نرى من خلال تداولات يوم أمس و هذا اليوم في الأسواق المالية حالة من القلق الكبير و الهلع و قد اجتاحت الأسواق مما سبب انخفاضاً واضحاً في العديد من مؤشرات الأسهم و أسعار العديد من السلع في العالم. في نفس الوقت، شهدنا ارتفاعاً كبيراً و ملحوظاً في سعر برميل النفط الذي لامس مستويات فوق 98.00 دولار للبرميل الواحد بسبب القلق من انخفاض التزويد من النفط.
الاضطراب السياسي الذي يجوب منطقة الشرق الأوسط و الخليج و دول شمال أفريقيا سبب قلقاً في الأسواق المالية الدولية عامة. شهدنا يوم أمس انخفاضاً في مؤشر فوتسي البريطاني بمقدار 1.12% و كذلك انخفض مؤشر داكس الألماني بمقدار 1.41%، و كذلك نرى انخفاضاً واضحاً في مؤشر كاك 40 الفرنسي حيث انخفض بمقدار 1.44%. هذا اليوم في التداولات الآسيوية، انخفض مؤشر نيكاي الياباني و أغلق فاقداً 1.78% و مؤشر شنغهاي المركّب فقد 2.60%. في هذه اللحظات، يتداول مؤشر هانج سينج بانخفاض يقارب 2.00% و كذلك معظم مؤشرات الأسهم الآسيوية تداولت بسلبية كبيرة.
لوحظ هذا اليوم بأن موجة جني أرباح اجتاحت الأسواق المالية هي امتداد للموجة التي بدأت يوم أمس. مؤشرات السلع يوم أمس شهدت أداء ضعيف و ارتفاع طفيف رغم الاندفاع الصاروخي في سعر برميل النفط. و نرى الآن بأن العديد من السلع و الأصول و المعادن تتداول بانخفاض بعد اندفاع صاعد قوي مع بداية الجلسة الآسيوية.
خلال تداولات يوم أمس، ارتفع سعر الذهب بشكل كبير و لامس الأعلى له هذا اليوم عند مستوى 1410.00 دولار للأونصة في التداولات الالكترونية. ارتفع سعر الفضة أيضاً بشكل كبير جداً و استطاع أن يلامس سعر الفضة الأعلى له منذ ثلاثين عاماً عند مستوى 34.31 دولار للأونصة في التداولات الالكترونية. لكن بعد ذلك، حصلت موجة كبيرة من جني الأرباح سببت انخفاضاً واضحاً في كل من سعر الذهب و الفضة.
في هذه اللحظات و في تمام الساعة 02:19 صباحاً بتوقيت نيويورك( 07:19 بتوقيت غرينتش )، نرى سعر الذهب اليوم يتداول بانخفاض مقداره 0.50% عند مستوى 1399.60 دولار للأونصة فيما يتداول سعر الفضة بانخفاض مقداره 1.65% عند مستوى 33.35. انخفض أيضاً البلاتين بمقدار 0.76% هذا اليوم ليتداول في هذه اللحظات حول 1833.00 دولار للأونصة بعد تداولات حقق من خلالها ملامسة لمستويات قريبة من 1850.00 دولار للأونصة. يبدو بأننا أمام موجة جني أرباح من قبل متداولين و مضاربين في السعر السوقي فضّلوا الخروج و تحقيق الأرباح بعد الارتفاع الكبير الذي حصل في أسواق المعادن الثمينة.
حالة التوتّر التي تجتاح الاقتصاد الدولي بفعل الاضطراب السياسي أهمه حالياً في ليبيا، سبب واضح جداً يدفع المتداولين لجني الأرباح بعد الموجة الصاعدة التي حصلت سابقاً و استفاد منها الكثيرون. في نفس الوقت، لا يجب أن ننسى أن الظروف ما زالت سلبية في الاقتصاد الدولي مما يستدعي الحذر الكبير و هذا ما يبقي على بعض الاتجاه نحو المعادن الثمينة كطلب ملاذ آمن، لكن في نفس الوقت المضاربة الكبيرة التي حصلت في السعر السوقي خلال الفترة الماضية قد تكون سبباً لتوتر كبير يشمل هذه الأسواق و امتداد التصحيحات الهابطة ، لكن طبعاً في تذبذب كبير جداً.
إن أفضل ما نراه في الأسواق المالية الآن من تذبذب كبير متواجد على النفط، فنرى سعر النفط قد لامس مستويات فوق 98.00 دولار خلال جلسة آسيا اليوم لكن عاد للانخفاض، و تجدر الإشارة إلى أن هذه العقود المتعامل بها لشهر نيسان-أبريل/2011 ارتفعت من مستويات حول 87.00 دولار، لكن تفجّر السعر صعوداً بسبب أزمة ليبيا. انعكاس تأثير حركة النفط قد يكون واضحاً على أسواق المعادن الثمينة، و كذلك الارتفاع الذي يشهده سعر صرف الدولار، هما أمران متضاربان يؤثران على أسواق المعادن الثمينة بعنف.
الحيطة و الحذر مطلوبان، و التذبذب الهائل متوقع جداً، و هذا التذبذب قد يزداد في أسواق المعادن الثمينة هذا اليوم في ظل انتظار بيانات ثقة المستهلك الأمريكي هذا اليوم و كذلك العديد من البيانات الاقتصادية بقية هذا الأسبوع. لكن الأنظار سوف تتجه بالتأكيد إلى تطورات الوضع السياسي في الشرق الأوسط.