أظهرت دراسة نشرت أمس أن منطقة اليورو التي تضم 17 دولة تتجه نحو تباطؤ اقتصادي محتوم خلال الأشهر المقبلة، وذلك رغم التحسن المفاجئ في شعور المستثمرين. وارتفع مؤشر مديري المبيعات الصادر عن مركز ماركيت ريسيرش ومقره لندن إلى 47.2 في نوفمبر مقابل 46.5 في أكتوبر.
وبهذا يظل المؤشر الذي يقيس مشاعر قطاعات الخدمات والتصنيع في الشركات دون 50 نقطة، وهو ما يعني استمرار توقعات الانكماش. لكن في الجانب الآخر تراجعت العديد من المؤشرات، فقد تراجعت ثقة المستهلكين في الاقتصاد الأوروبي خلال الشهر الحالي إلى أدنى مستوى لها منذ 27 شهرا بسبب المخاوف من أزمة ديون منطقة اليورو، كما ان الطلبيات الصناعية الجديدة في منطقة اليورو تراجعت في سبتمبر مسجلة أكبر انخفاض منذ ديسمبر عام 2008 والتراجع أسوأ بكثير من توقعات الاقتصاديين، في أحدث مؤشر على أن أوروبا تتجه نحو حالة ركود.
الطلبيات الصناعية
وقال مكتب الاحصاءات الاوروبي (يوروستات) ان الطلبيات في منطقة اليورو التي تضم 17 دولة انخفضت 6.4% في سبتمبر بالمقارنة مع أغسطس، أي أقل بكثير من توقعات بانخفاض بنسبة 2.5%، وسجلت فرنسا وألمانيا انكماشات كبيرة.
وسجلت طلبيات السلع الرأسمالية وهي مؤشر على الاستثمار في المعدات الجديدة أكبر تراجع في سبتمبر بالمقارنة بالشهر السابق فنزلت 6.8% في ما يشير الى أن مديري المصانع والشركات أصدروا توجيهات واضحة بتقليص خطط التوسع. وعلى أساس سنوي تراجعت الطلبيات الصناعية الجديدة في منطقة اليورو 1.6% في سبتمبر، في حين كان اقتصاديون يتوقعون زيادة بنسبة 8%. وباستثناء السلع المتقلبة مثل السفن و السكك الحديدة ومعدات الفضاء، فإن الطلبات الصناعية تراجعت خلال سبتمبر الماضي بنسبة 4.3 % في منطقة اليورو و بنسبة 2.1 % فى الاتحاد الأوروبي، بحسب ما ذكره اليوروستات.
ثقة المستهلكين
وذكرت المفوضية الأوروبية أن مؤشرها الأولي لقياس ثقة المستهلكين في اقتصادات منطقة اليورو التي تضم 17 دولة انخفض من سالب 19.9 نقطة الشهر الماضي إلى سالب 20.4 نقطة خلال نوفمبر الحالي. وهذا التراجع هو الخامس على التوالي. وانخفض المؤشر إلى أدنى مستوى له منذ أغسطس 2009 عندما كانت المنطقة تكافح من أجل الخروج من دائرة الركود. وقال مارتن فان فلايت المحلل الاقتصادي في "آي.إن.جي بنك" إن تصاعد أزمة الديون والحديث عن الخروج من منطقة اليورو وتنامي المخاوف من دورة ركود اقتصادي جديدة أثرا سلبا في ثقة المستهلكين في مختلف أنحاء منطقة اليورو. وكان محللون يتوقعون تراجعا أكبر في المؤشر ليصل إلى سالب 21 نقطة. ومن المقرر أن تصدر المفوضية وهي الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي تفاصيل المؤشر الأسبوع المقبل.
نظرة متفائلة
لكن في الجانب الآخر استبعد ينس فايدمان رئيس البنك المركزي الألماني دخول اقتصاد ألمانيا دائرة الركود مجددا، لكنه حذر من أن تقييمه للاقتصاد مازال غير مؤكد في ضوء اتساع أزمة ديون منطقة اليورو، داعيا إلى التحرك من أجل مواجهتها.
وكان فايدمان يتحدث أمام المؤتمر السنوي لاتحاد أصحاب العمل في ألمانيا بي.دي.أيه في برلين. وقال إنه في هذه اللحظة لا يتوقع ركودا لكنه وصف الأفق الاقتصادي بأنه غامض بشدة. وأضاف: نستطيع فقط تفادي الركود إذا لم تتصاعد أزمة الثقة الحالية. وكان البنك المركزي الألماني قد خفض أمس توقعاته لنمو الاقتصاد العام المقبل إلى ما بين 0.5% و1% مقابل 1.8% كتوقعات سابقة.
يأتي ذلك فيما حذر اتحاد أصحاب العمل (بي.دي.أيه) في ألمانيا من الانتشار المفرط لمشاعر التشاؤم بشأن آفاق الاقتصاد العالمي. وقال دايتر هوندت رئيس الاتحاد خلال مؤتمره السنوي في برلين إنه لا يجب السقوط في التشاؤم مع كل سحابة تظهر في الأفق الاقتصادي. وأضاف: من الممكن دائما أن نتحدث عن الركود، لكن ليس من مصلحة أي شخص في البلاد أن نلحق به.