بيانات مختلطة طرحت على الساحة الاقتصادية الأمريكية ومرحلة التعافي مستمرة
لا يزال الاقتصاد الأمريكي يسير على خطى التعافي التدريجي من الأزمة المالية الأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية، إلا أن الاقتصاد الأمريكي بات مرغما على التصدي للضغوطات التي تقع على عاتقه متمثل في معدلات البطالة المرتفعة وأوضاع التشديد الائتماني وارتفاع قيم حبس الرهن العقاري التي تحد من تقدم الاقتصاد بالشكل المنشود.
مشيرين إلى أن بداية الاسبوع الذي مضى كانت مختلطة من حيث البيانات الرئيسية الصادرة، حيث أصدرت وزارة التجارة الأمريكي تقرير أظهر ارتفاعا غير متوقع في مبيعات التجزئة خلال شهر تشرين الأول أي بأفضل من التوقعات، ولكن بالمقابل أتى مؤشر نيويورك الصناعي مخيب للآمال حيث انخفض المؤشر خلال تشرين الثاني بشكل حاد وبأسوأ من التوقعات، واضعين بعين الاعتبار أن المؤشر ينخفض للمرة الأولى منذ شهر تموز للعام 2009، وذلك في خضم انخفاض الطلبات الجديدة في نيويورك بأسوأ من القراءة الماضية.
وبالتزامن مع مسألة التضخم التي كانت تشكل أحد أهم العوامل التي تزيد من قلق المستثمرين مؤخراً، وذلك عقب قيام البنك الفدرالي الأمريكي بإقرار الجولة الثانية من سياسة التخفيف الكمي، حيث آمن السواد الأعظم من المستثمرين بأن خطوة البنك الفدرالي الأمريكي ستقود حتماً إلى ارتفاع المخاطر التضخمية، فقد أتى تقرير أسعار المنتجين مظهرا بأن التضخم لا يزال تحت السيطرة في الولايات المتحدة الأمريكية.
حيث أظهر التقرير الصادر إلى جانب تقرير أسعار المستهلكين الأمريكي ارتفاعا في الأسعار ولكن ضمن وتيرة معتدلة كما أشار البنك الفدرالي سابقا، واضعين بعين الاعتبار أن التقريرين ساعدا في تراجع حدة تلك المخاوف، فعلى ما يبدو وأن مخاطر الانكماش التضخمي بدأت تشكل تهديداً، وعلى الرغم من هذا فإننا لا نتوقع بأن مخاطر الانكماش التضخمي حقيقية، وذلك بحسب ما تسير به عجلة التعافي والانتعاش حتى الآن.
ولم تقتصر بيانات هذا الأسبوع على ذلك، إذ كان قطاع المنازل الأمريكي حاضراً من خلال إصدار بيانات تتعلق بأداء القطاع خلال شهر تشرين الأول، حيث أكدت تلك البيانات على أن قطاع المنازل الأمريكي لا يزال يحاول الاستقرار، وذلك وسط استمرار معاناة القطاع جراء تبعات أسوأ أزمة مالية تعم العالم منذ الحرب العالمية الثانية، بسبب ارتفاع معدلات البطالة، تشديد شروط الائتمان، وارتفاع قيم حبس الرهونات العقارية، لتعمل تلك العوامل على إثقال كاهل القطاع وتدمير أنشطته الاقتصادية.
فقد صدر عن الإقتصاد الأمريكي مؤشر تصريحات البناء في الولايات المتحدة الأمريكية ليظهر ارتفاعاً في المؤشر خلال تشرين الأول، هذا إلى جانب مؤشر المنازل المبدوء انشائها في تشرين الأول الذي شهدنا انخفاضاً في المؤشر بأدنى من التوقعات.
أما نهاية البيانات الرئيسية الصادرة خلال الأسبوع كانت مع المؤشرات القائدة وطلبات الإعانة ومؤشر فيلادلفيا الصناعي، حيث أن تلك البيانات أشارت بأن الاقتصاد الأمريكي سيشهد تقدما خلال الفترة المقبلة ولكن ضمن وتيرة معتدلة، وذلك وفقا للمؤشرات القائدة التي صدرت بتطابق مع القراءة السابقة التي تم تعديلها، في حين ارتفع مؤشر فيلادلفيا الصناعي خلال تشرين الثاني بشكل حاد وبأفضل من التوقعات.
كما وصدر أيضا عزيزي القارئ تقرير طلبات الإعانة الأمريكية والتي تفوقت على التوقعات خلال الأسبوع المنصرم، لتشير إلى أن قطاع العمالة لا يزال يسير على خطى الاستقرار والتعافي التدريجي من الأزمة المالية الأسوأ منذ الكساد العظيم.
ولكن بالنهاية لابد لنا من الإشارة بأن الاقتصاد الأمريكي سيحتاج إلى مزيدا من الوقت إلى أن يصل إلى بر الأمان وأن تعود المياه إلى مجاريها كما يقولون، ولكن يجب أن ننتظر وتيرة تعافي سريعة خلال الفترة المقبلة، وذلك إلى حين انخفاض معدلات البطالة بنسب ملحوظة، والذي لن يحدث قبل النصف الثاني من العام 2011، وفقا للتقديرات...