فكرة هذا المجمَّع هي أن يكون مزيجاً من المرافق الرياضية والمساكن الفاخرة، حول ملعب ممتاز للجولف مصمم لاجتذاب المستثمرين الأجانب إلى تونس.
غنى في الحفل عدد من نجوم الطرب أمام كبار الشخصيات الخليجية والتونسية، في الوقت الذي كانت فيه مجموعة بوخاطر (ومقرها الشارقة) تسعى لتوسيع فكرة مدينة دبي الرياضية، التي تشتمل كذلك على مساكن وعقارات إلى جانب المرافق الرياضية، إلى شمال إفريقيا.
المرفق التونسي الذي كان بقيمة خمسة مليارات دولار كان مشروعاً ضخماً قيد الإنشاء، لكن بعد مرور أربع سنوات لا يزال تقدمه مقصوراً على بعض الأعمال الأرضية الأساسية، في الموقع بالقرب من المنطقة الراقية في العاصمة التونسية الواقعة بالقرب من البحيرة.
كانت تونس تصوِّر نفسها دائما، ويصورها الآخرون، على أنها منطقة جذابة للاستثمارات الخليجية. لكن في الوقت الذي كشفت فيه الاضطرابات السياسية في الشهر الماضي عن أكذوبة الاستقرار السياسي، تبين أن هناك سراباً آخر هو صورة تونس على أنها وُجهة للاستثمارات الكبيرة الممتازة ـــ كما يقول مستثمرون خليجيون.
وهم يشتكون من اقتران البيروقراطية الطاحنة بمطالب الفاسدين والتدخل من أفراد عائلة الرئيس السابق زين العابدين بن علي. كما أن الأزمة المالية العالمية، أضافت عبئاً جديداً إلى كثير من الاستثمارات الأجنبية المهمة في تونس.
يقول أحد المصرفيين التونسيين: وجد رجال الأعمال الخليجيون أن الفساد في تونس ليس من نوع الفساد الذي كانوا معتادين عليه. لا بد لك من دفع المال إذا أردت الدخول، لكنك لا تحصل على خدمة في المقابل.
تشير الإحصائيات إلى أن الإمارات هي أكبر مستثمر في تونس، حيث يوجد هناك ما يزيد على 30 مليار دولار من الاستثمار المباشر الأجنبي.
مع ذلك ربما تكون الشركات الخليجية قد وُعِدت بخطط فخمة، لكنها في واقع الأمر لم تستخدم إلا قدراً من رأس المال أقل بكثير من ذلك. وفي حين أن مدينة تونس الرياضية هي أكبر المشاريع الإماراتية تطوراً في تونس، إلا أن مجموعة بوخاطر على ما يُعتقَد، لم تستثمر إلا جزءاً ضئيلاً من المبلغ المقرر، وهو خمسة مليارات دولار.
وقالت الشركة في بيان لها: إن مجموعة بوخاطر ملتزمة تماماً بالمشروع التطويري، وتظل تركز أنظارها على آفاق النمو في الأجل الطويل في تونس.
يقول المستثمرون الخليجيون إن معظم الصفقات، وحتى الصفقات التي مرت من خلال الأجهزة والوزارات الحكومية، انتهى بها المطاف أخيراً إلى نوع من المطالب المالية من أفراد من عائلة بن علي الواسعة، من رشا لإتمام عملية نقل الأراضي إلى مشاريع مشتركة تعمل بصورة كاملة.
أحد الأمثلة التي من هذا القبيل هو قسم تابع لشركة قطر للاتصالات، التي تسيطر عليها الدولة، والتي وافقت في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي على الشراء التام لحصة أوراسكوم تيليكوم (البالغة 50 في المائة) في مشروعها التونسي المشترك، المعروف باسم شركة تونسيانا، مقابل 1.2 مليار دولار.
اشتركت ''قطر للاتصالات'' مع مجموعة شركات برنسيس هولدنج، التي يملكها صهر الرئيس التونسي المخلوع، لشراء حصة أوراسكوم في شركة تونسيانا.
يظل من غير الواضح ما مصير حصة صهر الرئيس التونسي في شركة تونسيانا، لكن ''قطر للاتصالات'' قالت إنها تأمل المحافظة على حصتها، والعمل مع أية حكومة جديدة.
يقول أحد المستثمرين الخليجيين في تونس: لا يمكن للتغيرات في تونس إلا أن تكون لمصلحة الاستثمار، ذلك أن عدداً كبيراً من الناس فوق الحد كانوا يعانون مشكلات وعراقيل. إذا كان 20 في المائة من المشكلة يعود إلى البيروقراطية، فإن 80 في المائة من المشكلة كان سببها العائلة، التي تريد التدخل في كل شيء.
قيل إن أكبر استثمار خليجي في تونس هو حصة بنسبة 35 في المائة في شركة الاتصالات التابعة للحكومة، ''تونس للاتصالات''، لشركة دبي تيكوم (منطقة دبي الحرة للتكنولوجيا والتجارة الإلكترونية والإعلام) ومجموعة دبي، التابعة لشركة دبي القابضة والتي تعمل الآن على إعادة هيكلة ديون مقدارها 6.2 مليار دولار.
يذكر أن ''دبي القابضة'' اقترضت 2.25 مليار دولار لتمويل المشروع في 2006، وهو أمر يقول عنه أشخاص مقربون من الصفقة إنه يشكل منذ ذلك الحين خيبة أمل للمجموعة.
اضطرت شركة تونس للاتصالات، بسبب استمرار الجيشان السياسي في البلاد، إلى تأجيل الاكتتاب العام الأولي، ما قطع الطريق على فرصة أخرى أمام شركة دبي القابضة، في الوقت الذي تعمل فيه على إعادة هيكلة جوانب من أكوام ديونها البالغة 12 مليار دولار.
انهارت بعض مشاريع التطوير العقاري في الفترة الأخيرة، التي ولدت أيام طفرة العقارات الخليجية، في الوقت الذي واجه فيه المستثمرون في البداية متاهة من البيروقراطية، ثم وجدت نفسها واقعة في قبضة انهيار سوق العقارات في دبي.
في آب (أغسطس) 2007 أطلقت شركة سما دبي خططاً لمشروع بوابة المتوسط، الذي تزيد تكاليفه على 14 مليار دولار، وهو مشروع مشترك بين الشركة المالكة لشركة سما، وهي شركة دبي القابضة، والحكومة التونسية. لكن مشروع التطوير متعدد الاستخدامات لم يتقدم قط إلى ما بعد مرحلة التصميم.
وكان بنك التمويل الخليجي، وهو البنك الاستثماري الذي يوجد مقره في البحرين، الذي يمر الآن بعملية إعادة الهيكلة، قد أعلن عن خطط لمشروع له باسم ميناء تونس المالي، بتكلفة ثلاثة مليارات دولار. وقال في الفترة الأخيرة إنه سيبدأ العمل في كانون الأول (ديسمبر) على المرحلة الأولى للمركز المالي في منطقة الأوفشور ومشروع التطوير، وكان ذلك بالضبط قبيل اندلاع الاضطرابات في تونس.