بعد حالة عدم اليقين التي سيطرت على الأسواق ،نتيجة تضارب التوقعات والآراء حول اقتراب لجوء الفدرالي الأميركي لتخفيض قيمة برنامج التيسير الكمي(85ميار دولار شهري ) والبدء باختبار قدرة الاقتصاد الأميركي على الحفاظ على الاتجاه الطبيعي بدون هذه البرامج الاستثنائية ، ظهرت أولى القضايا التي تؤجل اتخاذ القرار المنتظر لحين إيجاد الحلول المناسبة لها او اتخاذ الفدرالي الأميركي قرارا بتحمل تبعاتها ضمن المعادلة الجيدة بمحاولة أعادت الاقتصاد للطريق الخالية من الإجراءات الاستثنائية هذا ان لم يكن قد اتخذ القرار مسبقا !.
فسندات الخزانة الأمريكية سجلت في مايو الماضي أكبر خسارة شهرية منذ عام 2009، حيث ارتفعت عوائدها بحوالي 1.8% لدرجة أن عوائد السندات 10 سنوات، ارتفعت 12 نقطة أساس لتصل إلى 2.13%، كما صعدت عوائد السندات 30 سنة بأكثر من 11نقطة أساس، لتصل إلى 3.28%،وارتفاع عوائد السندات يعني بكل بساطة دفع الخزنة الأميركية المزيد من الأموال كفوائد لها وهو الأمر الذي يحتاج إلى إعادة النظر.
وكنا قد تحدثنا بتحاليل سابقة عن الموجبات والمحفزات الاقتصادية( التي تدعم وتبرر اتخاذ الفدرالي الأميركي لقرار البدء بتخفيض التدرجي لمبلغ التيسير الكمي بمقدار 15 مليار شهريا وعلى دفعات لامتصاص الردود العنيفة التي قد تحصل بحال تم التخفيض لمبلغ كبير أو القطع الكلي وإعطاء المستثمرين الفرصة الكافية على التأقلم مع الأوضاع الجديدة لاقتصاد خالي من الأموال الطازجة والمحفزة لهم ،وتدور المحفزات المشجعة لاتخاذ قررا ما انخفاض طلبات إعانة البطالة إلى 334 ألفا اقل مستوى خلال خمس سنوات ،ارتفاع الوظائف إلى 175 ألفا بفرق 25 ألف عن المستهدف والمقدر ب200 ألف وظيفة ، احتفاظ معدل البطالة على مستويات قرب 7.5% بعد كان كمتوسط قرب 9.6% عام 2011 و 8.5% عام 2012 .
هذا بالإضافة للتحسن العام بجميع نواحي الحياة الاقتصادية الأمريكية .
نعم المعادلة ألان متشابكة وترفع الرهان على إن رئيس الفدرالي برنانكي سيعلن عن استمرار الدعم الاقتصادي . لان أوضاع سوق العمل لم تصل للمرحلة والأرقام المطلوبة التي تسمح بالبدء ألان بتخفيض مستوى الدعم.
ولكن لنتوقف هنا قليلا!
لنفترض أن شروط الفدرالي الأميركي قد تحققت وان نسبة البطالة قد وصلت 6.5% والوظائف قد وصلت 200 ألف ، واتخذ القرار في البدء بتخفيض قيمة مبلغ التيسير الكمي بمقدار 10مليار شهري .
ألن نشاهد ارتباكات في أسواق المال العالمية بناء على هذا القرار ؟
ألن تكون هنالك تراجعات في جميع النواحي الاقتصادية المستفيدة من الإجراءات الاستثنائية الحالية والأموال الطازجة التي تغرق فيها السواق ؟ والحديث هنا عن أسواق الأسهم والسندات بالخصوص.
مع بداية برامج التيسير الكمي ،صدرت أصوات كثيرة تحذر وسمعنا سيناريوهات مرعبة لما قد تئول آلية الأوضاع الاقتصادية الأميركية لا وبل العالمية ان دخلنا بالتيسير الكمي ،ولكن لم نجد ترددا من برنانكي وزملائه بإقرار برنامج التيسير الكمي الأول وصولا إلى البرنامج الحالي الرابع والذي قد يكون الأخير ، ولا نستبعد بسيناريوهات اليوم إن تتحصل على الإشارة المنتظرة ناحية التخفيض على الرغم من كل الموانع , فلكل قرار اقتصادي مهما صغر او كبر سلبيات وايجابيات ويتم اتخاذ القرار بترجيح لايجابياته.
وحول السيناريوهات المتوقعة
ان يقوم بنك الاحتياطي الفيدرالي يترك الأوضاع الحالية دون تغيير ويعرب عن القلق بشأن التحسن الاقتصادي، وبهذا السيناريو فالتراجع للدولار او السقوط مقابل جميع الأزواج هو الرد المرجح ، حيث يعني هذا السيناريو بان الفدرالي مستمر بالسياسات التحفيزية ولن يتم إعادة النظر فيها خلال ما تبقى من شهور هذا العام (( هذا السيناريو احتماله ضعيف))
السيناريو الثاني ، وهو تكرار لما ورد بأخر بيان للفدرالي الشهر الماضي ،حيث كان التغير فتح الباب ناحية تخفيض قادم في قيمة برامج التيسير الكمي مشروطا بالمزيد من التحسن الاقتصادي خصوصا ما يتعلق بأسواق العمالة ، وهنا نفترض أن تكون النظرة الايجابية غالبة على فقرات البيان بسبب النتائج الأخيرة لأسواق العمل ، هذا السيناريو والذي نرى بأنه الأرجح حسب تقديرنا نظرا للأوضاع العامة ، يفترض أن يكون ايجابيا بدرجة متوسطة للدولار ،حيث يشير لاقتراب التخفيض بأي وقت خلال الشهور القادمة من هذا العام ونكرر (( هذا السيناريو احتماله الأقوى ))
أما السيناريو الأخير وهو شبه مستبعد ،ولكن يتوجب التطرق إلية كوننا نتعامل مع برنانكي سيد المفاجئات ، يقوم على تحديد موعد للبدء بالتخلص من برنامج التيسير الكمي سواء تحديد تاريخ لوقف كامل أو الإعلان عن جدول التخفيض الشهري لقيمة 85 مليار ، 10 او 15 مليار شهريا وبالتدريج ،وبدون شك فان هذا السيناريو هو المحبب والمفضل للدولار الأميركي حيث سيعود سيد العملات الأول وبدون منازع ،سواء كردة فعل أولية او للمدى المتوسط .حيث يعنى هذا السيناريو الانتهاء الكلي من برنامج التيسير الكمي خلال ما تبقى من شهور هذا العام .
وأخيرا نشدد على متابعة مؤشر الدولار (الدولار اندكس ) حيث نشترط ان نشاهد عودة وثبات لتداولات المؤشر فوق مستويات 81.25 للاخذ بايجابية الدولار .