حالة توتّر في الأسواق المالية، و اليورو يتلقّى ضربة أخرى على رأسه
توالت الضربات على اليورو خلال الفترة الماضية، تارة من أزمة الديون السيادية التي تعصف في المنطقة الأوروبية، و أخرى بسبب مخاوف ضعف الاقتصاد الدولي. و نرى التخفيض الائتماني لعديد من الدول الأوروبية. مشاكل أخرى يعتقد بها المتداولين، نتشأت بعد فوز حزب الائتلاف الوطني في فنلدنا و هذا الحزب معروف في اتجاهه نحو عدم تقديم المساعدات مما يقلق من فوز أحزاب أخرى تتجه في نفس الصدد في دول أوروبية أخرى. ليس هذا فقط، بل شدنا اليوم تخفيضاً للتصنيف الائتماني للبنوك الأيرلندية مع استمرار الشكل في قدرة اليونان على الوفاء بالتزاماتها دون إعادة جدولة الديون.
كل ذلك كان نتيجته واحدة على اليورو، و هي ضربة أخرى موجعة على الرأس! لكن متى؟ عندما بدأ الدولار الأمريكي في اكتساب العزم الصاعد من جديد ليجعل مصيبة اليورو أكبر حتى مع أن البنك الأوروبي قام برفع سعر الفائدة مسبقاً و هذا ما جعل اليورو يتحمّل كل الضربات السابقة قبل أن يغيب عن الوعي اليوم من الضربة الأخيرة و القوية!
انخفض سعر صرف اليورو هذا اليوم بشكل قوي مقابل الدولار الأمريكي بعد أن لامس الأعلى له عند مستوى 1.4420 دولار لليورو الواحد، و حتى هذه اللحظة نرى اليورو يتداول في الجزء الأقرب من أدنى سعر له مقابل الدولار الأمريكي عند 1.4298 دولار لليورو الواحد. إن الزوج يتداول حالياً في مستويات بين الدعم 1.4280 و المقاومة 1.4365 و التداولات تميل لصالح الدولار الأمريكي بشكل واضح. لكن، أو أراد اليورو إثبات جدارته و الثبات فوق مستوى الدعم 1.4280، فقد نرى عودة الإيجابية من جديد للزوج خصوصاً و نحن نرى مؤشر ستوكاستيك يتداول في مستويات تشبع في البيع بحسب التحليل الفني.
بالنسبة للجنيه الإسترليني، فلم يكن حظه أوفر من اليورو، فنراه اليوم يتداول بانخفاض بعد ملامسته للأعلى عند سعر 1.6324 و حقق الأدنى حتى هذه اللحظة عند مستوى 1.6241 دولار للجنيه الإسترليني الواحد. التداولات الحالية للجنيه الإسترليني تظهر اتجاه المتداولين للدولار الأمريكي في ظل حالة من التوتّر التي تسود الأسواق المالية مما يسبب موجات من جني الأرباح.
رفع نسبة الاحتياطي الإجباري في الصين للمرة الرابعة هذه السنة رافق رفع آخر في سعر الفائدة خلال الأسبوع الماضي في بنك الشعب الصيني. إن هذه التصرفات من الصين هي بقصد الحد من مخاطر ارتفاع التضخم الذي وصل إلى مستويات هي الأعلى منذ عام 2008 عند 5.4%، و سياسات الصين التي تعتبر متطرّفة بالنسبة للعديد من البنوك المركزية الأخرى، سببت قلقاً في أن يكون ذلك سبباً للضغط سلباً على الاقتصاد الدولي و منها اتجاه المتداولون للدولار الأمريكي مما سبب قوته للدولار دفعت حتى الجنيه نحو الأسفل.
يتداول سعر صرف الجنيه الإسترليني حالياً بين مستوى الدعم 1.6250 و مستوى المقاومة 1.6300 و في حال استطاع الجنيه أن يستقر فوق مستوى 1.6250 فقد نرى عودة الإيجابية. لكن، في حال تم كسر سعر 1.6110، فقد نرى إجمالي الاتجاه خلال هذا الأسبوع يميل للهبوط بحسب ما يشير له التحليل الفني الكلاسيكي.
بالرغم من الارتفاع الذي نراه في سعر صرف الدولار الأمريكي، إلا أن الين الياباني استطاع أن يستفيد من حالة التوتّر التي تسود الأسواق المالية و التي أنتجت انخفاض مؤشرات الأسهم الآسيوية و الأوروبية في أغلبها هذا اليوم. انخفاض مؤشرات الأسهم سبب موجة من الطلب على الين الياباني في سبيل جني الأرباح. استخدم الين الياباني لتزويد التجارة في العملات و الأصول ذات العائد المرتفع، و اليوم مع انخفاض الشهية الاستثمارية و قابلية المخاطرة، نرى العملات ذات العائد المرتفع مثل الدولار الأسترالي و الدولار النيوزلندي و غيرها تتداول في سلبية و اندفع المتداولون نحو الين الياباني كعملة تصفية مراكز مالية.
بسبب كل ما ذكر، ارتفع سعر صرف الين الياباني هذا اليوم مقابل الدولار الأمريكي ليدفع في سعر صرف الدولار من الأعلى له عند 83.25 ين للدولار الأمريكي الواحد وصولاً إلى مستوى 82.63 ين للدولار الأمريكي. التحليل الفني بحاجة الآن لتأكيد كسر مستوى 82.75 حتى يتسّنى للين الياباني الاستمرار في اتجاه الصاعد، إذ أن هذا المستوى يمثّل فاصلاً على الزوج. لكن، لو نظرنا إلى مؤشر ستوكاستيك، سوف نرى بأنه متشبع جداً في البيع بالنسبة للدولار مما يجعل عودة تداول الدولار فوق 83.50 إيجابي جداً، لكن مع هذا، فالفصل سوف يكون بين يدي الحاجز 82.75 هذا اليوم.
البيانات الاقتصادية اليوم قليلة، و هذا ما يجعل المتداولين ينظرون إلى التطورات في الاقتصاد الدولي عامة. لكن، خلال الفترة الأمريكية نحن في انتظار بيانات من شركات أمريكية هامة على رأسها سيتي جروب و التي قد يكون لنتائجها تأثير كبير على الأسواق المالية هي و الشركات الأخرى، فحتى مع قلّة البيانات الاقتصادية اليوم، إلا أن التوتّر في الأسواق المالية قد يبقى مرتفع، لكن استمرار التشاؤم قد يبقي للدولار الأمريكي و الين الياباني الصلاحية في أن يحققا مزيداً من الارتفاع.