تقرير اخباري: مصر تنفي وجود "ازمة قمح" لكنها تسعى نحو المزيد من مصادر توريده
نفت مصر التي تعد من اكبر مستوردي القمح في العالم وجود ازمة لديها في توافر القمح بعد قرار الحظر الروسي لتصديره حتى نهاية العام، لكنها اعتبرت هذا القرار بمثابة "بداية جديدة" للسعي نحو المزيد من مصادر توريده. وحرص رئيس الوزراء المصري احمد نظيف اليوم، على طمأنة مواطني بلاده، خاصة مع تزامن الأزمة مع حلول شهر رمضان، الذي تتزايد فيه حاجات المصريين من الدقيق والخبز، وفي ظل الارتفاع العالمي لاسعار القمح.
ونفى نظيف في تصريحات صحفية، على هامش تدشين بارجتين للنقل النهري في الاسكندرية، (221 كلم شمال القاهرة) اليوم، وجود اية ازمة في توافر القمح بعد اتخاذ روسيا قرارها بوقف تصديره، معتبرا انها تعد بداية جديدة لتحفيز مصر على التفكير في تنويع مصادرها من استيراد القمح.
وقال "إننا نتواجد اليوم فى إحدى صوامع القمح بميناء الأسكندرية، التي تعتبر من النقاط اللوجستية، حيث يوجد بها نحو 600 ألف طن من القمح"، مشيرا إلى أن الاحتياطى الإستراتيجى متوفر ويتم استكمال تعبئة الصوامع أولا بأول.
وشدد على حرص بلاده على تنويع مصادر استيراد القمح، موضحا انه تم التعاقد بالفعل مع فرنسا لشراء 240 ألف طن من القمح.
وتابع ان هناك تعاقدات مع روسيا "نقوم حاليا بإعادة جدولتها".
واكد رئيس الوزراء المصري ان ارتفاع اسعار القمح وفروق الأسعار لن يتحمله المواطن بل الدولة، مع استمرارها في دعم الخبز وعدم رفع اسعاره.
وارتفعت اسعار القمح بنسبة بلغت نحو 40 في المائة خلال شهر يوليو الماضي بسبب موجة الحر والجفاف، التي تدمر المزروعات في روسيا ثالث مصدر عالمي للقمح.
وبلغت اسعار القمح في بورصة المواد الأولية في شيكاغو، التي تعد مرجعا عالميا تسليم سبتمبر 31.75 سنتا (اي 6.9325 دولارا) للصاع (25 كجم)، بارتفاع نسبته 4.80 في المائة خلال يوم واحد، وبلغ خلال الجلسة 7.07 دولار، وهو سعر لم يسجل منذ سبتمبر 2008.
وكان وزير التجارة والصناعة المصري رشيد محمد رشيد، قد اكد الاحد الماضي ان بلاده قادرة على مواجهة قرار حظر تصدير القمح الروسي بسبب ارتفاع نسبة المخزون وتنوع مصادر الاستيراد، قائلا إن المخزون يكفي احتياجات سكان مصر لاربعة أشهر قادمة.
وطلب الوزير المصري جدولة التعاقدات التي تمت قبل قرار الحظر الروسي بين الهيئة العامة للسلع التموينية المصرية والشركات الروسية (نحو 540 ألف طن)، وتشكيل لجنة للنظر في سبل تنفيذ العقود وشحنها في توقيتات مناسبة للطرفين.
واكدت روسيا الاثنين انها تدرس تحديد خطة لاعادة جدولة التعاقدات المصرية من القمح في اكتوبر المقبل بعد مراجعة موقف المحصول، الذي تأثر بالظروف المناخية.
بدوره، قال مستشار وزير التجارة والصناعة للشئون الخارجية والاتفاقيات الدولية هشام رجب في تصريحات خاصة لوكالة أنباء (شينخوا)، إن قرار الحظر الروسي للقمح، وما تلاه من ارتفاع اسعاره عالميا لن يؤثر على السوق المصري.
وعزا رجب ذلك الى ان المخزون الاستراتيجي من القمح في مصر يكفي للوفاء بمختلف الاحتياجات لمدة خمسة اشهر.
وتابع ان مصر تعتمد ايضا على سياسة تعدد المنافذ في استيراد القمح وعدم الاعتماد على دولة واحدة، وانها تقوم بالفعل بتنويع مصادرها، مشيرا الى ان القاهرة تبحث حاليا في المزيد من التنويع وفتح أسواق جديدة لاستيراد القمح منها.
واضاف ان ما لدى مصر من مخزون وما تعاقدت عليه لشرائه من فرنسا يجعل هناك استقرارا في سوق القمح ومصنعاته، خاصة بعد ان اكدت روسيا الاثنين امكانية جدولة الشحنات المتعاقد عليها بين مصر وروسيا في شهر اكتوبر القادم.
واشار الى ان وزارة الزراعة المصرية لديها خطة لزيادة المساحات المزروعة بالقمح، وزيادة انتاجية الفدان من القمح.
وكانت دراسة اعدها المركز القومي للبحوث، ومركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء المصري قد اوصت بزيادة المساحة المنزرعة بالقمح بـ400 ألف فدان، حيث ان هذا من شأنه ان يحقق انتاج مليون طن بمعدلات الإنتاج الحالية 2.7 طن للفدان مع إمكانية التوسع في زراعة الأراضي الجديدة أو تعديل التركيب المحصولي الشتوي.
واوصت ايضا بترشيد استهلاك الفرد السنوي من القمح بمقدار 6 كيلو جرامات، وهو ما يساهم في خفض الاستهلاك الكلي 402 الف طن، مما يساهم في توفير 63 مليون دولار تكلفة استيراد هذه الكمية.
كما تضمنت التوصيات وضع خطة لبناء مخزون استراتيجي من القمح يكفي لاستهلاك أكثر من 6 أشهر لتأمين الاقتصاد القومي من ارتفاع الأسعار العالمية، ومن حدوث أزمات غذائية عالمية نتيجة انخفاض الإنتاج العالمي ومن التقلبات السياسية الدولية.
وجاءت توصيات هذه الدراسة لمواجهة الاعتماد الكبير على الأسواق الخارجية في استيراد القمح، وتجنب التقلبات العالمية في اسعاره.
من جانبه، قال استاذ الاقتصاد الزراعي بجامعة القاهرة نادر نور الدين، إن ارتفاع اسعار القمح "منطقي"، وذلك بسبب ارتفاع حرارة الشتاء هذا العام والجفاف ونقص المطر، الذي تنمو عليه اكثر من 90 في المائة من الأقماح المتداولة في الأسواق العالمية.
وتابع نور الدين معددا اسباب ارتفاع الاسعار الى حدوث فيضانات غزيرة دمرت محصول القمح في عدد من الدول المكتفية ذاتيا مثل الصين وباكستان وبنجلاديش، فضلا عن نقص المساحات المزروعة بقمح الخبز هذا العام في الولايات المتحدة بنسبة 30 في المائة لصالح اصناف القمح الرخيصة الخاصة بتصنيع الوقود الحيوي، وحرق دول الاتحاد الأوروبي لنحو 4 ملايين طن من القمح هذا العام لانتاج الايثانول.
واشار الى ان فيضانات الصين سوف تؤدي الى نقص المخزون العالمي من القمح، حيث تعد الصين هي الدولة الأكبر إنتاجا للقمح في العالم، ويمثل المخزون الاستراتيجي بها نسبة 35 في المائة من المخزون الاستراتيجي العالمي.
وحذر نور الدين من ان ارتفاع اسعار القمح يهدد بعودة أزمة ارتفاع أسعار الغذاء العالمي.