدأت تتغير.
ومن بين المنتقدين للصين، محافظ البنك المركزى النيجيرى لاميدو سانوسى الذى اتهم العملاق الآسيوى "بأن لديه أشكالا مشابهة للاستغلال مثلما كان للغرب".
وقال أن الصين التى تأتى بمهندسيها وعمالها "هى مساهم رئيسى فى إضعاف القدرات الصناعية الأفريقية ومن ثم التخلف الأفريقى".
وفى زامبيا، وهى منتج كبير للنحاس، وقعت اشتباكات حامية بين الإدارة الصينية وعمال مناجم محليين، فى نزاعات كانت دامية فى بعض الأحيان. وجرى انتخاب الرئيس مايكل ساتا فى عام 2011، واستخدم فى جزء كبير من حملته الانتخابية خطابا معاديا لبكين.
ويقول آخرون إن المشاعر المعادية للصين نتيجة للحسد والحقد فى دول تعانى من الفساد والفقر.
وقال دافيس إنه "سواء كانت زامبيا تفضل ذلك أم لا، فإن المستهلك الاقتصادى النهائى … هو الصين. هذه هى الحقيقة".
وبينما يستفسر الناس عما إذا كانت الصين نافعة لأفريقيا، يقول دافيس إنهم يجب عليهم ربما أن يسألوا: "هل الساسة الأفارقة نافعون لأفريقيا؟".
فلقد كان سوء الإدارة مصدر خراب القارة، حيث لم يفخر سوى عدد قليل من الدول بأن لديه إطارا سياسيا سليما أو أنظمة قانونية تشجع الشركات على العمل بمزيد من الثقة.
وعلى الرغم من ذلك، أصبحت أفريقيا الآن تحقق معدلات نمو مرتفعة، ويأمل الكثير من الخبراء فى أن يتحول الكثير من الوظائف إلى أفريقيا مع خروج الصين من العمليات التصنيعية متدنية القيمة، وذلك إذا ما وفرت الدول تلك القاعدة المهارية الضرورية والبنية التحتية.
وقال جلين هو رئيس مكتب الأعمال الصينى فى أفريقيا لشركة "كيه بى إم جي" للمحاسبات أن مجموعة بريكس تستطيع أن تكون قوة للتغيير من خلال تعزيز التعاون الاقتصادى.
وأضاف أنه علاوة على عقد القمم، "يجب أن تجد دول بريكس سبلا للتعاون، ونود أن نرى المزيد من التجارة البينية فى أفريقيا والمزيد من التجارة بين دول بريكس".
وأشار إلى أنه فى ظل اجتماع دول بريكس فى دوربان، فيتعين على الاتحاد الأفريقى البحث عن سبل لانتشال المواطنين من الفقر فى 54 دولة عضو به.
وقال إنه "يتعين على الاتحاد الأفريقى أن يحدد ما نريده من المستثمرين فى أفريقيا وما سيعود علينا منه... وما نريده من هذه العلاقة مع الصين".