التحليل الأساسي للمعادن الثمينة
يبدو أن المعادن الثمينة أصبحت تغطية للمخاطر أكثر من كونها ملاذ آمن
انخفضت أسعار المعادن الثمينة خلال جلسة يوم أمس بشكل واضح، حيث أننا نرى الذهب و قد أغلق جلسة نيويورك على انخفاض مقداره 2.42% بإغلاق عند سعر 1609.70 دولار للأونصة. بالنسبة لسعر الفضة، فقد انخفض انخفاضاً شديداً فاقداً فيه 6.12% ليغلق جلسة نيويورك عند مستوى 2993 دولار للأونصة. أما البلاتين، فقد انخفض بحوالي 1.74% و أنهى جلسة نيويورك عند مستوى 1526.00 دولار للأونصة.
لو نظرنا إلى أداء مؤشرات الأسهم يوم أمس، فسوف نجد أداءً باهتاً أسفر عن إغلاق مؤشرات الأسهم الأمريكية الرئيسية على انخفاض، منها انخفاض في مؤشر داوجونز الأمريكي مقداره 1.61%، و نرى أيضاً بأن مؤشر إس آند بي و قد أغلق على انخفاض مقداره 2.1%. بالنسبة لمؤشرات الأسهم الأوروبية، فقد أبلت أيضاً بلاءً سيئاً يوم أمس.
من مقارنة بسيطة بين ما يحصل في أسواق الأسهم و العائد المرتفع، مع أسواق المعادن الثمينة، سوف نرى بأن المعادن الثمينة تتداول في نفس اتجاه تلك الأسواق تقريباً، و يرجّح البعض بأن موجات الهبوط في أسواق العائد المرتفع منها أسواق الأسهم يسبب ارتفاعاً في سعر صرف الدولار الأمريكي بسبب طلبة كعملة تصفية مراكز مالية، و بذلك يفضّل المتداولون الاتجاه نحو الدولار و الأصول المنخفضة العائد حينها. لكن، عندما ترتفع مؤشرات الأسهم و الأصول المرتفعة العائد، يتم الاتجاه أيضاً إلى أسواق المعادن الثمينة، و هنالك حديث في الأسواق المالية يشير إلى مضاربات تتجه نحو أسواق المعادن الثمينة استغلالاً لانخفاض سعر صرف الدولار، لكن أيضاً تظهر قوى طلب تحاول تخفيض مخاطرة أسواق العائد المرتفع من خلال أسواق المعادن الثمينة، خصوصاً لأن الدولار الأمريكي نراه ينخفض عندما تتحسّن أسواق العائد المرتفع.
إن أزمة الديون السيادية الأوروبية تقلق المتداولين، و تهدد الاقتصاد الدولي في تباطؤ حاد قد يسفر في النهاية عن ركود اقتصادي دولي جديد. و هذا ما يجعل الأسواق المالية تحوم بين التشاؤم و الثقة الممزوجة في الحذر، فلا نرى أي ملامح للثقة المطلقة بل نرى دوماً آمال تسبب الثقة لكن لأن الآمال لا ترتبط في الواقع، نراها دوماً ممزوجة في القلق و الحذر.
بذلك، تشهد الأسواق المالية حالة من الاتجاه للمعادن الثمينة للمضاربة، و كذلك لتغطية مخاطر الأسواق المالية في حال اتجه المتداولون لها. لكن، عندما تنخفض الثقة في الأسواق المالية و تبدأ العملات ذات العائد المرتفع في الارتفاع في أسعارها مقارنة في العملات ذات العائد المرتفع، يتخلّى المتداولون عن أسواق المعادن الثمينة و يتجهون لعملات العائد المنخفض و التي على رأسها الدولار الأمريكي، و الذي في الأصل يؤثر سلباً في ارتفاعه على المعادن الثمينة.
لو نظرنا إلى سعر الذهب خلال الثلاثين يوماً الماضية، سوف نرى انخفاضاً مقداره 9.64% تقريباً مقارنة في سعر الذهب مع الدولار الأمريكي، لكن مقابل اليورو، انخفض سعر الذهب فقط بحوالي 3.69% و مقابل الجنيه الإسترليني انخفض الذهب 5.14% و انخفض مقابل الفرنك السويسري فقط 0.85%. إن هذه الأرقام تظهر لنا بأن الانخفاض الأكبر كان لسعر الذهب مقابل الدولار، و هذا أمر منطقي جداً، فقد ارتفع الدولار مقابل سلّة العملات الأجنبية التي تشمل العملات المشار لها، و بذلك نستطيع أن نرى تأثير ارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي على الذهب يعتبر بقياس سعر الذهب في الدولار فقط، لكن أيضاً نرى بأن نفس سعر الذهب انخفض في الأسواق المالية كإشارة إلى أن هنالك فعلاً عمليات جني أرباح في أسواق المعادن الثمينة، حيث أن المضاربة قررت جني الأرباح من أسواق المعادن.
أسعار المعادن الثمينة اليوم تداولت في إيجابية، و كذلك شهدنا ارتفاعاً في مؤشرات الأسهم الآسيوية في وقت متأخر رغم إغلاق بورصة هونج كونج بسبب الإعصار في هونج كونج، لكن لو نظرنا إلى مؤشر نيكاي الياباني، فسوف نراه و قد ارتفع اليوم بمقدار 0.99%، و كذلك العديد من المؤشرات الأخرى التي تداولت في وقت متأخر وسط انتظار المتداولين لقرار من قادة الدول الأوروبية، و الذي بعث بعض الثقة في احتمال رفع حجم و قدرة صندوق الاستقرار المالي الأوروبي، لكن طبعاً الثقة ممتزجة في القلق، و لو نظرنا إلى أسواق المعادن الثمينة، سوف نرى أنها ارتفعت اليوم لتغطية القلق الذي أشرنا له !
نرى سعر الذهب اليوم يتداول حول مستوى 1629.70 دولار للأونصة الآن بارتفاع مقداره 1.24%، و نرى سعر الفضة الآن يتداول بمكاسب وصلت إلى 3.68% ليتداول سعر الأونصة عند 31.03 دولار للأونصة، فيما البلاتين يتداول الآن بانخفاض مقداره 0.92% و يتداول في هذه اللحظات عند سعر 0.92%. قد نرى المعادن الثمينة تحاول تمديد مكاسبها اليوم، لكن في الحقيقة، أصبح الشك يساور العديد من المتداولين حول احتمالية استمرار الاتجاه الصاعد!