ساحاول اليوم أن نلقي الضوء على التأثير المتبادل بينهما و رد فعل الأسواق تجاه القرارات المختلفة من قبل صانعي السياسات النقدية.
عندما نحاول أن نحدد علاقة معينة بين حركة العملات العالمية مع حركة بورصات الأسهم العربية نجد أن هذه العلاقة ضعيفة وذلك نظرا لأن التداول في البورصات يعتمد على العملات المحلية و التي لا تشهد تداول في أسواق العملات العالمية. و لكن قد تتأثر حركة الأسهم في البورصات العربية بعض الشيء بحركة الدولار و ذلك نظرا لارتباط معظم عملاتنا العربية بالدولار بشكل أو بآخر، لذا لا يمكن أن نتجاهل حركة أسواق العملات العالمية حتى و إن لم تكن هناك علاقة مباشرة بينها وبين البورصات العربية.
هذا و نجد أن الأمر مختلف تماما عندما نطبق هذه القاعدة مع البورصات العالمية فنجد أن سوق الأسهم و سوق العملات عبارة عن دائرة واحدة تكمل بعضها البعض. فأسواق الفوركس لا تتحرك بشكل عشوائي ناتج عن المضاربة من قبل المشاركين في الأسواق فقط، و إنما حركة العملة غالبا ما تعكس الأداء الاقتصادي للدولة صاحبة هذه العملة ( وأقول غالبا لأنه هناك حالات ترتفع فيها العملة بشكل مبالغ فيه لا يعكس الأداء الضعيف لاقتصاد دولتها، ويرجع هذا إلى العديد من الأسباب أهمها هو إقبال العديد على شرائها لتحوطهم من مخاطرة معينة أو نظرا لتأثر العملة بحركة سلعة معينة مثل النفط الخام أو الذهب).
منذ كون حركة العملة تعكس كما أشرنا الأداء الاقتصادي للدولة فإن هذا سيكون له علاقة وثيقة بأسهم هذه الدولة التي تؤدي نفس الغرض أيضا، ويظهر هذا بشكل أكثر وضوحا في حركة العملة مقارنة مع حركة مؤشرات أسواق الأسهم نظرا لأن المؤشر يعكس متوسط حركة الأسهم الداخلة فيه. فعلى سبيل المثال في حالة ارتفاع مؤشر داو جونز في بورصة نيويورك بنسبة 0.5% في نهاية أحد أيام التداول، معنى هذا أن أسهم 30 شركة هي المدرجة في مؤشر داو جونز قد ارتفعت أسعارها بنسبة 0.5% وهذا ينعكس أيضا بشكل إيجابي على تداولات الدولار الذي يمثل عملة الولايات المتحدة الأمريكية أمام غيره من العملات.
وسنعرض الآن أهم مؤشرات البورصات العالمية التي تؤثر أخبارها بشكل مباشر على مستويات أسعار العملات في أسواق الفوركس.
أحد أهم العوامل التي تؤثر أيضا على تحركات كل من الأسهم و العملات هي القرارات المالية التي تصدر عن صانعي السياسات النقدية في الدول إلى جانب المؤشرات الاقتصادية التي قد يكون لها تأثير مختلف على كل من العملات الأسهم. وسنتعرض لمثال على هذا بشكل موجز:
القرارات التي يصدرها صانعي السياسات النقدية في الدولة (البنوك المركزية) تؤثر بشكل كبير على أسعار الأسهم و بالتالي على العرض و الطلب بالنسبة لعملة هذه الدولة في أسواق الفوركس. و من هذا النحو سندرس أحد أهم القرارات التي تصدرها البنوك المركزية وهو قرار سعر الفائدة وأثر الزيادة أو التخفيض في الفائدة على حركة الأسهم و العملات.
في حالة رفع أسعار الفائدة:
يقوم البنك المركزي في دولة ما بزيادة أسعار الفائدة في حالات معينة أهمها ارتفاع معدلات التضخم في الدولة لتتخطى النسب الموضوعة من قبل البنك المركزي، ومعنى هذا انخفاض القيمة الشرائية للعملة نظرا لارتفاع الأسعار أو لزيادة المعروض النقدي من العملة في الأسواق المالية. في هذه الحالة يصبح القرار الأمثل من قبل البنك المركزي هو رفع أسعار الفائدة للعمل على تشجيع رؤوس الأموال للاتجاه إلى القطاع المصرفي للاستفادة بسعر الفائدة المرتفع وهو الذي من شأنه أن يقلل من السيولة النقدية في الدولة و الذي يعمل على تخفيض حدة التضخم.
التأثير على العملة:
عند زيادة أسعار الفائدة في الدولة سيعمل هذا على زيادة الطلب و الإقبال على عملتها نظرا لرغبة المستثمرين داخل الدولة أو خارجها في الاستثمار في القطاع البنكي و المصرفي لهذه الدولة نظرا لارتفاع العائد وهو الأمر الذي يتطلب الحصول على عملة هذه الدولة مما يزيد من الطلب عليها لترتفع قيمتها في أسواق الفوركس مقابل العملات الأخرى، و تكون أفضل نتيجة لهذا هو ارتفاع القيمة الشرائية للعملة مجددا وهو الأمر الكافي لمكافحة الارتفاع في التضخم وإعادته مؤشرات التضخم إلى المنطقة الآمنة.
التأثير على الأسهم:
عند زيادة أسعار الفائدة في الدولة تقوم رؤوس الأموال بسحب أموالها من الأسواق المالية المتمثلة في التداول و المضاربة على أسعار أسهم الشركات نظرا لأن العائد المقدم من قبل القطاع البنكي في هذه الفترة يكون أفضل بالنسبة للمستثمر من الذي يحصل عليه من تداوله على أسهم الشركات. ومن هنا يقل الطلب على أسهم الشركات لتنخفض قيمة هذه الأسهم مما يضطر الشركات نفسها إلى تخفيض أسعار منتجاتها للعمل على جذب المزيد من الطلب على الشركة نفسها وهو الأمر الذي يعمل على دعم سهم الشركة مجددا إلى جانب انخفاض الأسعار الذي يساهم في الحد من ارتفاع التضخم.
من المثال السابق لاحظنا أن قرار رفع سعر الفائدة له تأثير مختلف على كل من العملات و الأسهم بالنسبة للدولة؛ وفي حالة خفض أسعار الفائدة يحدث عكس ما تم إيضاحه.
بهذا عرضت عيكم وشرحت بشكل مبسط العلاقة التي قد تكون بين أسواق الأسهم (البورصة) و أسواق العملات (الفوركس)
اتمنى ان اكون افدتكم
.[PHP][/PHP]