يعتقد ثلث مديري الصناديق في العالم، بحسب آخر دراسة أجراها بنك ميريل لنتش، أن أفضل فائدة يمكن أن تحققها الشركات من أموالها النقدية في الوقت الراهن هي أن تعطيها لحملة الأسهم. وحتى الآن الأمر جيد. ففي الولايات المتحدة بلغت قيمة الأسهم التي أعيد شراؤها في كانون الثاني (يناير) 57 مليار دولار، مقابل 357 مليار دولار للعام الماضي بأكمله.
وفي الحقيقة عمليات إعادة الشراء سارت على النحو الذي سارت عليه السوق بدقة – وصلت إلى أعلى مستوى لها في عام 2007، ولامست أدنى مستوياتها في عام 2009، ومن ثم بدأت تتعافى. والشراء بأعلى الأسعار هو، بطبيعية الحال، جزء أساسي من التقليد المتبع في إعادة الشراء. لكن قبل أن نتطرق إلى ذلك، ماذا يقول لنا هذا الترابط؟وفقاً لـ ''سميثرز آند كو'' إنه سبب ونتيجة. إن عمليات إعادة الشراء تدفع السوق، لأن المشترين الطبيعيين الوحيدين للأسهم هذه الأيام هم الشركات نفسها. والإدارة تعمل من أجل مصالحها قصيرة المدى – وبشكل خاص، دفع ربح السهم إلى أعلى – ولا تبالي بالعواقب المترتبة على ذلك في المدى الطويل. وهذا يستتبع أن تواصل السوق ارتفاعها طالما استمرت عمليات إعادة الشراء، وبعدئذ تنهار.
ربما يكون هناك شيء في ذلك، لكنني على العموم في الموقف غير المعتاد الذي أجد فيه ذلك أمراً مثيرا للسخرية. ومن ناحية أكثر واقعية، فإن عمليات إعادة الشراء هي اتفاق بين حملة الأسهم والإدارة، وهي من الناحية الأساسية نتاج لدورة الخطر.
لنعد لحظة إلى المبادئ الأولى. ولنبدأ بالنقطة الخاصة بربح السهم. وفقاً لحسابات سيتي جروب، شكلت عمليات إعادة الشراء نحو 25 في المائة من النمو في أرباح السهم الواحد في الشركات الأمريكية الكبرى غير المالية في الفترة 2003 – 2007. وفي حال حافظت عمليات إعادة الشراء هذا العام على مستويات العام الماضي – وهي تتجاوزه حتى الآن – تفترض الحسابات أنها ستشكل 37 في المائة من النمو المتوقع في ربح السهم الواحد.
إن النظرية الاقتصادية - مقترح مودجلياني وميلر الشهير – تقول إن هذا لا ينبغي أن يؤثر على سعر السهم. فكلما زاد حجم النقد الذي توزعه الشركة، زادت مديونية وخطورة ميزانيتها العمومية.
ويجب أن تكون هاتان النتيجتان متسقتين بحيث ينبغي أن ينخفض المضاعف المدفوع على هذه الأرباح بالنسبة نفسها حين يرتفع ربح السهم الواحد.وبصورة فورية، لا يحدث شيء من هذا القبيل، ولذلك يرفض الممارسون الماليون هذه الفكرة. لكنني أرى – رغم صعوبة إثبات ذلك حسابياً – أن هذه النظرية ما زالت جيدة عبر الدورة.
وهكذا، عندما يكون المستثمرون غير مبالين نسبياً بالخطر، فإنهم يأخذون هذه الأرباح المتزايدة للسهم الواحد بالقيمة الاسمية ويدفعون السعر إلى أعلى تبعاً لذلك. وبعدئذ عندما تأتي الأزمة، كما حدث عام 2007، يصابون بحالة من الرعب بسبب المديونية العالية ويتخلصون من الأسهم.
وتنطبق التأرجحات المزاجية نفسها على الإدارة التي تميل على أية حال إلى الاحتفاظ باتصال وثيق مع حملة أسهمها. ولذلك المد والجزر في عمليات الشراء يكون عبر اتفاق جماعي.
إحدى النتائج الضرورية لذلك هي عناد الشركات المتمثل في شراء مزيد من أسهمها كلما ارتفع سعر السهم أكثر – وهذا جيد بالنسبة لحملة الأسهم الذين يأخذون المال، وسيئ بالنسبة للذين يجلسون دون أن يفعلوا شيئاً.إذن، أين نحن الآن؟ مكاننا في دائرة الخطر يبدو، على أية حال، واضحاً بما فيه الكفاية.إن صناديق الأسهم عالية الخطورة تشهد تدفقات داخلة قياسية. وأسهم الإنترنت، إن لم تكن في دائرة الفقاعة، فهي على الأقل تسير في ذلك الاتجاه.وانظر إلى إصدار الأسبوع الماضي لسندات رأسمال الطوارئ من قبل بنك كريدي سويس. كان من المتوقع أن يتجنبها المستثمرون، لأنها مصممة لأن تتحول إلى أسهم إذا وقعت الجهة المصدرة في متاعب. من هنا كان العائد عليها بنسبة تقارب 8 في المائة.وفي ذلك الحدث تمت تغطية الاكتتاب ـ لجمع ملياري دولار ـ 11 مرة. هذه موجة حمى ويمكن أن تعكس اتجاهها من دون مهلة كافية، لكن المتفائلين لديهم قصة مختلفة يستندون إليها.
إن لدى الشركات أموالاً وفيرة، ولذلك لديها الحافز لمواصلة شراء الأسهم بغض النظر عن أي اعتبارات. وهذا يعني أن عمليات إعادة الشراء ستواصل دفع السوق إلى الأعلى حتى لو ضعفت الرغبة في المخاطرة.
ربما، لكن معظم الأموال النقدية الموجودة لدى الشركات الغربية الكبيرة من إصدارات السندات التي قامت بها في أعقاب أزمة الشح الائتماني. والشركات الأمريكية، على الأقل، تجمع بين الاحتفاظ بأموال نقدية كبيرة والمديونية الصافية العالية.يمكن أن يستثنى من ذلك قطاع التعدين الذي اعتاد منذ مدة طويلة على إجراء توزيعات خاصة، رداً على اليسر والعسر الدوريين. لكن لاحظوا أنه حتى شركة بي إتش بي بيليتون، التي قالت في الأسبوع الماضي إنها سترفع برنامجها الخاص بإعادة الشراء إلى عشرة مليارات دولار، لديها 200 مليون دولار فقط من النقد الصافي في ميزانيتها العمومية.في الحقيقة، تقول نظرية مودجلياني وميلر إن النقد المتوافر والنقد المقترض متعادلان لتلك الأغراض. لكن إذا وضعنا النظرية جانباً، فإن الاستنتاج يبدو واضحاً.
عندما تعود دورة الخطر التالية، ستتشبث الشركات بأموالها النقدية مثلها مثل كل شخص آخر. وفي الحقيقة، وبعيداً عن كونها قوة موازنة للدورة، أصبحت عمليات إعادة الشراء آلية لتضخيمها.