إستقلال اسكتلنـدا.. هل يتحقق حُلــم ” ويليــام والاس ” بالكــامل قريبــا ؟!
عندمـا كــان الجنــدي الإنكليــزي يتلــذذ بتعــذيبه بأشد وسائل التعذيــب أمام جمهــور غفيــر من أهل اسكتلنــدا .. وبعــد أن قــاموا بشنقه وإنزاله من الحبل قبل أن يختنق .. وربط قدميه ويديه بأربعة أحصنــة يتحرك كل منهم في إتجاه مختلف .. وبعــد ان قــاموا بإخصــائه ، وخوزقتــه .. طلبــوا منه أن يطــلب الرحمة من ملك إنكلتــرا ليعفــوا عنه ..
فصـاح بالكلمة التى خلّده التاريخ بهــا ، وأبرزها ميــل جيبســون في فيلمــه الشهيــر ( القلب الشجــاع ) ، فى صــرخة طويلة ممتدة قطعت انفـاسه : الحـرية !
فقطــعوا رأسه ! .. وتم تعليقهــا على ( جســر لندن ) ، وتم توزيع أطرافه مُنفصــلة على مدن نيـوكاسل ، برويــك ، ستيرلنغ ، أبرديين .. حتى يكون عبــرة لأي مُتمــرد آخـــر ، يسعــى للخــروج عن مملكــة إنكلتــرا !
بعــد 22 عاماً من مقتــل ( ويليــام والاس ) ، وبعد سلسلة حــروب طاحنــة خاضها الإسكتلنــديون لنيــل استقلالهم من الإنكليــز ، أعلن إستقلال اسكتلنــدا فى العام 1328 م والاعتراف بها كمملـــكة مُستقـــلة بعد سقوط آلاف الضحــايا ، وتحقق حلم ويليــام والاس أخيــراً ..
وفي العام 1701 م ، تم إصــدار قانون الوحــدة الذي انضمّــت بموجبــه مملكة استكلنــدا إلى مملكة إنجلتــرا ، مُشكّــلة النواة الرئيسية لمــا نعرفه الآن بــ ( المملكــة المتحدة ) ..
وأخيــراً ، وفي يوم 18 سبتمبـر من العام 2014 .. يشهــد العالم محطــة أخــرى جديدة من قصــة ( إنكلتــرا – اسكتلنــدا ) ، بتقـــدم أكثــر من 5 ملايين اسكتلنـــدي إلى إستفتــاء عــام .. إما بالموافقة على الإنفصــال الكــامل من بريطــانيا ، وإعلان اسكتلنــدا دولة مُستقلة بشكـل كــامل .. أو بالإستمــرار كجــزء من التــاج البريطــاني الذي يشمـل ( إنكلتــرا – اسكتلنــدا – ويلــز – ايرلندا الشمالية ) ..
كلمـة ( نعم ) في هذا الاستفتــاء التاريخــي تحمـل مزيجـاً من الخيــر والشــر لبـلد ( ويليــام والاس ) الذي دأب الإنكليــز على تسميته بالـمحارب الهمجي البربري لسنين طويلة .. بينمـا تحمل ربمـا الشــر كله لمفهــوم ( المملكــة المتحـــدة ) ..
الإنفصـال .. مزيج من المميــزات والعيــوب !
إنفصـال اسكتلنــدا عن بريطـانيــا ، يحمــل الكثير جداً من النتائج السياسية والاقتصادية والإجتماعية ، ألخص لكــم أهمها على شكــل نقـاط سريعة :
# إختفــاء ثلــث مســاحة بريطـانيــا الحاليــة !
# إنخفــاض سكــان بريطـانيــا بشكـل مفاجئ بحوالي 5 ملايين ونصــف مواطن ..
# خســارة سنــوية للمملكــة المتحدة بمقـدار 245 مليــار دولار من دخلها القــومي كل عام !
# إنهيـار قيمة الجنيــه الإسترليــني بنسبة 10 % – 11 % ( تدريجيــاً ) ..
# ارتفــاع سريــع لنصيــب المواطن الاسكتلنــدي إلى 45 ألف دولار سنــوياً ، بدلاً من 39 ألف دولار سنويـاً يتقاضاها حالياً كمتوسط للدخل السنــوي .. أي زيــادة سريعة بمقــدار 6000 دولار تقـريباً بعد الإستقلال مباشــرة ..
# بعد 5 سنوات من تقــرير الإنفصــال ، سيزداد دخل اسكتلندا العام بمقدار 15 % .. مما سيرتفــع الدخل السنــوي للمواطن الاسكتلنــدي إلى 54 ألف دولار سنــوياً .. السبب فى ذلك أن بريطـانيا ستسـتــورد الكثير من المنتجــات الإسكتلنــدية بإعتبــارها منتجــات أجنبيــة ، والتى حتى الآن تدخل أراضيــها بإعتبــارها ناتج محلي بريطـاني ..
# إنفــراد اسكتلنــدا بثــروة نفطيــة ضخمــة تم إكتشافها مؤخراً فى بحــر الشمــال للسواحل الشرقية لإسكتلنــدا .. مما يتوقع أن تجعلهــا تنفــرد عن بقية بريطـانيــا بثــروات طبيعية هائلة تجعلها من أغنى الدول على الإطلاق !
# ولكن .. من الناحية الدفاعية فإن وضع اسكتلنــدا بعد الإستقلال سيكون سيئاً ، بإعتبــار أن مُعظم الاجهزة العسكـرية والأمنيــة الاسكتلنــدية تتكــامل مع الاجهزة الامنية والعسكـرية البريطـانية عموماً .. فضـلاً ان اسكتلنــدا تعتمد على الاتحــاد البريطاني بشكـل أساسي في مسألة الدفاع..
# ماذا عن الإتحــاد الأوروبي ؟ المفـترض ان اسكتلنــدا ستستمــر فى عضـويتها فى الإتحــاد الأوروبي بنفس الصيغة التى تضم بريطـانيا بالضبط .. ولكن ظهــرت عدة دول مثل لاتفيــا ، ايرلندا ، التشيــك ، التى تصمم على إن اسكتلنــدا من الضــروري أن تمر بجميع مراحل العضــوية والمفاوضـات المرهقة والإصلاحات التى مرّت بها جميع الدول .. وليس مُجــرد ( إرث ) عضــوية بريطــانيا بهذه البساطة ..
مما يجعـل خروج اسكتلنـدا من الإتحــاد الاوروبي ، بمجــرد الموافقــة على الإنفصال من بريطـانيا ، أمراً متوقعاً ..
عــدوى الإنفصــال !
رغم كـل السلبيــات التى ستعــود على مفهــوم الدولة البريطـانية الحاليــة من إحتمال استقلال اسكتلنــدا التى تمثــل مع إنكلتــرا العمــود الفقــري للمملكة المتحدة .. إلا أن الخطـر الحقيقي الذي تخشـاه بريطـانيا ( أو ماتبقى منها فى هذه الحالة ! ) هو انتقــال عدوى الإنفصــال إلى ايرلندا الشمـالية أيضـا !
هذا الخطــر يزداد يوماً بعد يوم ، عقــب إستفتــاءات الرأي التى ترصــدها المؤسسات الإستطلاعية البريطانية بشكــل محموم هذه الايام ، والتى تشيــر إلى تقــارب رهيــب بين نسبــة المؤيدين للإنفصــال والرافضيــن له في اسكتلنــدا ، والذي وصــلت إلى نسب متطــابقة تقريباً ..
لذلك ، ستقــرأ هذه الأيام أن المسؤولين البريطـانيين لا يفعلون شيئاً سوى تنظيم مبــادرات وحملات ميدانية فى اسكتلنــدا ، لإقنــاع المواطنين هنــاك بضــرورة التصــويت برفــض الإنفصــال عن بريطــانيا ، وإغراءهم بالعديد من الخطــوات الإصلاحية المُستقبليــة التى من شأنها تعزيــز الرفاهية في المملكة المتحدة البريطـانية بشكـل واسع ..
طبعــاً هذه الخطــوات تأتــي إثــر تحذيرات جادة أطلقهــا محللون وبرلمـانيــون ، أن إنفصــال اسكتلنــدا عن بريطـانيــا ، سيكون ضحيّته الأولى هو رئيس الوزراء الحــالي ( ديفيــد كاميــرون ) ، الذي قد يعـاني ضغوطا كبيــرة تؤدي به إلى الإستقــالة ..
( فليُعيــن ) الــرب الملكــة !
نقلت صحيفة الميـرور البريطـانية من مصــادرها داخل القصـر الملكـي ، بأن الملكــة إليـزابيث الثـانية تخشــى من أنها ستكـون آخــر ملكــات اسكتلنــدا ، وذلك فى لقــاء جمعهــا مع رئيس الوزراء البريطـاني ، والذي يُقــال أنه طــالبها بالتدخل شخصيــاً – رغم حيــادها السيــاسي – لإقنــاع الاسكتلنديين بالتصــويت برفض الإنفصــال ..
يبدو أن Her Majesty تعــاني أيــاماً عصيبــة حاليــاً ، وهي تشهـد بعينيهــا اقتراب لحظــة مفصليــة ربمـا تؤدي إلى تقسيــم إتحــاد إستمــر أكثر من 300 عــام ، كــانت هي آباؤها وأجدادهــا هم الحُكّــام الرمزييــن له !
فليحفــظ الربّ الملكــة كمـا يقول الإنكليــز دائماً .. ويعينهـا على هذه اللحظة الصعبة !
الشبـاب : نعم للإنفصــال .. كبــار السن : لا للإنفصــال !
إستطلاعات الرأي المحمــومة تشيــر إلى تزايــد الميــل العام للتصــويت بنعم للإنفصــال عن بريطــانيا ، خصوصاً بين فئــات الشبـــاب الاسكتلنــدي .. بينما يميــل كبار السن للتصــويت بلا للإنفصــال ، والإستمرار ضمن التاج البريطـاني ..
صحيفة الإندبندنت البريطـانية ذكــرت أن آخر استطلاع رأي ( في الفترة بين 2 – 5 سبتمبــر ) ، يشيــر بأن 47 % من الاسكتلنــديين سيصوّتون للإنفصــال عن بريطـانيا ، بينما 45 % يرفضون الإنفصــال .. و 7 % من المُصوّتين لم يحسمــوا أمرهم بعــد ، مما يجعــل هذه الـ 7 % هي رمّانة الميــزان التى ستصوّت للإنفصــال أو الإستمرار ..
وأوضحت أيضـاً إستطلاعات الرأي أن كل الفئــة العمــرية مابين ( 16 عاما حتى 59 عاماً ) كانت نسبة التصــويت أكبــر لصالح الاستقلال .. بينمــا كــان تصــويت الفئة العُمــرية فوق الـ 60 برفــض الإستقلال عن بريطـانيا بنسبة كبيــرة ..
ابــرز المؤيــدين والرافضيــن
وكعــادة أي شـأن عــام ، بحجــم هذا الحدث التاريخــي .. اعرب بعض المشاهـير عن تأييدهم لقرار الإنفصال ، بينما أعرب الآخرون عن رفضهم ..
شون كونــري – الممثل الاسكتلنــدي العالمي العظيم – من أبــرز الشخصيات العالميــة التى توافق على الإنفصــال ..
بينمـا ( جي – كي – رولينغ ) مؤلفة سلسلة روايات ( هاري بوتر ) الشهيــرة.. والسيــر ( أليكس فيرجســون ) المدرب الشهيــر لفريق مانشستــر يونايتد ، والمُطــربة الساحرة ( سوزان بويــل ) ، أعــربوا جميعاً عن رفضهــم لإنفصــال اسكتلنــدا عن بريطـانيا ..
الفايــد : اسكتلنــدا ( مصــرية ) الأصل .. وسأترشّح لرئاستها !
المليـارديـر المصـري العالمــي ( محمد الفايــد ) من أبــرز المؤيدين لإنفصــال اسكتلنــدا عن بريطـانيا ، بسبب العلاقات المشوّبة بالحديد والنار بينه وبين العائلة المالكــة البريطـانية ، والتى يتهم فيهــا الفايــد العائلة المالكــة بالتورط في قتــل إبنه ( دودي الفايد ) و الأميــرة ديــانا بشكــل مُباشــر ..
الفايــد – السّكندري المولد والمنشــأ - يُصــر أن مُسمى اسكتلنـدا أصله مصـري ، وفقــاً للرواية التاريخية التى تقول برحيــل أميــرة فرعونية مصــرية تُدعى سكوتا ، إبنــة الفرعون ( شينكـريس ) إلى أقصى شمال أوروبا مع جنودها ، وإختيــارها اسكتلنــدا لتعيش فى أرض جديدة مع شعبهــا الصغيــر .. وكونهم مصــريــون بالأساس ، فإنهم هم الأصل فى ظهــور الـ KILT أو الزي الشعبي التقليدي الاسكتلندي الشهيــر ، لأنه كان هو الزي الرئيسي فى مصــر هذه الفتــرة !
الجميــل أيضـاً أن الفايد تعهّــد أنه فى حالة الموافقة على الإستقــلال ، فإنه سيُكلّف ( النحّــات الرسمي الخاص به ) بعمل تمثــال ضخم للأميــرة سكوتا ، يشبه تمثال الحــرية الامريكي ، يوضــع فى اسكتلندا كرمز للحرية والنهضــة الوطنية بعد الإستقــلال ..
كما أكّــد أنه سيتقدم لنيــل الجنسية الاسكتلنــدية ، وسيخــوض اول معــركة إنتخابية رئاسيــة لحُكــم اسكتلنــدا !
***********************
رغم كـل شيء ، هنـاك تيّــار قوي داخل عموم بريطـانيا يرفض ضمنيــاً فكـرة الإنفصــال .. عبّر عنه رئيس الوزراء البريطاني بتصــريح مؤثر ، تناقلته كل وسائل الإعلام العالمية :
ما الذي يمكن أن يكون أهم لدينــا من الحفاظ على مملكتنا المتحدة ؟.. دعونا نقول ونؤكــد إننا أفضل معاً .. وسننهض معا !
السؤال الذي يطــرح نفسه الآن :
إذا كنتَ مواطنــاً اسكتلنــدياً ، هل كنت ستفضــل الإنفصــال عن بريطـانيا ؟ .. طبعاً من حقنــا أن نســأل هذا السؤال ، بإعتبــار أن هناك من يؤكــد بإصــرار أن اسكتلنــدا لهــا أصــول مصرية / عربية الآن ! ..