نظرة على وضع عملة البيتكوين في العالم العربي
غزت العملة الافتراضية “بيتكوين” العالم خلال السنوات الاخيرة ويتم تداولها افتراضيا عبر شبكة الانترنت واستخدامها لعمليات البيع والشراء.
ولكن لا يزال العالم العربي يتعامل بحذر مع عملة البيتكوين. وباستثناء دبي ومطعم واحد في العاصمة الأردنية عمّان، وسوق السفير في الكويت، فلا تداول عربيا بهذه العملة التي لا يزال العالم يتعامل معها بكثير من الريبة، وكثير من عدم الفهم.
ماهي “البيتكوين”؟
هي عملة افتراضية غير ملموسة، وتتميز عملة البيتكوين بسهولة استخدامها وبعدم الحاجة إلى وسيط، كما أنها لا تستند إلى أي من البنوك المركزية، وهي تتداول عبر الإنترنت فقط من دون وجود فيزيائي لها، ويمكن استخدامها كأي عملة أخرى للشراء الكترونيي.
وكانت السلطات الروسية قد منعت استخدام العملة الإلكترونية “بيتكوين”، وأظهرت لجنة من الخبراء الروس(وفق ما أوردته قناة روسيا اليوم)، أن العملة الافتراضية “بيتكوين” يمكن أن تستخدم بشكل مثالي في عمليات غسل وتبيض الأموال وتمويل الإرهاب، وأنها تشكل تهديدا لصعوبة السيطرة عليها وتتبعها.
دفعت الأزمة الاقتصادية العالمية في 2007 ومطلع 2008 بكثير من أصحاب العقول والمبتكرين والمختلفين، إلى التفكير بخروج غير تقليديّ من هذه الأزمة؛ حتى إن بعضهم فكر بحل جذريّ يحرر الاقتصاد العالمي من هيمنة الدول الكبرى والشركات الكبرى والحسابات السياسية الكبرى، وبالتالي التخلص من هيمنة البنك الدولي، والتخلص كذلك من الآليات التقليدية للتداول وتقييم العملات وأعراف صكها وضرب فئاتها. كما جاءت الفكرة أيضاً كشكل من أشكال تخفيف ضرائب تداول البطاقات المدفوعة مسبقاً، وكذلك ضرائب التحويل والدفع الإلكتروني.
من هنا جاءت، كما يرى المدون أحمد عطية رمضان، الفكرة الغريبة الجديدة من نوعها التي تبناها شخص قيل إنه ياباني في البداية ويحمل اسم ساتوشي ناكاموتو، ليتبيّن هذا العام، وكما كشف هو نفسه، أنه شخص أسترالي اسمه كريغ ستيفن، مقدماً دلائل تقنية حاسمة على صحة ادعائه.
المهم أن ناكاموتو أو ستيفن سيان، تبنّى فكرة إطلاق البيتكوين، ليبدأ ما يمكن تعريفه عالمياً بالمرحلة البيتكونية على صعيد العملات الكونية. تعدين البيتكوين يتأسس بناء على عمليات لوغارتمية خوارزمية رياضية معقدة، وهي عملية تعتمد على صلابة جهاز الحاسوب وقدرته على التجاوب مع سلسلة معقدة من العمليات والإجابات والمشاركات والتعاونيات، ومن ثمّ يزيد رصيد المعدِّن أو يقل بحسب قدرات جهازه الحاسوبي، وبحسب قدرة الصبر والعمل الدؤوب لديه، ومثابرته ومدى إيمانه بالمسألة من أساسها.
أبدى محافظ البنك المركزي التونسي الشاذلي العياري اليوم الثلاثاء، معارضة شديدة لدخول مسالة تداول الاموال الافتراضية “بيتكوين” الى السوق التونسية.
وقال العياري خلال منتدى عربي يناقش مسالة الجرائم المالية الذي ينظمه الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب بتونس “ان هذا العملة اكثر اشكالا من نظيرتها التقليدية ويمكن استعمالها في تمويل الارهاب”.
وأوضح العياري ان العملة الافتراضية “بيتكوين” تستخدم امكانيات تكنولوجية عالية ويصعب تعقبها مما يجعلها ملاذا امنا لتمويل عمليات ارهابية خاصة وان الحكومات تعوزها الامكنيات في هذا المجال، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء الرسمية “وات”.
الاقتصادي الأميركي جيم ريكاردز مؤلف كتاب “حروب العملات” لا ينكر تحفظه حول البيتكوين، ويقول في فيلم وثائقي حول هذه العملة: “البيتكوين هو أحد أقل الموضوعات لديّ؛ لأنني في الواقع متشكك فيها رغم إقراري بالتكنولوجيا الرائعة والمميزة التي تخدم فكرة هذه العملة”.
ريكاردز يقر أخيراً أن التردد بشأنها قد يكون له علاقة بالتردد الذي ينتابنا أمام أي جديد: “إنها وشأنها شأن أي جديد، يجري التعامل مع عملة البيتكوين بقدر من الشك والتخوف والحذر، تماماً كما جرى التعامل مع وسائل الاتصال الحديثة ومواقع التواصل بداية، خصوصاً من قِبل الحكومات والجهات الرسمية وشركات العولمة الكبرى”.
يقول ناكاموتو: “تهدف فكرة البيتكوين لإنشاء اقتصاد مجهول ومكثف ذاتي الدفع مباشر التداول (الند للند) دون وساطة ولا سلطة ولا تعقيدات”.
فيما يدافع المستثمر المصري عصام البسيوني الذي يتعامل بالبيتكوين عن مسألة التهكير والاختراق بالقول: “كما هو حال أي تطبيق أو موقع أو شخص أو كيان إلكتروني، تعرضت وقد تتعرض مستقبلاً بعض المؤسسات التي أنشأت محافظ بتكوين للقرصنة، وهي نسبة خطر واردة (جداً) في أي استثمار أو مشروع آخر”.
كفكرة جديدة تعرضت عملة بيتكوين لاضطراب وتقلب وعصفت بها بعض الأخبار السيئة كإفلاس بنك كندي وشركة يابانية، ولكنها لا تزال تتمدد.
المخرج الأردني عمر حمارنة -مهتم بموضوع البيتكوين وتعامل فيه مدة من الزمن- يستعرض مخاطرها: “المخاوف من تبييض الأموال وغسيلها والاتجار غير المشروع هي من أكبر العوائق التي تقف في وجه مزيد من التمدد لعملة (البت)”.
المستثمر المصري يخلص إلى القول إن كل ما تحتاجه البيتكوين لتنتشر أكثر وتُعتمد أكثر وأكثر، هو “استقرار معقول في أسعارها مقابل العملات الأخرى، المزيد من الإجراءات المتعلقة بالأمن والحماية، سن تشريعات تنظم آليات العمل بها، دفاع الشعوب ودعاة الحرية الاقتصادية والليبرالية كنهج حياة عنها، تأسيس مؤسسات تطوعية تقدم معلومات حولها وتعرف الناس بها.
ولأن الفكرة لا تزال في إطارها المحدود، ومع اقتصار الاعتراف الدولي الرسمي بعملة البيتكوين على ألمانيا فقط، فإن الفقه الإسلامي لم يطور فتوى شرعية نهائية حولها، في هذا السياق لا يرى الشيخ د. عدنان الزهراني، مستشار شرعي وقانوني ورئيس سابق للهيئة الرقابية في بنك الجزيرة، ضيراً بالتعامل مع عملة البيتكوين، ويذهب في مقابلة أجراها معه برنامج “دين ودينار” على قناة” “cnbc، إلى أن كل ما تحتاجه الفكرة هو تدعيمها بتشريعات قانونية تحميها وتحمي المتعاملين فيها.
الزهراني يشير في اللقاء إلى تبني ألمانيا للفكرة، وإلى توجهات لدى ماليزيا لتبني الفكرة أيضاً، ويشبه الخزان الذي يصك العملة حاسوبياً بأي منجم ذهب، كما يرى أن الحماية الرمزية اللوغارتمية المعقدة لعلميات التعدين يمكن أن تكون بديلاً لسبائك الذهب التي تخزن لحماية النقود والحفاظ على قيمتها التداولية.
يذكر أن سعر صرف وحدة البيتكوين وصل نهايات العام 2012 إلى حوالي 1100 دولار أمريكي، ليعود حالياً لما هو حول 460 دولاراً أمريكياً.