التحليل الأساسي للمعادن الثمينة
امتزاج كبير في الآراء حول اتجاه سعر الذهب خلال الفترة المقبلة
تسود أسواق المعادن الثمينة حالة من التوتّر، فالآراء مختلطة جداً فيما يخص اتجاه المعادن الثمينة و أهمها الذهب، حيث أن الظروف الاقتصادية حالياً لها عدّة احتمالات، و لكل احتمال منها انعكاس متوقع على الأسواق المالية متمثّلة في ثقة المتداولين فيها. يوم الجمعة الماضي، شهدنا ارتفاعاً في أسعار المعادن الثمينة بتأثير من انخفاض سعر صرف الدولار الأمريكي و تحويل بعض السيولة لدى المتداولين إلى أصول في المعادن الثمينة.
ارتفع سعر الذهب خلال جلسة نيويورك يوم الجمعة الماضي بمقدار 0.79%، و أغلق السعر الجلسة عند مستوى 1679.80 دولار للأونصة، في مستويات أعلى بقليل من مستوى إغلاق لندن في سعر القطع عند 1678.00 دولار للأونصة. بالنسبة لسعر الفضة، فقد ارتفع خلال جلسة يوم الجمعة الماضي بمقدار 1.07% و أنهى الجلسة عند مستوى 32.16 دولار، و سعر البلاتين كذلك ارتفع بمقدار 1.50% ليغلق عند مستوى 1552.00 دولار للأونصة.
نستطيع أن نلاحظ بأن البلاتين هو الذي حقق أعلى المكاسب خلال جلسة يوم الجمعة، مما يظهر بعض التفاؤل في الأسواق المالية، و هذا أيضاً ظاهر في أسواق الأسهم الأمريكية التي أغلقت جلسة يوم الجمعة الماضي على ارتفاع، منها ارتفاع مؤشر داوجونز بمقدار 1.45%.
يبدو أن تأثير الدولار الأمريكي أصبح واضحاً في أسواق المعادن الثمينة، و هذا يدل على أن طلب الملاذ الآمن انخفض، لكن العديد من الجهات تحتفظ في كميّات من الذهب في محافظها إلى جانب بعض المعادن الأخرى لتخفيض المخاطر، لكن بالنسبة للطلب المستحدث يومياً، فقد أصبح قليلاً. فالمتداولون الآن يتجّهون إلى أسواق المعادن الثمينة من أجل المضاربة و كذلك تغطية المخاطر أكثر من الاتجاه لها كملاذ آمن.
أزمة الديون الأوروبية مستمرة، و قادة الدول الأوروبية يحاولون إيجاد حل لها. الاقتصاد الدولي يتباطأ، لكن البنوك المركزية في العالم تحاول دعم الاقتصاد الدولي من خلال دعم اقتصادياتها. و هذه الحالة تعطي قلّة و حذراً في طلب الملاذ الآمن، إلى جانب الاحتفاظ في الموجودات السابقة. لذلك، ما لم نرى تغيّراً جذرياً في أوضاع الاقتصاد الدولي أو أزمة الديون السيادية، فقد لا نرى تغيّراً واضحاً في اتجاه المتداولين للملاذ الآمن أو الابتعاد عنه، و بذلك نبقى أمام تحرّكات المضاربة و تحرّكات طلب تخفيض المخاطرة.
طلب تخفيض المخاطرة مرتبط في أسواق العائد المرتفع، حيث كلما زادت الفرص في أسواق العائد المرتفع، نرى المتداولين يتّجهون إلى أسواق المعادن الثمينة لتخفيض المخاطرة، لكن لا نستطيع أن نربط ذلك بشكل تام، فإذا ارتفعت الثقة بشكل كبير، فقد ينخفض طلب تخفيض المخاطرة، لكن حالياً لا توجد أسباب لارتفاع كبير جداً في الثقة ما لم يتم إيجاد حلول جذرية لأزمة الديون السيادية.
من ناحية تحرّك سعر صرف الدولار الأمريكي، فنجد بأنه أيضاً مرتبط في حالة الثقة في الأسواق المالية، لكن بعلاقة عكسية. فارتفاع الثقة و الاتجاه نحو الأصول المرتفعة العائد تسبب انخفاضاً في سعر صرف الدولار، و هذا بدوره داعم لرأينا في أن المعادن الثمينة تعتبر حالياً داعماً للاستثمارات المرتفعة العائد لتقليل مخاطرتها في ظل الثقة التي إن جابت الأسواق، تبقى ممتزجة في القلق.
هذا اليوم، نستطيع أن نرى حالة من شبه الاستقرار في سعر الذهب لكن مع ميل للارتفاع، لكن بالنسبة لسعر الفضة و البلاتين، فنجد بأنهما انخفضا. اتجه المتداولون نحو الأصول المرتفعة العائد خلال الجلسة الآسيوية خصوصاً مع الموجة الصاعدة التي سيطرت على الأسواق، و جنباً إلى جنب مع الاستثمارات المرتفعة العائد، نستطيع أن نرى الذهب يرتفع خصوصاً و أن سعر صرف الدولار يتداول في ميل هابط بالرغم من افتتاحه الذي مال للصعود.
يتداول سعر الذهب اليوم بارتفاع مقداره 0.07% عند سعر 1681.00 دولار للأونصة، لكن بالنسبة لسعر الفضة، فقد انخفض بمقدار 0.62% ليتداول في هذه اللحظات حول مستوى 31.96 دولار. أما البلاتين، فنجده و إذ به انخفض بمقدار 0.45% ليتداول في هذه اللحظات حول مستوى 1545.00 دولار للأونصة. إن هذه الأسعار كما هي حوالي الساعة 03:04 صباحاً بتوقيت نيويورك ( 07:04 بتوقيت غرينتش ).
إن امتزاج الآراء حول اتجاه الذهب خلال الفترة المقبلة ناتج إثر اختلاط رأي المحللين و المتداولين في الثقة في الأسواق المالية و ما قد ينتج عنها من انعكاسات على أسواق المعادن الثمينة. فاستمرار الثقة قد يؤدي في النهاية إلى الاستغناء عن الذهب لتغطية الأصول المرتفعة العائد، لكن في حال استمرت الثقة الممتزجة في القلق و الحذر، فقد نرى الذهب يتعرّض لطلب تغطية المخاطر، و هذه الحالة من الثقة مصدرها الآمال في إيجاد حلول لتباطؤ الاقتصاد الدولي و أزمة الديون السيادية، لكن مع عدم وضع حلول جذرية تظهر لنا إثباتاً على تلاشي تدريجي في الأزمة. لكن، في حال ساد التشاؤم مرّة أخرى، فقد يتعرّض الذهب لطلب ملاذ آمن جديد، لكن في نفس الوقت قد يترفع الدولار الأمريكي. هذا كلّه يشكّل معادلة متعددة الأطراف قد تجعل من الصعب التنبّؤ في حركة سعر الذهب خلال الفترة المقبلة، و كذلك سائر المعادن الثمينة.