توقعات مشجعة لبيانات اليوم، والمستثمرون في انتظار تقرير العمالة الأمريكي
وصلنا عزيزي القارئ إلى آخر أيام الأسبوع الأول في العام الجديد حاملا في طياته الكثير من البيانات الصادرة عن الاقتصاد الأمريكي، مشيرين إلى أن الأوضاع في الولايات المتحدة أخذت بالتحسن بشكل نسبي وتدريجي خلال شهر تشرين الثاني وكانون الأول الماضيين في بعض القطاعات الرئيسية، إلا أن الاقتصاد لم يتمكن من التقدم بالشكل المنشود وسط الشوائب التي تكونت من أعقاب الأزمة المالية الأسوأ منذ الكساد العظيم والتي تحد من تقدم الاقتصاد الأمريكي بالشكل المنشود.
ونشير أن البيانات الأهم ستصدر اليوم من قبل القطاع الأكثر نزيفا حتى الآن من أسوأ أزمة ركود منذ الحرب العالمية الثانية، ألا وهو قطاع العمالة الأمريكي، حيث بداية سيصدر تقرير العمالة عن شهر كانون الأول والذي من المتوقع أن يشير بأن الاقتصاد الأمريكي تمكن خلال الشهر من إضافة 155 ألف وظيفة مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 39 ألف وظيفة مضافة.
كذلك من المتوقع أن يضيف القطاع الخاص 175 ألف وظيفة مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 50 ألف وظيفة مضافة، واضعين بعين الاعتبار أن تقرير ADP للتغير في وظائف القطاع الخاص أشار إلى أن القطاع أضاف 297 ألف وظيفة خلال كانون الأول وبافضل من التوقعات مع العلم أن هذا الرقم هو الأعلى في تاريخ التقرير، أما القطاع الصناعي فمن المحتمل أن يتمكن من إضافة 5 آلاف وظيفة خلال كانون الأول مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 13 آلاف وظيفة مفقودة خلال تشرين الثاني.
وثانيا نشير إلى أن معدل البطالة عن شهر كانون الأول من المتوقع انخفاضه إلى 9.7% مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 9.8%، الأمر الذي قد يكون بوادر خير بالنسبة لقطاع العمالة بشكل خاص للاقتصاد الأمريكي بشكل عام، ولكن يجب أن نغفل بأن معدلات البطالة لا تزال ضمن المستويات الأعلى لها منذ حوالي ربع قرن، لتصبح المعضلة الأصعب بين باقي العقبات التي تقف في طريق تعافي الاقتصاد الأمريكي، مشيرين بأن المحللين يعتقدون بأنه على الاقتصاد الأمريكي إضافة ما يصل إلى 130 ألف وظيفة بمعدل شهري حتى يتسنى لمعدلات البطالة الهبوط بشكل ملحوظ.
وذلك لأن مفتاح نجاة الاقتصاد الأمريكي وخلاصه يكمن في معدلات البطالة وقطاع العمالة، ولكن البرنامج الذي أعلن عنه الفدرالي الأمريكي مع بداية تشرين الثاني يهدف إلى شراء سندات طويلة الأجل بمقدار 600 مليار دولار موزعة على 75 مليار دولار شهريا بدورها قد تعمل على رفع كفاءة البنوك في مسألة الإقراض بالنسبة للمستهلكين والإقتراض بالنسبة للبنوك بين بعضها البعض، ناهيك عن مسألة تعزيز الاستثمارات لخلق فرص عمل أكثر.
حيث أن مسألة ضخ أموال بهذا الحجم يعطي أملا في انخفاض نسبي لأسعار الفائدة على القروض مستقبلا، وهذا ما قد يدفع بالمستهلكين للحصول على قروض جديدة، وبالتالي تعزيز عجلة الاقتصاد أو بمعنى آخر ارتفاع مستويات الإنفاق، الأمر الذي قد يعود بالإيجاب على نمو الاقتصاد، وذلك باعتبار أن إنفاق المستهلكين يمثل حوالي 70% من الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي، واضعين بعين الاعتبار ووفقا لبعض التقديرات فإن الاقتصاد الأمريكي يجب أن يضيف شهريا ما يصل إلى 140 ألف وظيفة بالمعدل ليعمل على خفض معدلات البطالة بشكل ملحوظ.
مشيرين عزيزي القارئ أن الاقتصاد الأمريكي لا يزال في مواجهة مع العوائق التي تشكلت خلال أزمة الركود وبقيت جراء عواقب هذه الأزمة متمثلة في أوضاع التشديد الائتماني وسط تضييق السياسات الائتمانية بوضع أسس وشروط أكثر صرامة مما سبق، مما يحد من قابلية المستهلكين للحصول على قروض جديدة وهذا ما ينعكس بالسلب على مستويات إنفاق المستهلكين.
كما وسيصدر أيضا عن الاقتصاد الأمريكي مؤشر ائتمان المستهلك عن شهر تشرين الثاني والذي من المتوقع أن يرتفع بشكل طفيف إلى 0.5 مليار دولار أمريكي مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 3.4 مليار دولار أمريكي، وذلك وسط العوائق التي ذكرناها أعلاه.
وما علينا عزيزي القارئ إلا أن ننتظر البيانات الصادرة حتى تتمكن الأسواق من تحديد وجهة الاقتصاد الأمريكي وسط تعثر قطاع العمالة الأمريكي، وفي خضم التراجع الذي طرأ على الاقتصاد ككل، وهذا للإجابة على سؤال مهم، ألا وهو إلى متى سينقطع نزيف قطاع العمالة؟ حيث أن هذه البيانات ستحرك الأسواق اليوم بحسب الثقة أو القلق الذي سينتاب المستثمرين حال صدورها، الأمر الذي سيتحكم في تداولاتهم...