مستويات الدخل تنمو بأكبر نسبة لها في الولايات المتحدة منذ أيار/مايو 2009، والاقتصاد الكندي ينمو بأفضل من التوقعات
بدأ الاقتصاد الأمريكي أسبوعه بإصدار بيانات هامة مغطية مستويات الدخل والإنفاق في الاقتصاد الأكبر في العالم، حيث بداية صدر عن وزارة التجارة الأمريكية تقرير الدخل والإنفاق الشخصي مغطياً شهر كانون الثاني، حيث شهد مؤشر الدخل ارتفاعاً وبأعلى مع التوقعات، بينما انخفضت مستويات الإنفاق وبأدنى من التوقعات، إلا أنها لا تزال ضمن إطار الاعتدال وذلك وسط معدلات البطالة المرتفعة وأوضاع التشديد الائتماني.
ولا بد لنا من الإشارة إلى أن مستويات الدخل نمت خلال الشهر الماضي بأكبر نسبة لها منذ شهر أيار من العام 2009، في حين حققت المدخرات قفزة نوعية لتصل إلى 677.1 مليار دولار أمريكي خلال كانون الثاني، بالمقارنة مع القراءة المسجلة خلال كانون الأول عند 620.9 مليار دولار أمريكي، مسجلة بذلك المستوى الأعلى لها منذ شهر آب الماضي.
حيث أشار التقرير الصادر إلى ارتفاع الدخل الشخصي خلال كانون الثاني بنسبة 1.0% وبأعلى من القراءة السابقة والتي بلغت 0.4 بالمئة وبأعلى من التوقعات التي بلغت 0.4 بالمئة أيضاً، في حين انخفضت مستويات الإنفاق الشخصي خلال الفترة ذاتها لتصل إلى 0.2 بالمئة بالمقارنة مع القراءة السابقة التي تم تعديلها إلى 0.5% وبأسوأ من التوقعات التي بلغت 0.4%.
في حين أشار التقرير إلى ثبات مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي المثبط السنوي خلال كانون الثاني عند مستويات 1.2% وبأدنى من التوقعات التي بلغت 1.3%، في حين أن المقياس المفضل لدى البنك الفدرالي لقياس التضخم - مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي الجوهري – ارتفع وبشكل طفيف خلال كانون الثاني وبتطابق مع التوقعات ليصل إلى 0.1 بالمئة، علماً بأن القراءة السابقة كانت مسجلة عند القراءة الصفرية.
وهنا نسلط الضوء عزيزي القارئ على مسألة ارتفاع مخاطر الانكماش التضخمي والتي أظهر الفدرالي الأمريكي قلقه تجاهها سابقاً، علماً بأنن تلك المخاطر بدأت بالتلاشي مؤخراً، حيث أن المؤشرات التي صدرت خلال الشهرين الماضيين وصولاً إلى اليوم آظهرت بأن الاقتصاد الأمريكي استعاد بعضاً من قوته بما يخص مرحلة تعافيه، علماً بأنه كان قادراً على النمو بنسبة 2.8 بالمئة خلال الربع الرابع من العام الماضي 2010.
أما بالنظر إلى المؤشرات الفرعية في التقرير فنلاحظ بأن الأجور والرواتب استقرت عند مستويات 0.3% وهي ذاتها القراءة السابقة، في حين أن صافي الدخل ارتفع بنسبة 1.0% مقابل 0.4%، إلا أن معدل إدخار المستهلكين في الولايات المتحدة ارتفع ليصل إلى 5.8% مقابل 5.4%، مما يشير إلى أن مسألة الإنفاق لا تزال ضعيفة وتنمو بوتيرة معتدلة، حيث وعلى ما يبدو بأن جمهور المستهلكين فضلوا الادخار بدلاً من الإنفاق، علماً بأن معدلات الدخل والإنفاق لا تزال ضعيفة وتحقق نمواً بوتيرة معتدلة، وسط ارتفاع معدلات البطالة وتشديد شروط الائتمان في البلاد.
واضعين بعين الاعتبار أن تقرير الناتج المحلي الإجمالي صدر خلال الأسبوع الماضي ليشير بأن الاقتصاد الأمريكي تمكن من النمو خلال الربع الرابع وفي القراءة التمهيدية بنسبة 2.8% مقارنة بالقراءة السابقة للناتج المحلي الإجمالي التي بلغت 3.2%، وهذا ما يعيدنا إلى نفس النقطة التي أشرنا لها أعلاه، وهي أن نمو الاقتصاد الأمريكي سيكون تدريجيا ومعتدلا، تماماً كما أكد الفدرالي الأمريكي مرارا وتكرارا، مع العلم أن إنفاق المستهلكين يمثل حوالي 70% من الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي.
وهنا يجب أن لا ننسى بأن الاقتصاد مر في موسم الأعياد والتي تشهد الولايات المتحدة خلالها تحسنا طبيعيا في مستويات الإنفاق، الأمر الذي انعكس على قراءة شهر كانون الأول نوعاً ما بالمقارنع مع قراءة شهر كانون الثاني والتي صدرت اليوم، حيث يعد موسم الأعياد والمناسبات داعماً رئيسياً للمبيعات بشكل عام أو لمستويات الطلب على البضائع والخدمات، إلا أن الاقتصاد الأمريكي لا يزال ضمن مرحلة التعافي والتي تتمير بكونها تدريجية ومعتدلة، لذا فإن الاقتصاد الأمريكي سيتطلب وقتا أطول لتعود المياه إلى مجاريها.
أما بالنسبة للاقتصاد الأكثر التصاقا بالاقتصاد الأمريكي ألا وهو الاقتصاد الكندي فقد صدر عنه اليوم أيضا تقرير الناتج المحلي الإجمالي الخاص بشهر كانون الأول ليتبين نمو الاقتصاد الكندي بنسبة 0.5% مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 0.4% وبأفضل من التوقعات التي بلغت 0.3%، في حين أظهر الاقتصاد الكندي نموا على الصعيد السنوي بنسبة 3.2% مقارنة بالقراءة السابقة التي تم تعديلها إلى 3.2%.
وهنا نشير بأن الضغوطات والعوائق التي تقع على عاتق الاقتصاد الأمريكي تبقى أيضا عقبات أمام الاقتصاد الكندي، وذلك في خضم الالتصاق الاقتصادي الكبير الذي يتمتع به الاقتصادين، ولهذا فإن الاقتصاد الكندي سيلزمه أيضا المزيد من الوقت إلى أن يعاود النمو ضمن مستويات مرغوبة، في حين أظهرت المؤشرات الفرعية في التقرير أن قطاع الصناعات التحويلية حقق نمواً جيداً نسبياً بنسبة 0.6 بالمئة بالمقارنة مع الانكماش السابق والذي بلغ -0.5 بالمئة، بينما نما قطاع الخدمات بنسبة 0.4% مقابل 0.5%.
ويجب أن لا نغفل من أذهاننا بأن الاقتصاد الأمريكي لا يزال بحاجة إلى المزيد من الوقت ليصل إلى مرحلة الاستقرار أو التعافي التام، ومن ثم النمو على المدى البعيد، مما سيتطلب وقتا أطول للوصول إلى بر الأمان، حيث أن الاقتصاد الأمريكي سيواصل تعافيه من الأزمة المالية الأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية، ليحقق الاستقرار النسبي والجزئي بقدوم النصف الثاني من العام 2011 وبحسب كافة التوقعات...