ترامب يتراجع والأسواق تتنفس.. رسوم ترامب أمام مراجعة جذرية
في خضم التوترات التجارية التي تطبع العلاقة بين واشنطن وبكين، تبرز مؤشرات جديدة توحي بانفراجة محتملة في أفق الحرب الجمركية بين أكبر اقتصادين في العالم، مع دراسة إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب خفض الرسوم المفروضة على الواردات الصينية، في خطوة تهدف إلى تهدئة الأجواء المشحونة وتخفيف الضغوط على سلاسل الإمداد والأسواق المالية العالمية.
ورغم أن القرار لم يُحسم بعد داخل البيت الأبيض، إلا أن نبرة التصريحات الرسمية ومواقف الأطراف المعنية، سواء من الجانب الأميركي أو الصيني، تعكس بشكل أو بآخر رغبة في كسر الجمود والانتقال نحو حوار بناء. وبينما يُراقب المستثمرون هذه التطورات بحذر وترقب، يترقب العالم نتائج محتملة قد تعيد رسم خريطة التوازنات الاقتصادية العالمية، وسط تحولات جيوسياسية وتجارية متسارعة.
وكشف تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال"، الأربعاء، عن أن إدارة الرئيس ترامب تدرس خفض الرسوم الجمركية الباهظة على الواردات الصينية - في بعض الحالات بأكثر من النصف - في محاولة لتهدئة التوترات مع بكين التي أزعجت التجارة والاستثمار العالميين.
ونقلت الصحيفة عن مصدرين مطلعين، قولهما إن الرئيس ترامب لم يتخذ قراراً نهائياً بعد، مضيفين أن المناقشات لا تزال غير واضحة وهناك عدة خيارات على الطاولة.
وصرح مسؤول كبير في البيت الأبيض بأن الرسوم الجمركية على الصين من المرجح أن تنخفض إلى ما بين 50 و65 بالمئة تقريباً.
كما تدرس الإدارة الأميركية اتباع نهج متدرج مماثل للنهج الذي اقترحته لجنة مجلس النواب المعنية بالصين أواخر العام الماضي (فرض رسوم بنسبة 35 بالمئة على السلع التي لا تعتبرها الولايات المتحدة تهديداً للأمن القومي، ورسوم بنسبة 100 بالمئة على الأقل على السلع التي تُعتبر استراتيجية لمصالح الولايات المتحدة)، وفقاً لبعض المصادر. واقترح مشروع القانون تطبيق هذه الرسوم تدريجيًا على مدى خمس سنوات.
وأعلن ترامب الثلاثاء استعداده لخفض الرسوم الجمركية على السلع الصينية ، مؤكداً أن الرسوم الجمركية البالغة 145 بالمئة التي فرضها على الصين ستنخفض. وأضاف: "لكنها لن تُلغى تماماً".
وقد لاقى هذا التطور ترحيباً واسعاً من المستثمرين الذين كانوا قلقين من التحركات العدوانية للبيت الأبيض في الأسابيع الأخيرة.
وأشارت الصين الأربعاء إلى انفتاحها على محادثات تجارية مع الولايات المتحدة، رغم تحذير بكين من أنها لن تتفاوض في ظل التهديدات المستمرة من البيت الأبيض.
ووفق "وول ستريت جورنال" فإنه في دوائر صنع القرار الصينية، اعتُبرت تصريحات ترامب يوم الثلاثاء بمثابة إشارة إلى تراجعه، وفقًا لمصادر مطلعة على الوضع مع المسؤولين الصينيين.
تمثل تعبيرات الانفتاح على التوصل إلى اتفاق من الجانبين تحولا عن معظم الشهر الماضي، حيث تبادل أكبر اقتصادين في العالم زيادات متبادلة في التعرفات الجمركية والكلمات المتوترة، مما ساعد في دفع أسواق الأسهم في جميع أنحاء العالم إلى أسوأ أسابيعها منذ سنوات عديدة.
كانت الإدارة الأميركية قد خططت لاستغلال مفاوضات التعرفات الجمركية الجارية للضغط على شركاء الولايات المتحدة التجاريين للحد من تعاملاتهم مع الصين، وفقًا لما ذكرته صحيفة وول ستريت جورنال سابقًا. ومع ذلك، صرّح وزير الخزانة سكوت بيسنت بوجود مجال لإجراء محادثات بشأن اتفاق تجاري محتمل بين الولايات المتحدة والصين. ويتعين أن تشمل هذه المحادثات ترامب والرئيس الصيني شي جين بينغ، على الرغم من أنهما لم يتحدثا منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت للصحافيين، الثلاثاء، "نحن نسير على نحو جيد للغاية فيما يتعلق باتفاقية تجارية محتملة مع الصين".
وأضافت:"يُمهّد الرئيس والإدارة الطريق لاتفاق مع الصين. جميع المعنيين يرغبون في رؤية اتفاق تجاري يُبرم، والأمور تسير في الاتجاه الصحيح".
وجاء تصريح ليفيت في أعقاب تقارير من بلومبرغ وسي إن بي سي تفيد بأن وزير الخزانة سكوت بيسنت أبلغ مجموعة خاصة أنه يتوقع أن تهدأ الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين قريباً.
وصرّح مستشار ترامب، بيتر نافارو، لشبكة إن بي سي نيوز في مقابلة تلفزيونية في 13 أبريل الجاري، بأن سياسات التعرفات الجمركية التي تنتهجها الإدارة قد تُفضي إلى 90 اتفاقية تجارية جديدة خلال فترة التوقف التي أعلنها ترامب لمدة ثلاثة أشهر بشأن أشد هذه التعرفات، بعد أن أثار طرحها قلق تجار السندات. وقد صرّح ترامب نفسه بأن 75 دولة تواصلت معه على أمل إبرام اتفاقية تجارية قبل موعد إعادة فرض التعرفات.
ويصف تقرير لصحيفة "الاندبندنت" نبرة الرئيس ترامب التصالحية الجديدة بشأن مسألة سياسته التجارية بأنه يأتي في الوقت الذي يواصل فيه البيت الأبيض الإصرار على أن إعلانه عن التعرفات الجمركية في "يوم التحرير" كان ناجحاً تماماً على الرغم من الانخفاضات القياسية في الأسواق المالية والمخاوف من الركود العالمي التي نتجت عن الحرب التجارية الوشيكة التي بدأها.