التحليل الأساسي للمعادن الثمينة
الذهب بعد انخفاض التوتّر في الأسواق المالية
انخفض التوتّر في الأسواق المالية و شهدنا ارتفاعاً في عديد من مؤشرات الأسهم يوم أمس، منها ارتفاع مؤشر داوجونز الأمريكي بمقدار 3.98% و هذا اليوم تداولات العديد من مؤشرات الأسهم الآسيوية بإيجابية. ارتفع مؤشر شنغهاي الصيني بمقدار 1.23%، كذلك ارتفع مؤشر هانج سينج ليتداول في هذه اللحظات بارتفاع يقارب 2.60%، كما و ارتفع مؤشر نيكاي بأكثر من 1.00%، حيث انخفض التشاؤم في الأسواق المالية بعد قرار الفيدرالي الأمريكي يوم أمس.
قرر الفيدرالي الأمريكي ترك سعر الفائدة المتدني 0.00% - 0.25% ، لكن ليس هذا كل شيء، بل قرر الفيدرالي الأمريكي ترك الفائدة عند هذه المستويات حتى عام 2013 مشيراً إلى أن هنالك علامات واضحة عن تباطؤ الاقتصاد الأمريكي و أن مستويات التضخم على المدى المنظور لن تكون مقلقة بسبب انخفاض النمو في الولايات المتحدة. إن هذه الخطوة سببت بعض الثقة في الأسواق المالية لتنعكس على شكل انخفاض في التشاؤم. لا نستطيع الإشارة إلى أن الثقة ارتفعت بشكل عام، لكن كما نرى، تقلّص الأسواق المالية من مدى قلقها تجاه أزمة الدين الأمريكي.
إن ترك سعر الفائدة عند المستويات المتدنية قد يكون سبباً لانخفاض في سعر صرف الدولار، بل و لا يمكن استبعاد ارتفاع مستويات التضخم، و هذا ما ساعد سعر الذهب يوم أمس ليلامس سعراً قياسياً جديداً عند 1779.10 في سعر الطلب خلال جلسة نيويورك قبل أن يغلق الجلسة عند مستوى 1744.10 مكتفياً في ارتفاع مقداره 1.57%. في الحقيقة، إغلاق سعر الذهب في نيويورك يوم أمس كان ما دون مستوى افتتاح جلسة لندن في سعر القطع، حيث افتتحت الجلسة يوم أمس عند سعر القطع 1770.00، و انتهت الجلسة بانخفاض عند سعر القطع المسائي 1736.00 دولار للأونصة، لكن عاد و ارتفع قليلاً في نيويورك إلا أن الارتفاع لم يعوّض كل الخسائر التي تكبّدها الذهب خلال التداولات الالكترونية حول العالم.
إن الانخفاض الذي شهده سعر الذهب على مدار تداولات يوم أمس يعكس انخفاضاً في التشاؤم، واتجاهاً نحو الأسواق المالية المرتفعة العائد مثل أسواق الأسهم التي قدمّت يوم أمس أداء ممتاز. كذلك، تعكس لنا تداولات الفضة ترك أسواق المعادن الثمينة من قبل المضاربين ليتجّهوا إلى أسواق أخرى، و بذلك انخفض سعر الفضة خلال جلسة نيويورك بمقدار 3.38% و أغلق سعر الفضة الجلسة عند مستوى 37.71 دولار للأونصة الواحدة. بالنسبة للبلاتين، فقد ارتفع خلال جلسة نيويورك أمس، و أغلق عند مستوى 1750.00 بارتفاع مقداره 2.16% مستفيداً في توقعات انخفاض التوتّر في الأسواق تجاه احتمالات ركود الاقتصاد الأمريكي مجدداً.
قام الفيدرالي الأمريكي في خطوة مهمّة، لكن الأسواق المالية تطمع في سياسة تخفيف كمي ثالثة، و هذا ما لم يتم فعله حقاً، لكن الفيدرالي الأمريكي يعد بأن يقوم بكل ما يلزم الأسواق المالية من أجل ضمان استقرار الاقتصاد و الأسواق المالية. و بانخفاض التشاؤم في الأسواق المالية، انخفض سعر صرف الدولار بسبب اتجاه المتداولين نحو الأصول المرتفعة العائد.
هذا اليوم، نجد بأن أسعار المعادن الثمينة ارتفعت، و يتداول سعر الذهب اليوم عند مستوى 1750.60 دولار للأونصة بارتفاع مقداره 0.37% من إغلاق نيويورك أمس، كما و قد ارتفع سعر الفضة بمقدار 0.53% ليداول في هذه اللحظات عند مستوى 37.91 معوّضاً جزءاً من خسائر يوم أمس. بالنسبة للبلاتين، فقد اكتسب 0.29% ليتداول عند مستوى 1755.00 دولار للأونصة.
ساعدت بعض الأخبار من الدول الآسيوية اليوم على ارتفاع الثقة، فهنالك أحاديث بأن تؤجل الصين أي رفع في الفائدة من أجل الحفاظ على استقرار الأسواق المالية، فيما أظهرت بيانات الميزان التجاري الصيني التي صدرت اليوم ارتفاعاً واضحاً في فائض الميزان التجاري بما يفوق التوقعات، ليحقق الميزان التجاري الصيني خلال شهر موز الماضي فائضاً بلغ 31.48 مليار يوان، و ارتفعت كل من الصادرات و الواردات بأكثر من المتوقع، ليكون حقاً الاقتصاد الصيني هو محرّك الاقتصاد الدولي و قد يكون عوناً له في تجنّب الوقوع في الركود مجدداً.
لكن، ارتفاع الضخم في الصين قد يكون مجرّد البداية، فوصول التضخم الصيني إلى مستوى 6.5% و ارتفاعه في عديد من الدول الأخرى لا يعفي الاقتصاديات الأخرى العظمى من الارتفاع في التضخم، حتى الولايات المتحدة و الدول التي تشهد ضعفاً اقتصادياً، مهددة في ارتفاع التضخم بالرغم من تصريحات الفيدرالي الأمريكي التي تنفي ذلك على المدى المنظور. ارتفاع التضخم يعتبر سبباً لدعم أسواق المعادن الثمينة الذهب منها على وجه الخصوص.
لكن، انخفاض التشاؤم في الأسواق المالية قد يسبب انخفاضاً في الذهب، فقد شهدنا سيولة ضخمة تتجه للذهب كملاذ آمن من حالة عدم اليقين من مستقبل الاقتصاد الدولي و كذلك كبديل عن أسواق الأصول المرتفعة العائد، لكن مع بعض التحسّن اليوم في تلك الأسواق، قد نرى ضغوطاً سلبية على أسواق المعادن الثمينة خلال تداولات اليوم و الذهب على رأس القائمة، رغم أن الاتجاه العام الصاعد مرجّح استمراره عموماً، فلا تغيّر شامل في الاقتصاد الدولي أو في وضع الأسواق المالية عامة، خصوصاً و أن الفيدرالي لم يقم بإرضاء الأسواق المالية من خلال سياسة تخفيف كمي ثالثة.