قد لا تكون الأوضاع أو التشريعات المالية في إسرائيل ذات أهمية بالغة للقارئ أو المتداول العربي والذي يتجنب عادة التعامل مع أي جهة مرتبطة بها. ولكن بالنظر إلى حقيقة أن كثير من شركات الوساطة في مجال الفوركس إما يمتلكها أو يديرها أشخاص إسرائيليون لذا فقد يكون من المفيد استعراض التطورات الهامة في هذا البلد الصغير رغم تاريخه العدائي الطويل مع العالم العربي.
الأخبار الواردة من تل أبيب تشير إلى أن لجنة الشئون المالية بالكنيست الإسرائيلي تقوم حاليا باستعراض عدد من المقترحات بالغة الصرامة وغير المسبوقة تقدمت بها هيئة الأوراق المالية الإسرائيلية (ISA) وحصلت فوركس ماجنتيس على نسخة رسمية وحصرية منها.
الوثيقة توضح بشكل تفصيلي المقترحات المقدمة لتقليل مقدار الرافعة المالية التي يمكن أن تقدمها شركات الوساطة إلى متداو ليها على النحو التالي:
الضمان المطلوب لتنفيذ صفقة المتداول سيتم تصنيفه وفق مقدار المخاطرة, وسيتعين على الشركات الا تحيد عنه هذه المعايير:
20% (1 من القيمة الاسمية للمعاملة على المعاملات التي تتم على الصكوك المالية التي تحمل مخاطرة كبيرة؛
10% (1 من القيمة الاسمية للمعاملة على المعاملات التي تتم على الصكوك المالية التي تحمل مخاطرة متوسطة؛
4% (1 من القيمة الاسمية للمعاملة على المعاملات التي تتم على الصكوك المالية التي تحمل مخاطرة منخفضة؛
إذا تم تطبيق هذه المعايير الجديدة فان الوكلاء ومديري المخاطر سيتعين عليهم الا يسمحوا للعميل بفتح صفقة جديدة إذا كان الضمان المقدم من طرفه اقل من إجمالي الهامش المطلوب لكافة المعاملات المفتوحة في حساب المتداول بالإضافة إلى قيمة المركز المالي الذي ينوي العميل فتحه.
خروج وشيك للمتداولين؟
لجنة الشئون المالية بالكنيست من المتوقع أن تناقش هذا الأمر مجددا وبشكل أكثر تفصيلا في اجتماعها الذي يعقد في نهاية يونيه تموز القادم. إلا أن بعض المصادر أخبرت فوركس ماجنتيس أن الأطراف المشاركين في الصناعة سيبذلون كل ما في وسعهم لتأجيل المناقشة إلى حين عودة لجنة الشئون المالية من عطلتها الصيفية, لهذا قد يكون من المتوقع اعتماد المقترحات القانونية الجديدة بحلول نهاية 2013.
الاقتصاد الإسرائيلي بصفة عامة يتمتع بدرجة عالية من الاستقرار كما تحتل فيه مسألة الحفاظ على مصالح المستثمرين أولوية متقدمة على جدول اعمل الهيئات التنظيمية, وهو ما يمكن في سياقه فهم المقترحات التشريعية المشار إليها خصوصا وإنها ستتضمن إلزام شركات الفوركس بنشر تقاريرها السنوية وهيكلها الإداري كمعلومات عامة متاحة للجميع.
على الرغم من تواجد عدد كبير من شركات الوساطة والمزودين التقنين الذين يتخذون من إسرائيل مقرا لهم, إلا أن الغالبية العظمي من هؤلاء تطور منتجاتها لاستهداف الأسواق الخارجية والتي تمثل الهدف الرئيسي ومصدر الحصة الأكبر من قاعدة عملائها.
أما السوق الداخلي ذاته فانه خاضع للرقابة بدرجة كبيرة ومتصل اغلبه بالبنوك, ولكن في كل الأحوال فان تمرير القوانين الجديدة سيؤثر بشكل بالغ على شركات التجزئة التي يمثل الإسرائيليون نسبة كبيرة من قاعدة عملائها.
حماية مصالح العملاء بأي ثمن
تأمين أموال العملاء التي بحوزة وسطاء الفوركس باتت احد الأمور التي تحظي حاليا باهتمام كبير في كافة أنحاء العالم, خصوصا بعد إفلاس العديد من الشركات على شاكلةMF Global و PFG في أمريكا الشمالية خلال العام الماضي فضلا عن العديد من حالة التلاعب والاحتيال التي سجلت في أماكن أخرى.
هيئة التنظيم الإسرائيلية ستبدأ في استخدام أنظمة لضمان الحفاظ على أصول وأموال العملاء ستتضمن من بينها وضع معايير قياسية لأنظمة المحاسبة والإفصاح. القواعد الجديدة سوف تحدد بوضوح كيفية تنفيذ هذه الإجراءات التشغيلية للاحتفاظ بأموال وأصول العملاء بالشكل الذي يساعد الشركات على تلبية المتطلبات القانونية.
بعد قيام العميل بالإيداع لأول مرة لدي شركة الوساطة سيتعين على الأخيرة تقدير المخاطر المرتبطة بهذا العميل, والتي ستكون بالإضافة إلى عوامل أخرى محدد رئيسي في تقدير الوسيط الموقف المالي للعميل وتشمل من بينها التقييم الائتماني والسمعة والخبرة السابقة في الأسواق المالية فضلا عن الاحتفاظ بسجلات موثقة بكافة هذه المعلومات.
المشورة المالية أم التنفيذ فقط؟
احد الأمور المثيرة للجدل في المقترحات القانونية الجديدة هو أن هيئة الأوراق المالية الإسرائيلية تسعي لإلزام وسطاء الفوركس الباحثين عن جذب متداولين إسرائيليين بإتباع إجراءات معينة تضمن التأكد من ملائمة هذه المنتجات لعملائها, والتأكد من عدم تسويقها بطريقة مضللة لجذب عملاء محتملين غير قادرين على تحمل المخاطر المرتبطة بتجارة الفوركس.
هذا النهج يبدو مغايرا لما تتتبعه اغلب هيئات تنظيم سوق العملات في بلدان العالم والتي تنظر إلى عمل وسيط الفوركس بأنه" تنفيذي فقط" بمعني أن العميل هو من يقع على عاتقه تحديد مدي رغبته أو قدرته على التداول باستخدام المنتجات ذات الرافعة المالية ودون حاجة للحصول على المشورة المالية من الوسيط. ولكن في الحالة الإسرائيلية, فان السلطات تسعي إلى اقتفاء فلسفة التنظيم لدي بعض جهات الرقابة العالمية والتي تتدخل بشكل أكثر تفصيلا لضمان أن منتج استثماري معين لن يتم إتاحته سوى للعميل المناسب له, ومن ثم إلزام الوسطاء بالاستفسار بشكل كافي للتأكد من قدرة العميل على مواجهة الخسائر المرتبطة بالمنتجات التي ينوى تداولها.