واقع تجارة الفوركس في نيجيريا
بدأت أنشطة تجارة الفوركس في نيجيريا في العام 2004 تقريباً. لم تلق آنذاك ترحيباً كبيراً من النيجيريين، والذين يفضل أغلبهم التعامل المادي هذا بجانب ضعف البنية الأساسية، خاصة الإنترنت والكهرباء.
ولكن مع ظهور العديد من مخططات بونزي الاحتيالية والتي قدمتها بعض المؤسسات المالية غير المرخصة بدأت تجارة الفوركس تحظى بشعبية هائلة في البلاد! وكانت تلك المؤسسات تحصل على أموال المستثمرين مقابل وعود بإعطاء عائد شهري يصل في بعض الأحيان إلى 8.3%. بالطبع فإن هذا العائد الضخم أسال لعاب المستثمرين والذين لجئوا إلى سحب أموالهم من البنوك وتحويلها إلى تلك المخططات الاحتيالية – وهو ما أحدث حالة من الجدل الواسع في البلاد.
تعجب النيجيريون من ضخامة تلك العوائد قبل أن يكتشفوا لاحقاً بعد البحث والتحري أن تلك الأموال، والتي كانت تصل إلى مليارات الدولارات، يجري تداولها في سوق الفوركس!! ودفعت تلك النتيجة العديد من النيجيريين، خصوصاً المتداولين الأفراد، إلى أخذ زمام المبادرة وسبر أغوار هذا العالم غير المعروف بالنسبة لهم. ولكن كانت النتيجة هي الفشل الذريع.
لجأت بعد ذلك المجموعة الأولى من المتداولين الذين احترقت أصابعهم بالخسائر الجسمية إلى البحث عن مدربين لتعليمهم أصول المهنة وهو ما صاحبة بالتبعية جلب العديد من وسطاء الفوركس الأجانب إلى نيجيريا. ومن أمثلة تلك الشركات الباري،
لايت فوركس، انستافوركس وغيرها الكثير. وساعد تدفق شركات الوساطة الأجنبية أيضاً في زيادة شعبية الفوركس خصوصاً بعد أن شرعت في حملة ترويجية على المستوى المحلي زارت خلالها العديد من المدن وسعت إلى تثقيف المستثمرين، ما مكنها من اجتذاب آلاف العملاء.
أحد العوامل الأخرى التي ساهمت في هذا النجاح تمثل في عدم حاجة النيجيريين إلى دفع رسوم مصرفية كبيرة مقابل نقل أموالهم إلى الشركات الخارجية بسبب وجود العديد منها داخل البلاد.
وبلغت تلك الموجة ذروتها في عام 2010 قبل أن يحدث انسحاب مفاجئ للمتداولين بسبب الخسائر الجسيمة التي تكبدوها بجانب الفقدان التدريجي للثقة في الصناعة بأكملها. كما ساهم أيضاً انهيار سوق الأسهم المحلية في جفاف السيولة التي كانت تسري في شرايين النظام المالي.
الأرقام التي تتحدث عن وجود 500,000 متداول في نيجيريا قد لا تبعد كثيراً عن الحقيقة. بل ربما كان لدينا عدد أكبر من ذلك! ولكن تلك الأرقام بدأت في التضاؤل بمرور الوقت بسبب الخسائر الكبيرة التي عانى منها العديد من المتداولين إلى الحد الذي يمكن القول معه بأن الصناعة قد فقدت نحو ثلث هذا العدد وربما بشكل لا رجعة فيه.
وبدأت جمعية وكلاء تداول الفوركس عبر الإنترنت، وهي جمعية تضم وسطاء الفوركس العاملين في نيجيريا، في مبادرة لاستعادة الثقة المفقودة من خلال حث العديد من الهيئات الحكومية على الانخراط في وضع رؤية شاملة لتنظيم نشاط الفوركس في البلاد.
ونجحت الجمعية بالفعل في لفت انتباه العديد من تلك الهيئات حتى أن بعض ممثليها قد جرى دعوتهم من قبل هيئة الأوراق المالية والبورصات (SEC) وبنك نيجيريا المركزي (CBN) للاجتماع معهم ومناقشة طرق تنظيم صناعة الفوركس في البلاد. لهذا لدينا اعتقاد راسخ بأن السوق سوف يأخذ شكلاً جديداً يجتذب فيه اللاعبين من المؤسسات الكبرى حالما تنتهي الحكومة من تنظيم أوضاع الصناعة.