ماذا بعد تحقيق حلم "استقلال الطاقة" الأمريكي؟
2017-04-03
لم يعد الحديث عن الاكتفاء الذاتي أو ما يعرف بـ"استقلال الطاقة" للولايات المتحدة أمرًا مقبولًا ما يكفي للرئيس "دونالد ترامب" الذي استهدف التراجع عن بعض السياسات البيئية التي سنها الرئيس السابق "باراك أوباما".
ويأتي ذلك في ضوء تصريحات وزير الطاقة في إدارة "ترامب" "ريك بيري" التي قال فيها، إنه لا يريد لأمريكا أن تصبح مكتفية من الطاقة بل أن تغدو "مهيمنة على الطاقة"، بحسب تقرير لـ"بلومبيرج".
وهنا يتبادر للأذهان تساؤل مباشر ومنطقي حول ما ستؤول إليه الأوضاع في أسواق الوقود الأحفوري التي سبق وتعهد "ترامب" بإعادة إحيائها، لا سيما وهي تحت وطأة ضغوط جمة في الوقت الحالي.
ماذا عن قطاع الفحم؟
ليس من الواضح تمامًا مفهوم الإدارة الأمريكية لمصطلح "الهيمنة على الطاقة"، فقد سبق وسيطرت بعض البلدان على مراكز قوية في أسواق الطاقة العالمية بما فيها الولايات المتحدة.
- لكن الميزة التنافسية لأمريكا تتعلق جزئيًا باستخدامها لإمدادات الطاقة في دعم تنوع الاقتصاد بشكل أكبر، وبالنظر لأحد عمالقة الطاقة مثل "روسيا" يتبين أن "استقلال الطاقة" أكثر رسوخًا في الخطاب السياسي الأمريكي فقط.
- خلال الحملة الانتخابية في الولايات المتحدة العام الماضي، أعلن الملياردير وقطب النفط "هارولد هام" أن "ترامب" سيصبح أول رئيس يحقق استقلال الطاقة لأمريكا.
- عندما يتعلق الأمر بالوقود الأحفوري فينبغي الإشارة إلى أن الولايات المتحدة باتت بالفعل أقل اعتمادًا على المصادر الأجنبية خلال العقد الماضى، وطبعًا هذا ليس له علاقة بالفحم الذي يستهدفه "ترامب" من خلال تحركاته الأخيرة.
- بغض النظر عن الأسباب والسياسات الجديدة للإدارة الأمريكية لتقليل الضغط على أعمال الفحم والدفع نحو نهضة في التعدين، يكفي الإشارة هنا إلى أن الولايات المتحدة كانت مصدرًا صافيًا للفحم على مدى سنوات.
أعمال الغاز الطبيعي
- ما يضر الفحم بشدة ويعمق خسائره هو ثورة الأعمال الصخرية التي كشفت احتياطيات هائلة من الغاز الطبيعي، في ظل وفرة من محطات الكهرباء التي تعمل بالغاز، ما شكل ضغطًا هائلًا على قطاع الفحم.
- انخفضت مساهمة الفحم الحراري في استهلاك الوقود الأحفوري في أمريكا إلى 16% خلال العام الماضي من 24% خلال عام 2000 رغم ثبات الاستهلاك تقريبًا في هذه الفترة.
- ربما تفسر الأزمة المالية الركود النسبي الذي حدث في الاستهلاك بعد بلوغ ذروته عام 2007، لكن في عام 2016 كان الناتج المحلي الإجمالي للبلاد أعلى بنحو 1.8 تريليون دولار مقارنة بتلك الفترة.
- حتى لو كانت الولايات المتحدة قد حققت الاستقلال في قطاع الفحم عام 2000، فإنها استوردت 12 مليون برميل من النفط المكافئ يوميًا خلال ذلك العام، قبل تخفيضها إلى 5.2 مليون برميل عام 2016.
- أسهم النفط الصخري في خفض الاعتماد على واردات الوقود الأحفوري بنسبة 64% منذ ذروتها عام 2005، وعادلت واردات البلاد من الفحم الحراري والغاز الطبيعي والنفط 13% من استهلاكها العام الماضي، مقارنة بـ35% قبل عقد.
سياسات تسبب المتاعب
تشكيل الواردات نسبة 13% من استهلاك البلاد للوقود الأحفوري لا يعني بأي شكل من الأشكال أن الولايات المتحدة تحظى بـ"استقلال الطاقة" فما بال من يتحدث عن "الهيمنة على الطاقة.
- مع ذلك يجدر النظر في مقدار تجارة الطاقة الأمريكية مع الشركاء المباشرين الذين يمكن اعتبار إمداداتهم من الطاقة شبه محلية: تحولت المكسيك إلى مستورد صاف لأنواع الوقود الأحفوري الثلاثة من الولايات المتحدة.
- بينما خفضت الولايات المتحدة صافي وارداتها للوقود الأحفوري من خارج أمريكا الشمالية إلى لا شيء تقريبًا، فباستثناء جيرانها المباشرين، تسجل أمريكا صافي واردات من الوقود الأحفوري نسبته 5% من احتياجاتها.
- من المعلوم طبعًا أن الولايات المتحدة تستورد النفط الخام وتعيد تصدير منتجات مكررة، لكن أسواق البنزين في الساحلين الشرقي والغربي ما زالت تشحن بعض احتياجات الوقود من الخارج كونها أرخص.
- يضاف لهذه المتغيرات تجلي آثار انخفاض تكاليف مصادر طاقة الرياح والشمس، والخلاصة أن الإدارة العازمة على الهيمنة على الطاقة لن تفعل الكثير للمساعدة في دعم قطاع الوقود الأحفوري العالمي أو تعافي أسعاره.