التحليل الأساسي للمعادن الثمينة
الذهب يتمركز عند أعلى أسعاره تاريخياً
ارتفع سعر الذهب بشكل واضح خلال تداولات الفترة الماضية ليحقق أسعاراً قياسية خلال تداولات هذا اليوم قرب مستوى 1600.00 دولار للأونصة. إن أزمة الديون الأوروبية ما زالت تقلق المتداولين حتّى مع الحلول و خطط الإنقاذ التي وضعت، حيث أن امتداد الأزمة أصبح أمر مرجّح إلى مزيد من الدول الأوروبية و قد تكون الكارثة في حال تم إثبات وقوع إيطاليا أو إسبانيا في الأزمة، و هذه الدول ذات الاقتصاديات الكبيرة قد يكون صعباً جداً إنقاذها. كذلك الأمر، هنالك قلق كبير من أن تكون الولايات المتحدة تعاني مشاكل في الديون، و قد تم تهديد تصنيف الولايات المتحدة الائتماني في حال لم يتم الوصول إلى قرار من قبل السياسيين الأمريكيين في رفع سقف الدين العام الأمريكي و ذلك لتسديد العجز، و هذا في حال فشل حتى الثاني من الشهر القادم، فقد نرى الولايات المتحدة و قد فقدت تصنيفها الائتماني لأوّل مرّة تاريخياً منذ عام 1917.
هذه المشاكل إلى جانب القلق الكبير من ضعف النمو في الاقتصاد الدولي و ارتفاع مستويات التضخم، كانت أسباب رئيسية لدفع سعر الذهب نحو الارتفاع خلال الفترة الماضية، و خلال تداولات يوم الجمعة الماضي، ارتفع كل من سعر الذهب و الفضة فيما البلاتين شهد ضغوطاً سلبية استمرت خلال تداولات هذا اليوم. فقد تم طلب الذهب و الفضة على شكل ملاذ آمن، و تم شراء الذهب لحفظ القيمة الشرائية للنقد، و كبديل عن السندات، و أيضاً كتحوّط من التضخم. هذه أسباب عديدة سببت موجات من الطلب على الذهب دفعت سعره خلال جلسة نيويورك يوم الجمعة الماضي لملامسة مستوى 1594.10 دولار للأونصة و هو المستوى الذي أغلق أيضاً عنده و بذلك يكون قد اكتسب خلال جلسة نيويورك 0.45%.
بالنسبة لسعر الفضة، فقد ارتفع أيضاً بمقدار 2.85% و أغلق تداولات نيويورك عند مستوى 39.27 دولار للأونصة، فيما كان السعر قد حقق الأعلى عند مستوى 39.37 دولار للأونصة خلال الجلسة، بالنسبة للبلاتين، لم يكن قادراً على مواكبة الارتفاع في كل من سعر الذهب و الفضة، فالبلاتين أكثر المعادن الثمينة الثلاث الرئيسية ارتباطاً في الصناعة، و بذلك هو الأكثر ارتباطاً في أداء الاقتصاد الدولي. و كما نعلم، تظهر مخاوف المتداولين و حقائق البيانات الاقتصادية احتمال انخفاض واضح في أداء الاقتصاد الدولي و هذا ما انعكس سلباً على أداء البلاتين لينخفض بمقدار 0.06% خلال جلسة يوم الجمعة الماضي و ينهي جلسة نيويورك عند سعر 1761.00 دولار للأونصة الواحدة.
من المهم أن نشير إلى أداء أسواق السلع، حيث شهدنا خلال جلسة يوم الجمعة الماضي أداء إيجابي في أسواق السلع، فقد ارتفع مؤشر S&P GSCI بمقدار 5.53 نقطة فيما ارتفع مؤشر RJ/CRB للسلع بمقدار 1.57 نقطة. الارتفاع في مؤشرات السلع كان بدعم من ارتفاع سعر برميل النفط، فرغم الأداء السلبي العام في الأسواق المالية الدولية، و رغم حالة القلق من أداء الاقتصاد الدولي، لكن نرى بأن هنالك طلباً على النفط سبب هذا الارتفاع و بعض السلع الأخرى لترتفع مؤشرات السلع مهددة الاقتصاد الدولي بمزيد من الضغوط التصاعدية على الأسعار، مما قد يسبب استقرار التضخم في مستويات مرتفعة جداً. إن آخر بيانات التضخم التي صدرت كانت بيانات مؤشر سعر المستهلك النيوزلندي هذا اليوم، فقد أشارت هذه البيانات إلى ارتفاع كبير نحو مستوى 5.3% في التضخم خلال السنة التي تنتهي مع نهاية الشهر الماضي، و هذه مزيد من الدلائل على الارتفاع الكبير في مستوى التضخم، و الذي يرافقه قلق كبير تجاه احتمالات تأثّر الاقتصاد الدولي سلباً في أزمات الديون و انخفاض أداءه، و بالتالي استفاد الذهب من ذلك و ارتفع.
رغم أن الذهب قريب جداً من مستويات 1600.00 دولار للأونصة، و التي ارتأى الكثيرون سابقاً بأنها مستويات قد تشكّل عائقاً نفسياً و تحصل حولها عمليات جني أرباح، إلا أننا اليوم نرى تداول الذهب بإيجابية مرّة أخرى، ليتداول في هذه اللحظات بارتفاع مقداره 0.22% حول سعر 1597.60 دولار للأونصة، و حتى هذه اللحظة، يحطّم سعر الذهب أسعاراً قياسية واحداً تلو الآخر. بالنسبة لسعر الفضة، فيتداول بإيجابية كذلك و استطاع اليوم الارتفاع بمقدار 1.38% ليتداول في هذه اللحظات عند مستوى 39.81 دولار للأونصة. لكن البلاتين، فقد انخفض بمقدار 0.06% و يتداول الآن عند 1760.00 دولار للأونصة الواحدة متأثراً في توقعات انخفاض أداء الاقتصاد الدولي. هذه الأسعار المشار لها في هذه الفقرة، كما هي الأسعار في تمام الساعة 02:58 صباحاً بتوقيت نيويورك ( 06:58 بتوقيت غرينتش).
هذا اليوم، لا توجد الكثير من البيانات الاقتصادية الهامة من الدول العظمى في العالم، لكن سوف تكون أنظار المتداولين موجّهة نحو أي مستجدات في أزمة الديون السيادية الأوروبية و تطورات النقاش السياسي الأمريكي حول رفع سقف الدين العام، و مع استمرار حالة التشاؤم تجاه هذه المشاكل الاقتصادية إلى جانب الضعف في الاقتصاد الدولي، فقد نرى الذهب يستمر في اتجاهه الصاعد الإجمالي، و تظهر مستويات مستهدفة جديدة لبعض الجهات تفوق 1650.00 دولار للأونصة، بل تقترب من مستويات 1700.00 دولار. لكن، لا يجب أن نستبعد أبداً التذبذب الحاد و الكبير جداً، و ذلك لأن مستوى 1600.00 دولار فعلاً قد يحمل معه تقلّب مضاربي كبير.