قمة الاتحاد الأوروبي تنجح بتهدئة الأسواق بوضعها الخطوط العريضة لاحتواء أزمة الديون السيادية
تسيطر حالة من التفاؤل على الأسواق المالية مع اتفاق قادة الاتحاد الأوروبي على الخطوط العريضة الكافية لتهدئة المستثمرين، فقد قررت القمة الأوروبية تخفيض ما نسبته 50% من قيم السندات اليونانية، بالإضافة إلى رفع المستوى الأول من رأس المال للبنوك إلى 9%، مع الاتفاق على خطة لإعادة رسملة البنوك لكي تتمكن من مواجهة أزمة الديون السيادية إلى جانب توسيع نطاق صندوق الاستقرار المالي الأوروبي.
خطة إعادة رسلمة البنوك
أقر قادة الاتحاد الأوروبي خلال قمة لهم عقدت في بروكسل مساء أمس على خطة لإعادة رسملة المصارف لكي تتمكن من مواجهة أزمة الديون في منطقة اليورو، يتوقع أن يتم اتفاق سياسي شامل بشأن الخطة، إلا أن بعض التفاصيل قد تتطلب التدقيق.
جاء في بيان الزعماء الأوروبيين الصادر عن القمة إنه للتوصل إلى هذا الهدف "على البنوك اللجوء قبل كل شيء إلى مصادر تمويل خاصة بما يشمل عمليات إعادة هيكلة وتحويل الديون إلى رأسمال". وأشير في البيان إلى انه "يتعين وضع بعض القيود على توزيع الحصص ودفع الأرباح".
لم يذكر في البيان المبلغ الإجمالي لإعادة رسملة البنوك المقدر بنحو 106 مليارات يورو بحسب مصادر أوروبية، و أوضح وزير المالية البولندي ياتسيك روستوفسكي للصحفيين ان هذا الرقم "سيعلن في الوقت المناسب من جانب السلطات الأوروبية".
تخفيض قيم السندات اليونانية
أفادت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل للصحفيين في وقت مبكر من صباح اليوم آن حاملي السندات اليونانية من القطاع الخاص سيقبلون بتخفيض ما نسبته 50 بالمائة من حيازتهم و الذي سيعمل على خفض دين اليونان السيادي بمقدار 100 مليار يورو ، و سوف يسمح ببرنامج جديد لمساعدة البلاد.
أكد الزعماء الأوروبيين أن هدفهم هو أن يصل دين اليونان إلى 120 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2020 ، و أن اليونان ستخضع لنظام إشراف أكثر صرامة في المستقبل.
تعزيز صندوق الاستقرار المالي الأوروبي
وافق قادة الاتحاد الأوروبي على توسيع صندوق الاستقرار المالي الأوروبي بواسطة الرافعة المالية لما يقارب 1 تريليون يورو في ضوء افتراضات معينة حسب الأوضاع الاقتصادية، حيث تم تحديد مدخلين لتعزيز قدرة صندوق الاستقرار المالي الأوروبي "EFSF". الأول يهدف إلى تأمين جزء من السندات السيادية التي تصدرها الدول الأعضاء، و في إطار النهج الثاني، يمكن للصندوق استخدام ما يسمى SPVs special purpose vehicle)) و التي تتضمن شراء السندات من القطاعين العام و الخاص و الحكومات الأوروبية و الغير أوروبية، الأمر الذي يجعل الصندوق قادر على استقدام مزيداً من السيولة من مصادر أجنبية . ويمكن لكل خيار أن يؤدي إلى رافعة مالية تصل إلى 4 أو 5 مرات. يمكن استخدامها في وقت واحد، وذلك لزيادة متانة إستراتيجية التمويل.
رفع المستوى الأول من رأس المال
اتفق القادة الأوروبيين على رفع المستوى الأول للبنوك إلى 9% وهو هدف "من المتوقع بلوغه مع نهاية شهر حزيران/يونيو المقبل ، وهذا سيمكن البنوك على تحمل الصدمات الهامة في ظل الظروف الاستثنائية الراهنة، و هذا ما يكفل تحسين التمويل على المدى الطويل و الحفاظ على التدفق الائتماني.
تبقى الأسواق بانتظار تقرير الثقة من منطقة اليورو
و بالانتقال نحو البيانات الاقتصادية، فإننا على موعد اليوم مع العديد من هذه البيانات الهامة التي ستصدر عن القارة الأوروبية و عن الولايات المتحدة، حيث ستصدر بيانات الثقة لمنطقة اليورو خلال شهر تشرين الأول و التي من المتوقع أن تُظهر حالة من التراجع في ظل الظروف الاقتصادية المحبطة و تفاقم أزمة الديون الأوروبية، إلى جانب صدور قراءة مؤشر العرض النقدي في منطقة اليورو لشهر أيلول.
من المُفترض أن تصدر قراءة مؤشر مناخ الأعمال لشهر تشرين الأول و الذي قد يُظهر تراجعاً يصل إلى -0.15 مقارنة بالقراءة السابقة -0.06، في حين قد تُظهر القراءة النهائية لمؤشر ثقة المستهلك في نفس الشهر ثباتاً عند القراءة السابقة -19.9، أما عن قراءة مؤشر الثقة بالاقتصاد فإنها قد تُظهر تراجعاً يصل إلى 94.1 مقارنة بالقراءة السابقة 95.0، و على نفس الشاكلة قراءة مؤشر الثقة بالصناعات التي -6.5 من -5.9 للقراءة السابقة، إلى جانب تدهور معدل الثقة بالخدمات أيضاً لتُشير التوقعات إلى -1.3 مقارنة مع القراءة السابقة 0.0.
و لا بُد من الذكر أن بيانات الثقة هذه لا تعكس سوى صورة مستويات الثقة في منطقة اليورو التي شهدت حالة من التراجع في الآونة الأخيرة نظراً لتدهور الأوضاع الاقتصادية في المنطقة بشكل كبير، إلى جانب التباطؤ الشديد التي شهدته مسيرة النمو أيضاً، و دعنا لا ننسى بالذكر المصيبة الأكبر ألا و هي تفاقم أزمة الديون بشكل كبير و خوف المستثمرين من انتقال عدوى الأزمة للدول الأوروبية المتعثرة الأخرى.
لن يغب عن أنظار المستثمرين بيانات التضخم الألمانية التي قد تأخذ من تركيز المستثمرين حصة، حيث من المتوقع أن تُظهر القراءة الأولية لمؤشر أسعار المستهلكين خلال شهر تشرين الأول ثباتاً عند 0.1% و مثيلتها القراءة السنوية التي قد تبقى ثابتة أيضاً عند 2.6%.
في سياق متصل من البيانات الصادرة سنتحول للولايات المتحدة التي ستُصدر حفنة من البيانات الاقتصادية المهمة اليوم، أهمها بيانات الناتج المحلي الإجمالي خلال الربع الثالث، حيث قد تُظهر القراءة الأولى نمو الناتج بنسبة 2.5% مقارنة مع 1.3%، الأمر الذي يشكل حافزاً قوياً للمستثمرين لتحسين الصورة المستقبلية للاقتصاد الأمريكي، و قد يصحب هذا النمو في الناتج المحلي تحسناً أيضاً في مستوى الإنفاق الشخصي خلال الربع الثالث بنسبة 1.9% من 0.7% الربع السابق.