خمسة أسباب مثيرة للقلق حول الاقتراع الاسكتلندي القادم
اسكتلندا هي واحدة من أربعة دول تشكل بمجموعها ما يسمى بـالمملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وأيرلندا الشمالية، أو التي تعرف اختصاراً باسم المملكة المتحدة، و هي إحدى دول الاتحاد الأوروبي. سيصوت الشعب الاسكتلندي في الثامن عشر من سبتمبر من العام 2014 حول دعم استقلال اسكتلندا عن المملكة المتحدة أم لا. يرى مؤيدو الانفصال أن هذا الاستقلال سيأتي بالكثير من الاستقرار والرفاهية للشعب الاسكتلندي، حيث سيزداد عدد الوظائف المتاحة للاسكتلنديين، و سيحصلون على الحكومة المستقلة التي يريدون، كما أن الموارد النفطية و موارد الطاقة ستستغل لمصلحة الدولة الاسكتلندية، بالإضافة إلى إيقاف صناعة الأسلحة النووية في اسكتلندا، و غير ذلك الكثير من الميزات والإيجابيات التي سيأتي بها هذا الاستقلال للاسكتلنديين. و على الرغم من كل ما تم ذكره من قبل المؤيدين، إلا أن هناك آثاراً سلبية أخرى سيأتي بها هذا الاستقلال لاسكتلندا و للدول المجاورة، فكيف يمكن لهذا الاستقلال أن يؤثر سلباً على مستقبل الدولة الاسكتلندية؟
يرى المعارضون لفكرة الانفصال (الاستقلال) أن التصويت بنعم سيكون له عواقب وخيمة على المدى البعيد، حيث أنه سيؤثر سلباً على القطاع الاقتصادي عموماً، وعلى القطاعين المصرفي و الصناعي بشكل خاص، وقد تمتد هذه الآثار لتشمل أوروبا بأكملها. وقد أورد المعارضون للانفصال خمسة نقاط هامة على الشعب الاسكتلندي معرفتها قبل التصويت بنعم أو لا، و هي كالتالي:
مأزق العملة: مع اقتراب موعد الاقتراع حول انفصال اسكتلندا، سجل الجنيه الاسترليني في هذا الأسبوع أدنى مستوى له خلال عشرة اشهر مقابل الدولار متأثراً بتأرجح آراء المصوتين حول قبول الانفصال من عدمه. و يرى المعارضون أن العملة ستتأثر كثيراً إذا تم هذا الانفصال، إذ ما هي العملة التي سيتم استخدامها في اسكتلندا إذا حصلت على استقلالها؟ يُظهر المؤيدون للاستقلال رغبة في الاستمرار باستخدام الجنيه الاسترليني، لكن صناع القرار في المملكة المتحدة لا يرغبون بهذا. و حتى إن تمت الموافقة على اعتماد الجنيه الاسترليني كعملة للدولة الجديدة المستقلة (اسكتلندا)، فإن هذا سيؤدي لفرض سياسة نقدية تقشفية صارمة على ميزانية الدولة الجديدة. و يرفض أليكس سالموند الزعيم الاسكتلندي الوطني الإفصاح عن أية خطط أخرى بخصوص استبدال الجنيه الاسترليني بعملة أخرى، موقراً في نفسه أن الاسكتلنديين سيستخدمون الجنيه الاسترليني حتى بعد الانفصال بغض النظر عن موافقة المملكة المتحدة من عدمها. لكن تبقى هناك خيارات أخرى مطروحة كاستحداث عملة جديدة أو اعتماد اليورو.
الجدل حول الديون: في خطوة مبكرة بغرض طمأنة المستثمرين في المملكة المتحدة، قامت المملكة المتحدة بإعلان التزامها بسداد بكافة الديون والالتزامات المترتبة عليها (الفوائد)، متضمنة الديون التي تخص اسكتلندا في حال انفصال الأخيرة. مما يعني أن اسكتلندا ستكون مدينة لبريطانيا بما تقدر قيمته بـ 130 بليون دولار في حال استقلالها عن المملكة المتحدة. يرى الانفصاليون أن اسكتلندا ستكون قادرة على سداد هذا الدين في حال منحها الاستقلال، لكن مؤسسة التصنيف الإئتماني (Standard & Poor's) ترى أنه في حالة استقلال اسكتلندا، فإن اقتصادها - الذي يعادل من حيث الحجم اقتصاد البرتغال - سيكون أكثر عرضة للأزمات المالية، وذلك لاعتماده على إيرادات متقلبة من النفط والغاز.
مسألة النفط: تُعتبر المملكة المتحدة أكبر منتج للنفط في أوروبا، وتنتج اسكتلندا وحدها ما يقارب من 90% من النفط. في حالة الانفصال، ستطالب المملكة المتحدة بنصيبها من النفط المُنتَج ومن احتياطي النفط أيضاً. و يتفق معظم المحللين على أن توافقاً على تقسيم هذه الثروة سيتم بين بريطانيا واسكتلندا. لكن الأمر ليس بهذه البساطة، إذ أن هناك خلافاً حول قيمة و كمية النفط المتبقية. يرى الانفصاليون أن قيمة النفط المتبقي تصل إلى ما يقارب 1.5 تريليون جنيه استرليني، بينما ترى الحكومة البريطانية أن قيمة ما تبقى من النفط تساوي عُشر المبلغ الذي حدده الانفصاليون فحسب.
العملاق المالي: تتخذ الكثير من المؤسسات المالية البريطانية من اسكتلندا مقراً لها، كالبنك الملكي الاسكتلندي و بنك لويدز. و ترى هذه المؤسسات أن انفصال اسكتلندا عن المملكة المتحدة سيؤدي للإضرار بأعمالها وزيادة مصاريفها، كما أنه سيؤدي إلى إضعاف تصنيفها الإئتماني.
ستجابه اسكتلندا تحدياً كبيراً فيما يتعلق بمواجه أية أزمة مالية محتملة، حيث أن حجم مصارفها أصغر من حجم اقتصادها بما يقدر باثنتي عشرة مرة. ستكون الكثير من شركات الوساطة المالية وشركات التأمين كشركة (SLFPF) مجبرة على الانتقال خارج الدولة الوليدة. يقول رئيس شركة (SLFPF) جيري جريمستون: "ستتخذ شركتنا القرار المناسب في حال حدوث أي أمر قد يضر بأعمالها، بما في ذلك نقل جزء من أعمال الشركة خارج اسكتلندا ".
العضوية في الاتحاد الأوروبي: يرغب الانفصاليون في البقاء كعضو في الاتحاد الأوروبي، لكن انفصال اسكتلندا عن المملكة المتحدة يعني نشوء دولة جديدة، وعليه فإنه يلزمها التقدم بطلب للحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي، هذا الأمر قد يستغرق سنوات عديدة للحصول على موافقة دول الاتحاد الثماني والعشرين. بعض دول الاتحاد قد ترفض قبول عضوية الدولة المستقلة الجديدة، وذلك خوفاً من نشوء حركات انفصالية على أرضها. في المقابل يخشى الكثير من البريطانيين خسارة عضوية دولتهم في الاتحاد الأوروبي في حال انفصال اسكتلندا، حيث أن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون قد وعد بعرض عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي للتصويت في نهاية العام 2017 في حال فوزه في الانتخابات. المشكلة في استقلال اسكتلندا هو أن مواطنيها هم من الداعمين الرئيسيين للبقاء في الاتحاد الأوروبي، و خسارتها تعني ازدياد مخاطر فقدان بريطانيا لعضويتها في الاتحاد الأوروبي.