منذ تأسيس النظام المصرفي العالمي وبدأت العلاقات الاقتصادية في التشابك، بالإضافة إلى ارتفاع معدلات التبادل التجاري، وتعدد العملات المتداولة أصبحت اقتصاديات العالم مرتبطة بعضها البعض بطريقة تجعل من السياسات النقدية التي يتم تطبيقها في دول معينة تؤثر على الإنجاز الاقتصادي للدول الأخرى، في الوقت الذي يعاني فيه النمو الاقتصادي من المعوقات والمشاكل التي دائما ما تحول دون مواصلة نموه، ومن أبرز المشكلات التي تواجه النمو الاقتصادي هي تزايد ارتفاع التضخم وارتفاع أسعار الفائدة اللذان ينعكس أثرهما بشكل مباشر على سعر صرف العملة المحلية مقابل العملات الأخرى وذلك لأن التضخم يسهم دائما في انخفاض القوة الشرائية للعملة وبالتالي يؤدي إلى زيادة الأموال المطلوبة لتمويل المشروعات وغيرها، وبما أن النقود تستخدم في المعاملات الاقتصادية سواد على الصعيد الداخلي أو الخارجي، لذا فقد أردنا في هذه المقالة أن نوضح تقلبات سعر الصرف وأثر التضخم وسعر الفائدة في تحديدها.
أسباب تحويل العملة:
في البداية وقبل أن نتحدث عن سعر الصرف والمفاهيم المتعلقة به سوف نوضح أولا الأسباب الدافعة إلى تحويل العملة بعملة أخرى، باعتبار أن عملة الدولة المحلية للدولة لا يتم اعتمادها بالضرورة كأساس في التعاملات المالية والتجارية بين الدول، وهو ما أبرز الحاجة إلى إنشاء سوق الصرف الأجنبي حيث تباع وتشترى العملات الأجنبية لهذه الأسباب:
المعاملات التجارية ، الاستثمارات الأجنبية ، دفع الفوائد على الأرباح ، المساعدات الأجنبية ، دفع الديون
سعر الصرف:
يقصد بسعر الصرف هو عملية تحويل عدد وحدات من عملة معينة بعدد وحدات من عملة أخرى، أي ما يوازي قيمة أو ثمن عملة معينة مقومة في شكل وحدات من عملة أخرى، وتتطلب عملية تحويل العملات لبعضها معرفة الوسائل والأساليب وكذا مختلف القوى التي تؤثر في تحديد نسب مبادلة عملات الدول المختلفة، وبالتالي معرفة معدل أو سعر العملة الوطنية بما تساويه أو تعادله من وحدات العملة الأجنبية.
مثال: إذا أردنا معرفة سعر صرف الجنيه الإسترليني مقابل الدولار الأمريكي، فإن هذا يعني عدد الدولارات التي يمكن استبدالها بالجنيه الإسترليني في سوق الصرف الأجنبي، فمثلا إذا كان سعر صرف الجنيه الإسترليني يساوي 1.57 دولار، فهذا يعني أن أي مواطن بالمملكة المتحدة يستطيع أن يشترى بكل جنيه إسترليني دولار وسبعة وخمسين سنت, وبالمثل إذا كان سعر الدولار الأمريكي هو 5.98 جنيه مصري، فهذا يعني أن أي مواطن أمريكي يستطيع أن يشتري بكل دولار خمسة جنيهات وثمانية وتسعون قرش.
أنواع سعر الصرف
سعر الصرف الإسمي:
هو مقياس لقيمة عملة دولة ما، والتي يمكن مبادلتها بقيمة عملة دولة أخرى، ويتم تحديد سعر الصرف الإسمي لعملة ما تبعا للطلب والعرض عليها في سوق الصرف في لحظة زمنية معينة، ولهذا يمكن لسعر الصرف أن يتغير تبعا لتغير الطلب والعرض.
وينقسم سعر الصرف الإسمي إلى سعر صرف رسمي وهو المعمول به في التعاملات الجارية الرسمية، وسعر صرف موازي وهو السعر المعمول به في الأسواق الموازية.
كما أن سعر الصرف الإسمي يتغير يوميا إما إيجابا أو سلبا بالنسبة لقوة العملة مقابل العملات الأخرى في سوق الصرف، ويستجيب هذا السعر لمجموعة من المحددات كتغير الأسعار المحلية والدولية وتطور أسعار الفائدة بالإضافة إلى العوامل النفسية للمتعاملين، كما تتحدد اتجاهات تقلبات هذا السعر الإسمي من خلال مؤشر سعر الصرف الذي يعكس متوسط التقلبات في قيم العملات الأخرى بالنسبة لعملة معينة وذلك مع إعطاء كل عملة من العملات وزنا مرجحا بالتوازي مع دور الدولة في العلاقات النقدية والتجارية الدولية.
سعر الصرف الحقيقي:
سعر الصرف الحقيقي هو عدد الوحدات من السلع الأجنبية اللازمة لشراء وحدة واحدة من السلع المحلية، فمثلا ارتفاع معدل الصادرات بالتزامن مع ارتفاع تكاليف إنتاج المواد المصدرة بنفس المعدل لا يدفع إلى زيادة الصادرات لأن هذا الارتفاع في العوائد لم يؤد إلى تغيير في أرباح المصدرين.
ومع تطورات وتغيرات كلا من معدلات الفائدة ومستويات الأسعار في جميع الدول بالإضافة إلى سلوكيات المتعاملين في سوق الصرف الناتجة عن العوامل النفسية فإن سعر الصرف الإسمي لا يعبر عن سعر الصرف الحقيقي، وذلك لأن سعر الصرف الحقيقي يجمع تقلبات سعر الصرف الإسمي ومعدلات التضخم، كما أن السعر الحقيقي للصرف يعبر عن مستوى القدرة التنافسية لأسعار سلع الدولة.
حيث أنه في حالة اتجاه مؤشر سعر الصرف الحقيقي نحو الارتفاع فإن ذلك يدل على ضعف القدرة التنافسية للسلع المصدرة من حيث الأسعار، وعلى العكس في حالة انخفاض المؤشر فإن ذلك يعتبر عامل إيجابي يؤدي إلى ارتفاع القدرة التنافسية وبالتالي تشجيع الصادرات، لذلك فإن حركة المؤشر الحقيقي للصرف ذات أهمية كبيرة بالنسبة لميزان المدفوعات بالإضافة إلى تطور ونمو الأسواق السلعية والنقدية والمالية.
أسعار الصرف المتقاطعة
هي الأسعار التي تتم في الأسواق النقدية (الفوركس) من خلال تبادل العملات الأجنبية لبعضها وقد تطورت مختلف التعاملات النقدية خلال الثلاث عقود الأخيرة وذلك نتيجة المخاطر والخسائر المترتبة عن التعويم والتقلبات الكبيرة في أسعار صرف العملات وقد اتخذت هذه التعاملات صيغا أهمها صيغة التحويل الآني وصيغة التحويل الآجل فشكلت فيما بعد أسواقا أطلق عليها الأسواق الآنية والأسواق الآجلة والمستقبلية.
كما أن التعاملات والتحويلات ترتبط بسعرين، سعر للبيع وسعر للشراء لكل عملة مع ما يقابلها من عملات أخرى وترتبط أسعار صرف العملات مع بعضها وفق مفهوم المثلث التوازني لشراء وبيع عملة مقابل أخرى والتي تنتهي بعائد للعملة الأصلية من أجل تحقيق أعلى الأرباح ووجود هذا المثلث غالبا ما يجعل بعض أسعار العملات تحقق فوائض مقابل الأخرى.
يتبع بالتوفيق للجميع ان شاء الله