تتجه الأنظار حالياً على الاقتصاد البريطاني الذي دخل في دائرة الركود الاقتصادي خلال الربع الأول من العام الجاري، و تتكاثر التكهنات و التوقعات و المطالب حول صناع القرار البريطانيين بشأن ماهية السياسة التي سيتخذونها في الفترة الحالية حيث أننا على موعد مع قرار الفائدة البريطاني لشهر حزيران مع احتمالية إبقاء البنك على سياسته النقدية رغم الظروف المواتية التي تواجه الاقتصاد الملكي.
قد يقف صناع القرار البريطانيين حالياً وسط أصعب موقف في حياتهم وسط ركود الاقتصاد الملكي الذي تأثر بشكل كبير جداً من أزمة الديون السيادية في المنطقة المجاورة و تباطؤ الاقتصاد العالمي و الذي حد من الصادرات البريطانية و أضعف الأنشطة الاقتصادية فيه، و لا يزال الاقتصاد الملكي يُظهر المزيد من الإشارات السلبية و التي حثّت البنك أن يخفض توقعاته للنمو في تقرير التضخم السابق له و يُشير عن مدى تعلّق اقتصاده بمنطقة اليورو و أزمتها.
و الآن يدور في أذهان المستثمرين السؤال عن ماهية السياسة التي سيتخذها البنك، فهل سيكون أجرأ من نظيره الأوروبي و يقوم بأخذ سياسات تحفيزية داعمة للاقتصاد تحسباً من استمرار الاقتصاد بحالة الركود و في محاولة لنشل الاقتصاد من هذه الدائرة خاصة بعد أن تراجعت مستويات التضخم بشكل ملفت في النصف الأول من العام الجاري كما كان قد أشار البنك سابقاً لتصل خلال شهر نيسان إلى المستويات المقبولة لدى البنك عند 3.0%.
فهل سيكون هذا التراجع بمستويات التضخم حافز لصانع القرار البريطاني للمُضي قدماً بالسياسات التحفيزية التي وعد بها سابقاً في حال احتاج الاقتصاد لذلك، و هل سيكون هنالك حاجة لدعم الاقتصاد أكثر من الآن؟، فقد دخل الاقتصاد إلى دائرة الركود خلال الربع الأول بانكماشه لربعين متتاليين بوتيرة وصلت إلى 0.3% خلال الربع الأول و لم يكتفِ الاقتصاد بذلك بل أنه تابع مسيرته الانكماشية بإظهار المزيد من الإشارات السلبية عن مختلف قطاعاتها و كان أبرزها الأسبوع الماضي عند انكماش القطاع الصناعي بوتيرة محبطة حقيقة وصلت إلى 45.9.
ربما يجب على البنك المركزي البريطاني التجاوب إيجابا مع مطالبات صندوق النقد الدولي التي ناشدت البنك بتوسيع برنامج شراء الأصول في سبيل دعم اقتصادها المتعثر و خلق جدار للاقتصاد الملكي يحمي نفسه به من أزمة الديون السيادية و آثارها التي تُلقي بثقلها على الاقتصاد البريطاني و تؤثر عليه سلباً، و خاصة و أن مستويات الإنفاق الداخلية في الدولة هشة أصلاً نظراً للسياسات التقشفية التي تتبعها الحكومة الائتلافية في سبيل خفض نسبة عجزها و السيطرة على مستويات الدين العام.
نشير هنا إلى أن نتيجة تصويت أعضاء لجنة السياسة النقدية في البنك لقرار الفائدة السابقة كانت بالإجماع على تثبيت سعر الفائدة عند المستويات المتدنية عند 0.5% في سبيل فتح مجال للأنشطة الاقتصادية، و لكن اختلف معهم العضو دايفد مايلز حول برنامج شراء الأصول ليناشد برفع البرنامج بقيمة 25 مليار جنيه إضافية في سبيل دعم الاقتصاد.
و تبقى الأمور الآن بين أيدي أعضاء اللجنة فهل سينضم الأعضاء الآخرين في اللجنة لدايفد مايلز و يطالبوا برفع برنامج شراء الأصول، أم أنهم سيبقون خائفين و مترددين رغم دخول الاقتصاد في الركود و ماذا يحتاجون أكثر من ذلك.