أسبوع من العيار الثقيل يطرق أبوابنا في الولايات المتحدة .. عنوانه البيانات التضخمية وبيانات مبيعات التجزئة
يعود لنا الاقتصاد الأمريكي في الأسبوع المقبل من المزيد من البيانات والأخبار الاقتصادية المهمة والرئيسية، عقب الهدوء الذي شهدناه خلال الأسبوع الماضي، مع الإشارة إلى أن العنوان الرئيس والذي يصح أن نطلقه على تداولات الأسبوع المقبل هو: "أسبوع البيانيات التضخمية"، ناهيك عن صدور بيانات مبيعات التجزئة والتي ستلعب إلى جانب البيانات التضخمية دوراً مهماً في تداولات الأسبوع المقبل، لذلك فمن المتوقع أن يشهد الأسبوع المقبل المزيد من التأرجح في تداولاته.
ولا بد لنا من الإشارة إلى أن الأنشطة الاقتصادية أظهرت تراجعاً ملحوظاً خلال الربع الثاني من العام الجاري 2010 وفي كافة قطاعات الاقتصاد الأمريكي بلا استثناء، إلا أن الاقتصاد الأمريكي نجح في التوسع بنسبة 1.6 بالمئة فقط خلال الربع الثاني من العام الجاري، حيث جاء الناتج المحلي الإجمالي بأرقام متواضعة خلال الربع الثاني على خلفية ارتفاع معدلات البطالة في البلاد، ناهيك عن تشديد شروط الائتمان، الأمر الذي يثقل كاهل جميع أنشطة الاقتصاد الأمريكي بلا استثناء، مع العلم بأن تلك الأرقام تؤكد على أن الركود الذي شهده الاقتصاد الأمريكي كان بأسوأ مما اعتقد الجميع.
وسيشهد الأسبوع المقبل صدور تقرير ميزانية الخزينة الأمريكية، حيث تشير التوقعات إلى أن التقرير سيظهر وصول العجز في ميزانية الخزينة الأمريكية إلى 104.0 مليار دولار أمريكي خلال آب، مع الإشارة إلى أن العجز الهائل في الموازنة الأمريكية يواصل وضع المزيد من الضغوطات على عاتق الحكومة الأمريكية، وسط إقرار الحكومة الأمريكية للعديد من الخطط التحفيزية في سبيل دعم الاقتصاد الأمريكي والحفاظ على زخم عجلة الانتعاش والتعافي ضمن الاقتصاد الأكبر في العالم، حيث أقدم البنك الفدرالي الأمريكي مؤخراً على إعادة إحياء برنامج التخفيف الكمي، في مسعى منه لدعم عجلة التعافي والانتعاش المتعثرة في الولايات متحدة الأمريكية.
وفي سياق منفصل فسيصدر عن الاقتصاد الأمريكي في الأسبوع المقبل بيانات تتعلق بمبيعات التجزئة في الولايات المتحدة خلال شهر آب، حيث تشير التوقعات إلى أن تلك المبيعات ارتفعت بنسبة 0.3 بالمئة، بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي بلغت ارتفاعاً بنسبة 0.4 بالمئة، أما مبيعات التجزئة باستثناء المواصلات فمن المتوقع أن ترتفع بنسبة 0.3% بالمقارنة مع القراءة السابقة خلال تموز والتي بلغت ارتفاعاً بنسبة 0.2 بالمئة.
ولا بد لنا من عدم إغفال حقيقة تواجد القطاع الصناعي بقوة في الأسبوع المقبل من خلال بياناته، حيث سيصدر عن الاقتصاد الأمريكي قراءة مؤشر نيويورك الصناعي والخاصة بشهر أيلول، حيث تشير التوقعات إلى أن أنشطة قطاع الصناعة تحسنت في نويورك خلال أيلول لتصل إلى 9.00 بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي بلغت 7.10، كما وسيصدر عن الاقتصاد الأمريكي أيضاً قراءة مؤشر فيلادلفيا الصناعي والخاصة بالشهر ذاته، حيث من المتوقع أن يرتفع المؤشر ليصل إلى 1.5 بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي بلغت -7.7.
يذكر بأن قطاع الصناعة الأمريكي دعم الاقتصاد الأمريكي وساعده على التوسع والنمو خلال الفترة الماضية، وبالأخص خلال الربع الرابع من العام 2009، عندما نما الاقتصاد الأمريكي بنسبة فاقت 5 بالمئة، بسبب تحسن الأوضاع الاقتصادية في قطاع الصناعة، كما وساعد قطاع الصناعة الأمريكي الاقتصاد على النمو بنسبة تعدت 3 بالمئة خلال الربع الأول من العام الجاري 2010، بسبب استمرار القطاع في توسيع دائرة أنشطه الاقتصادية خلال الأشهر العشر الأخيرة.
ومن ثم سيكون موعدنا مع مؤشر أسعار المنتجين الأمريكي والذي سيصدر عن شهر آب، حيث من المتوقع أن يشير إلى ارتفاع طفيف في الأسعار ليصل إلى 0.3% بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي كانت مسجلة عند 0.2 بالمئة، ولكن يجب أن نشير بأن معدلات البطالة المرتفعة وأوضاع التشديد الائتماني لا تزال تثقل كاهل الأسعار لترتفع بالشكل المنشود، لذلك فإننا لا نشهد أي ارتفاع يذكر في أسعار المنتجين، مما يحد من ارتفاع مخاطر التضخم على المدى القريب على الأقل.
وسيصدر عن الاقتصاد الأمريكي خلال الأسبوع المقبل أيضاً مؤشر أسعار المستهلكين في قراءته الخاصة بشهر آب، حيث تشير التوقعات إلى أن المؤشر سيؤكد على أن أسعار المستهلكين لا تزال مكبوحة الجماح، وبالتحديد فإن التوقعات تشير إلى أن المؤشر استقر خلال آب عند 0.3%، أما على الصعيد السنوي فمن المتوقع أن ينخفض المؤشر ليصل إلى 1.1%، في حين تؤكد التوقعات ذاتها على أن مؤشر أسعار المستهلكين الجوهري سيستقر عند 0.1 بالمئة، بينما سيرتفع على الأرجح وبشكل طفيف إلى 1.0 بالمئة على صعيده السنوي.
ولا يزال البنك الفدرالي الأمريكي يشعر بالارتياح حول مستقبل التضخم في الاقتصاد الأمريكي، حيث يتوقع الفدرالي بأن معدلات التضخم سوف تبقى تحت السيطرة خلال العامين المقبلين، وذلك على خلفية ارتفاع معدلات البطالة وتشديد شروط الائتمان، الأمر الذي يواصل إثقال كاهل الأسعار في الولايات المتحدة الأمريكية، مما يعطي الفرصة للبنك الفدرالي الأمريكي للتركيز على عجلة التعافي والانتعاش بدلاً من التركيز على معدلات التضخم في البلاد.
وعلى الرغم من إظهار إنفاق المستهلكين لدلائل وبوادر تحسن معتدل، إلا أن مستويات الإنفاق لا تزال ضعيفة بشكل عام، حيث تعمل معدلات البطالة المرتفعة كمطرقة من صلب تدمر معدلات الإنفاق، ناهيك عن العامل الآخر والذي لا يزال يعمل على تدمير معدلات الإنفاق أيضاً والمتمثل في تشديد شروط الائتمان، مع الإشارة إلى أن الإنفاق يشكل ثلثي الناتج المحلي الإجمالي تقريباً، وبالتالي فلا بد لنا من توقع بقاء معدلات النمو في الاقتصاد الأمريكي تحت وطأة الضغوطات.
وفي النهاية فإن جامعة ميشيغان ستقوم بالإعلان عن القراءة الأولية لمؤشرها الخاص بثقة المستهلكين وذلك لشهر أيلول، حيث تشير التوقعات إلى ان القراءة ستؤكد على أن مستويات الثقة ارتفعت لتصل إلى 69.8 بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي بلغت 68.9.
وكما ترى عزيزي القارئ، فإن الأسبوع القادم سيكون مليئاً بالبيانات والأخبار الاقتصادية المهمة، الأمر الذي يقودنا إلى توقع أسبوع آخر يكون عنوان تداولاته "التأرجح والتقلب" في أداء الأسواق المالية، مع الإشارة إلى أن جميع التوقعات تصب في مصلحة المزيد من الضعف للدولار الأمريكي في تداولات الأسبوع المقبل، وذلك بسبب صدور البيانات بشكل جيد عن الاقتصاد الأمريكي، الأمر الذي سيوجه المستثمرين نحو الأصول ذات العائد المرتفع، في حين من المتوقع أن تشهد أسواق الأسهم المزيد من التأرجح وبحسب البيانات التي ستصدر عن الاقتصاد الأمريكي، وسط بقاء النظرة المستقبلية للاقتصاد الأمريكي قيد أسر الغموض...