الدولار الأمريكي
سجل الدولار الأمريكي ارتفاعا الأسبوع الماضي مقابل العملات الأخرى وسط حالة من التشاؤم بشأن معدلات التعافي الاقتصاد العالمي الفترة القادمة، الأمر الذي أدى إلى اتجاه المتعاملين في سوق العملات نحو العملات الآمنة مثل الدولار الأمريكي والين الياباني بدلا من العملات الأخرى عالية المخاطر مثل اليورو والباوند. وفي الحقيقة فإن الدولار الأمريكي في الوقت الحالي يتواجد عند مستويات هامة للغاية مقابل كلا من اليورو والباوند والدولار الأسترالي. ومن الممكن وبمنتهى البساطة أن يقوم الدولار الأمريكي باختبار أعلى المستويات الأسبوعية التي حققها مقابل تلك العملات الفترة القادمة في سوق العملات. وقد يكون السؤال في الوقت الحالي هي الارتفاع الذي حل بالدولار الأمريكي الأسبوع الماضي مجرد موجة تصحيحية فقط أم أنها بداية موجة اتجاه جديد في المستقبل؟، في الحقيقة فإنه مع بداية الأسبوع الجديد فإنه هناك الكثير من العوامل التي قد تساعدنا على معرفة الأداء المستقبلي للدولار الأمريكي مقابل العملات الأخرى ومساعدتنا في الإجابة على ذلك السؤال السابق.
وبصورة عامة فإن من أهم العوامل التي سوف تؤثر على حركة الدولار الأمريكي بل وباقي العملات في سوق العملات هي الحالة النفسية لدى المستثمرين، وذلك لاعتبار أن معدلات المخاطرة هي المحرك الرئيسي لحركة الدولار الأمريكي كعملة ذات نسبة أمان مرتفعة مقابل العملات عالية المخاطر الأخرى. وبالفعل فقد رأينا وجود حالات من المضاربة على العملات عالية المخاطر مما أدى إلى انخفاضها مقابل الدولار الأمريكي. ولكن هناك أيضًا تهديدات أكثر على العملات الفترة القادمة بالإضافة إلى الحالة النفسية للمتعاملين. ولعل من أهم العوامل التي سوف يهتم بها المتعاملون هي أداء الاقتصاد العالمي في النصف الثاني من العام. وتعتبر المؤشرات المبدئية التي سوف يتم عرضها علينا الفترة القادمة هي القراءات الخاصة بالناتج المحلي الإجمالي الخاص بألمانيا والمملكة المتحدة وأيضا الولايات المتحدة الأمريكية وهي القراءات المراجعة. وفي الحقيقة فإن تلك القراءات عالية الأهمية بصورة كبيرة، وذلك لأنه من المتوقع أن تكون سلبية، ولعل القراءة الألمانية قد تكون ذات الحظ الأوفر من المتابعة والتأثير على حركة العملات وذلك لأن القراءة الأولية الخاصة بها كانت قد سجلت ارتفاعا بصورة كبيرة وبالتالي فإن القراءة المراجعة لها سوف تعمل على إما تأكيد الاتجاه الصاعد للاقتصاد الألماني أو إثارة حالة التشاؤم لدى المراقبين الفترة القادمة. وفي حالة أن جاءت تلك القراءات بصورة سلبية بالفعل فإنها سوف تكون سببا كافيا بأن تؤدي إلى انخفاض العملات عالية المخاطر وارتفاع الدولار الأمريكي في سوق العملات.
ومن الجدير بالذكر أن القراءة الخاصة بالناتج المحلي الإجمالي الأمريكي من الممكن أن تكون من العوامل الرئيسية المحركة للدولار الأمريكي في سوق العملات. وذلك بالطبع لأنها خاصة بالاقتصاد الأمريكي صاحب العملة نفسها، ولكن بصورة عامة فإن التوقعات الحالية تشير إلى احتمال تسجيل قراءات سلبية، ولذلك فإن التأثير الحقيقي للقراءة سوف يظهر بعد الإعلان عنها وليس قبلها وذلك لأن التوقعات بالفعل قد أثرت على السوق خلال الأسبوع الماضي. وفي حالة صدور نتائج إيجابية غير متوقعة، فإن ذلك قد يؤدي إلى عودة الأمل مرة أخرى إلى نفوس المتعاملين مما قد يؤدي إلى انخفاض الدولار وتحرك العملات عالية المخاطر نحو الارتفاع مرة أخرى. ولكن يجب أن نعلم أيضا أن ذلك الإصدار من المنتظر الإعلان عنه يوم الجمعة القادمة لذلك فقد يؤدي انخفاض معدلات السيولة في السوق إلى عدم وجود تأثير عالي وقوي من ذلك التقرير.
من ناحية أخرى فإنه من المنتظر أيضا صدور بيانات اقتصادية أخرى من الولايات المتحدة الأمريكية خلال الأسبوع الجديد، حيث من المنتظر صدور بيانات حول مبيعات السلع المعمرة ومبيعات المنازل القائمة والجديدة الأمر الذي من الممكن أن يؤدي إلى ارتفاع الذبذبة في سوق العملات قليلا.
اليورو
أنهى اليورو تعاملات الأسبوع الماضي على أدنى مستوى له خلال الشهر مقابل الدولار الأمريكي، وكان قد سجل انخفاضا تحت المستوى النفسي الهام 1.27000 وذلك قبل أن يتعافى قليلا عند إغلاق تعاملات يوم الجمعة. والجدير بالذكر فإن ذلك يأتي بعد ارتفاع درجة المخاطرة في سوق العملات قليلا مما أدى إلى اتجاه المتعاملين نحو العملات الآمنة في السوق والبعد عن العملات عالية المخاطر مثل اليورو. من ناحية أخرى فقد سجل مؤشر السوق الياباني انخفاضا بمعدل 2% تقريبا وهي نسبة قريبة للغاية من نسبة انخفاض الأسواق الأوروبية الأمر الذي كان له مساهمة في الضغط على اليورو مقابل الدولار الأمريكي وأدى إلى ارتفاع الدولار الأمريكي. وسوف يكون أداء اليورو/دولار بالنسبة لمستوى 1.2700 معتمدا بصورة كبيرة على أداء البيانات الاقتصادية المنتظرة خلال الأسبوع الجديد.
من المنتظر صدور بيانات حول تقرير IFO الألماني حول ثقة قطاع الأعمال ليكون ذلك البيان الاقتصادي من أهم البيانات الاقتصادية المنتظر صدورها خلال الأسبوع القادم. ويأتي ذلك بعد أن صدرت بيانات حول مؤشر مديري المشتريات الأوروبي الأسبوع الماضي والذي كان له أيضا دورا كبيرا في تغيير الحالة النفسية لدى المتعاملين في سوق العملات بشأن أداء اليورو مما أدى إلى انخفاضه مقابل الدولار الأمريكي. بصورة عامة فإن الرؤية العامة حاليا لا تزال هشة ولا يزال الاقتصاد الأوروبي محاصر بالمشاكل، وبالتالي فإنه في حالة صدور بيانات سلبية فإن ذلك سوف يؤدي إلى استمرار انخفاض اليورو مقابل العملات الأخرى.
ومن الهام أيضا متابعة أداء مؤشر مديري المشتريات المنتظر صدوره من عدة دول أوروبية خلال يوم الاثنين القادم، بالإضافة إلى تقرير IFO الألماني والذي يعتبر من المؤشرات القيادية في توقع المستقبل الاقتصادي لأكبر دولة في المنطقة الأوروبية. وعلى الرغم من أن مؤشر مديري المشتريات يعتبر من المؤشرات التي لا يكون من المتوقع لها أن تكون ذات تأثير قوي على حركة العملات على المدى القصير، إلا أنه يظل من الجيد متابعة القراءة الخاصة به نظرا لاستخدامه كمقياس عام للأداء الاقتصادي الأوروبي. ومن المفضل أيضا متابعة أداء أسواق الأسهم الأوروبية والعالمية نظرا لارتباطها بأداء حركة الأسعار في سوق العملات.
ومما لا شك فيه فإن المتعاملين على اليورو في سوق العملات سوف يتابعون البيانات الاقتصادية الصادرة من الولايات المتحدة الأمريكية بجانب البيانات الاقتصادية المنتظر صدورها من منطقة اليورو أيضا. وعلى الرغم من أنه من المعروف أن شهر أغسطس يعتبر من الأشهر التي تهدأ فيه أسواق المال وتنخفض ذبذبتها بصورة كبيرة، إلا أن الأسبوعين الماضيين كانت معدلات الذبذبة عالية للغاية على غير المعتاد. لذلك فإنه سوف يظل من الجيد في الوقت الحالي متابعة أداء البيانات الاقتصادية المنتظر صدورها من الاقتصاديات الأخرى تحسبا لوجود أي مفاجئات قد تؤدي إلى إما استمرار الحالة النفسية السلبية حاليا أو تغييرها إلى حالة نفسية إيجابية يكون لها تأثير جيد على أداء اليورو والعملات الأخرى.
الباوند
أنهى الباوند تعاملات الأسبوع الماضي في سوق العملات على انخفاض مقابل الدولار الأمريكي، حيث انخفض ما يقرب من 0.35% مقابل الدولار الأمريكي وذلك بحلول نهاية تعاملات يوم الجمعة الماضية. ويأتي ذلك في الوقت الذي قام فيه البنك المركزي البريطاني بالإصدار عن محضر اجتماع لجنة السياسات التابعة له "مينتس" بالإضافة إلى تقرير التضخم. ولكن يبدو أن المتعاملين كانوا يهتمون أكثر بتقرير الناتج المحلي الإجمالي والذي كان له مساهمة أيضا في ارتفاع معدلات المخاطرة مما أدى إلى انخفاض الزوج تحت مستويات المتوسط المتحرك 200 يوم.
من ناحية أخرى فقد أشارت معدلات التضخم انخفاضا إلى مستويات 3.1% خلال شهر يوليو مقابل 3.2% خلال الشهر السابق، الأمر الذي أدى إلى قيام محافظ البنك المركزي البريطاني "ميرفين كينج" بكتابة خطاب إلى وزير المالية يشير فيه إلى أن الرؤية قصيرة الأجل بالنسبة للوضع الاقتصادي قد تحققت بالفعل. وهي أن صناع السياسات في المملكة المتحدة يتوقعون بأن معدلات التضخم سوف تظل مرتفعة قليلا قبل انخفاضها إلى مستويات 1.5% خلال عامين أي تحت 2% التي حددها البنك المركزي كمستهدف به بالنسبة لمعدلات التضخم، الأمر الذي قد يؤدي إلى ارتفاع معدلات الذبذبة بالنسبة للباوند/دولار أمريكي خلال اليومين القادمين، وذلك من أجل امتصاص كل تلك الأخبار، هذا بالتوافق مع تأثير الأخبار الخاصة بقوانين الضرائب الجديدة عام 2011.
أما عن الأسبوع الجديد فإن معدلات المخاطرة هي التي سوف تحدد مسار الباوند/دولار أمريكي في سوق العملات خاصة وأنه هناك بعض البيانات الاقتصادية المنتظر صدورها من المملكة المتحدة. وبصورة عامة فإن القراءة الثانية حول أداء النشاط الاقتصادي عن الربع الثاني من المتوقع أن تظل دون تغيير كبير عن القراءة السابقة والتي كانت عند 1.1%. وفي حالة صدور بيانات تشير إلى تسجيل توسع اقتصادي فإن ذلك سوف يؤدي إلى زيادة الضغوط التضخمية على الاقتصاد الفترة القادمة، الأمر الذي سوف يؤدي إلى استمرار العضو "سينانتس" لدعم قرار رفع أسعار الفوائد. ومن الناحية الفنية يجب أن نعلم أن الزوج في الوقت الحالي يقوم باختبار مستويات المتوسط المتحرك البسيط 200 يوم كمستوى دعم، لذلك فإنه في حالة الانخفاض تحت ذلك المستوى فإنها سوف تكون إشارة سلبية بالنسبة للزوج، ويجب أن نلاحظ أيضا أن المتوسط المتحرك البسيط 50 يوم لا يزال يميل بصورة إيجابية في الوقت الذي نختبر فيه المتوسط المتحرك 200 يوم. لذلك فإنه في حالة احترام ذلك المتوسط المتحرك فإن ذلك قد يؤدي إلى ارتفاع الباوند مرة أخرى، ولكن يجب اختراق مستويات 1.5700 من أجل الحصول على تأكيد كبير بشأن ارتفاع الزوج الفترة القادمة.
الباوند البريطاني
استأنف الباوند البريطاني اتجاهه الصعودي في سوق العملات بعد إغلاقه بانخفاض الأسبوع الأسبق. وتعتبر هذه هي المرة الخامسة التي يغلق فيها أسبوع التداول في سوق العملات بارتفاع من بين الست أسابيع الأخيرة. ويعتبر العامل الأساسي المدعّم لارتفاع الباوند هو قوة البيانات الاقتصادية البريطانية وظهور إشارات بأن أزمة الديون الأوروبية لن تصل إلى الحدود البريطانية. وقد يعتمد الباوند الأسبوع القادم في حركته في سوق العملات على المزيد من الإشارات الايجابية عن الاقتصاد البريطاني وعلى نتائج اختبارات الضغط من البنك الأوروبي، وذلك إن لم تظهر أي عوامل تؤدي إلى ارتفاع معدلات التشاؤم في سوق العملات.
ويستمر الاقتصاد البريطاني في إظهار إشارات تدل على استمرار معدل النمو وذلك في مواجهة الإجراءات التقشفية التي تتخذها الحكومة البريطانية الجديدة. من بين هذه الإشارات انخفاض معدل البطالة بمقدار 20.800 في يونيو، حيث انخفاض المعدل الاستمراري للبطالة للشهر الخامس على التوالي إلى أدنى مستوى خلال عام. وقد كان تحسن الأوضاع في العمل وانخفاض معدل البطالة سبب في ارتفاع معدل النمو الاقتصادي. فقد تراجعت أسعار المستهلك البريطاني من 3.4% إلى 3.1%، ولكنها لا تزال فوق المستوى المستهدف من البنك البريطاني للشهر الخامس على التوالي. وعلى الرغم من ذلك، يعتبر انخفاض معدل التضخم سبب في تراجع الضغط على صناع السياسة النقدية لرفع سعر الفائدة، مما يعتبر عامل سلبي للباوند في سوق العملات.
يكتظ جدول البيانات الاقتصادية الأسبوع القادم بالأحداث البريطانية والتي قد تؤثر بشكل مباشر على حركة الباوند في سوق العملات. من أهم هذه البيانات تقرير صافي القروض في القطاع العام، والذي من المتوقع أن يظهر عنه تراجع العجز في يونيو إلى 13 مليار في يونيو عن كانت عليه في مايو عند 16 مليار باوند. قد يؤدي انخفاض العجز هذا إلى تعزيز النظرة العامة برفع سعر الفائدة البريطانية مع ارتفاع معدل التضخم فوق 3%. كما سيتم الإعلان عن تقرير مبيعات التجزئة والإنتاج المحلي الإجمالي للربع الثاني من العام، ومن المتوقع أن يأتي بقراءة تدل على استمرار معدل الطلب المحلي ومعدل النمو. وإذا تحقق ذلك فسيكون هذا دليل على استمرار الإشارات بقوة الاقتصاد لبريطاني، مما قد يؤدي إلى عودة معدلات الثقة في الباوند بشكل ايجابي. بالإضافة إلى ذلك، لا يمكن تجاهل تقارير أرباح الشركات وتأثيرها المحتمل على معدلات الثقة في الأسواق المالية وسوق العملات، مما قد يكون له تأثير كبير على حركة السعر في سوق العملات على المدى القصير.
أسبوع موفق إن شاء الله