لانزال مع الاقتصاد الأوروبي و ها هو على أعتاب نهاية عام شهد خلاله بزوغ أزمة جديدة أعادت بالتفكير من جديد نحو مدى استمرارية نظام العملة الموحدة اليورو بعد عشر سنوات من العمل بها، هذا في الوقت الذي بدأت فيه الحكومات تكشف عن مدى سوء الإدراة المالية و ارتفاع حجم الدين العام و إن كان في السنتين السابقيتن كان بسبب الأزمة المالية العالمية.
منطقة اليورو النموذج الناجح نحو التكامل الاقتصادي بين الشعوب و الدول التي خربتها الحرب العالمية الثانية، إلا أن المنطقة لاتزال تحاول الصمود أمام تداعيات جديدة و التي فرضت الخوف و القلق إزاء مستقبل المنطقة الاقتصادي.
البداية كانت في مثل هذا التوقيت من العام أو أكثر دقة كان في نوفمير/تشرين الثاني بعد أن بدأت ملامح أزمة جديدة في طور الظهور على يد اليونان التي أعلنت في ذلك الوقت عن تعهدها بتقديم خطة لخفض الإنفاق العام من أجل تقليص عجز الموازنة و بداية التحدث عن إحتمالات سقوط البلاد في الإفلاس وهو الأمر الذي يعني إنهيار نظام العملة الموحدة.
ومن ثم توالت الأحداث وانكشفت الأزمة على حقيقتها وحقيقة وجود دول أخرى مثقلة بالديون وتواجه نفس المصير وهو ما شهدناه في الآونة الأخيرة بتقدم أيرلندا لطلب حزمة مساعدات تقدر بقيمة 85 بليون لتصبح بذلك هي الدولة الثانية بعد اليونان التي تقوم بذلك الإجراء.
و إن كان ما حدث مع اليونان أن الأسواق هدأت قليلا بعد توفير حزمة مساعدات تقدر بقيمة 115 بليون للحيلولة دون إفلاسها، لكن كان استقبال الأسواق لهذا الاجراء مع أيرلندا ذو ردة فعل عكسي بل و ضغط على الأسواق سلبا في ظل انحدار ثقة المستثمرين في بعض الديون السيادية لدول المنطقة صحابة أكبر حجم للدين العام.
يأتي على رأسهم البرتغال التي أصبحت أكثر المرشحين عاجلا أم آجلا للطلب المساعدة و حتى لو كانت تصريحات المسؤلين و التكتم الواضح بشأن هذا الصدد في حالة حياد وهذا هو السمة العامة للتعامل مع مثل هذه الأزمات كي لاتزداد الأسواق إضطرابا.
الأسواق المالية تعتبر مرآة لحالة القلق و التوتر القائم بسبب أزمة الديون السيادية التي لها جذور وتشابك بين الدول المثقلة بالديون و بعضها البعض،إذ تعد أسبانيا على قائمة الانتظار أيضا و تتبعها ايطاليا.
بالنسبة للبرتغال فقد ارتفعت تكلفة التأمين على الديون ضد الإفلاس غلى مستويات قياسية بالأمس كما انخفضت قيمة السندات الأسبانية إلى أدنى مستوى منذ العمل باليورو و ايضا ارتفع العائد عليها. لكن الأمر الايجابي هو انحدار قيمة اليورو إلى أدنى مستوى في عشرة أسابيع وهو أمر يعد داعما للاقتصاديات منطقة اليورو.
انخفاض قيمة اليورو أمام الدولار الأمريكي هو أمر مفضل لدى البنك المركزي الأوروبي في الوقت الراهن و لا ننسى تصريحات السيد تريشيه بين الحين و الآخر المنادية بقوة الدولار الأمريكي، والسبب في ذلك يرجع إلى أن المنطقة تعتمد على الصادرات بنسبة 40% تقريبا من الناتج المحلي الأمر الذي يعني دعم أحد عوامل محفزات النمو.
بالنسبة للبيانات المنتظر أن تصدر اليوم حيث يتوقع أن يتم الإعلان عن القراءة النهائية لمؤشر مدراء المشتريات الصناعي في ألمانيا عن شهر نوفمبر/تشرين أول و التوقعات تشير إلى عدم تغيره عن القراءة المعدلة السابقة ليصبح عند نمو بقيمة 58.9 ، كما هو الحال أيضا بالنسبة للمؤشر على مستوى منطقة اليورو حيث يتوقع أن يسجل نمو بقيمة 55.5 ودون تغير عن القراءة السابقة.
أما في بريطانيا فيتوقع أن ترتفع وتيرة نمو القطاع الصناعي في نوفمبر/تشرين الثاني إلى 55.4 من 54.9 للقراءة السابقة.