هل تملك "مارين لوبان" القدرة على تحقيق "فريكست" حال فازت بالانتخابات الرئاسية؟
2017-03-20
ينظر العديد من المستثمرين إلى فوز زعيمة اليمين المتطرف الفرنسي "مارين لوبان" في الانتخابات الرئاسية هذا الربيع باعتباره فرصة قاتلة لليورو وحتى الاتحاد الأوروبي نفسه.
وفي حين تشير استطلاعات الرأي إلى أنها ستخسر جولة الإعادة، إلا أن دعمها ما زال يواصل التزايد، وهو ما ينعكس في الارتفاع الحاد لعائدات السندات الفرنسية تزامنًا مع بيع المستثمرين لديون البلاد.
وتتركز مخاوف الأسواق في حال انتخاب "لوبان" على مضيها قدمًا بتعهدات الحملة الانتخابية التي أشارت خلالها إلى تطلعها للتفاوض على عضوية فرنسا في الاتحاد الأوروبي إلى جانب الانسحاب من منطقة اليورو، وإجراء استفتاء على العلاقات الجديدة مع أوروبا.
ومع ذلك، يرى اقتصاديون وخبراء السياسة والشؤون الدستورية، أن من الصعوبة وفاء "لوبان" بهذه التعهدات، وفي التقرير التالي رصدت "فايناشيال تايمز" بعض التساؤلات التي تمكن في النهاية من استخلاص الإجابة حول ما إذا كانت تستطيع المرشحة اليمينية سحب فرنسا من الكتلة الأوروبية.
هل يمكن لـ"لوبان" إحداث إصلاح جذري داخل الاتحاد الأوروبي؟
يصر المسؤولون في الجبهة الوطنية التي تتزعمها "لوبان" على أن فرنسا عضو من الدرجة الأولى داخل الاتحاد الأوروبي لذا لا يمكن تجاهلها، ما يؤهلها للضغط من أجل إدخال إصلاحات على اليورو وقواعد حرية تنقل الأشخاص وأولويات القانون الأوروبي.
بينما في المقابل يسخر آخرون من فكرة نجاح "لوبان" في إحداث تغيير جوهري بالعلاقات الفرنسية مع الاتحاد الأوروبي، مستشهدين بفشل بريطانيا في اقتناص أي إصلاحات رئيسية قبل تصويت "بريكست" ونظرًا للطبيعة المتطرفة لمطالب الجبهة الوطنية مثل التخلص من العملة المشتركة وقانون حرية التنقل.
- هل تستطيع إجراء استفتاء على "فريكست"؟
رغم أنه ليس بالمستحيل إلا أنه أمر غير مرجح، إذ ينص الدستور الفرنسي على أن البلاد جزء من الاتحاد الأوربي، لذا الاستفتاء على الأمر يحتاج لتعديل دستوري.
وبموجب المادة 89 ينبغي أن يقترح التعديل الدستوري من قبل الحكومة وليس الرئيس، ثم يجب الموافقة عليه من البرلمان، وبعد ذلك يطرح للاستفتاء الشعبي العام، أو يعتمد عن طريق موافقة 60% من أعضاء البرلمان.
وهذا يعني أنه حال أرادت "لوبان" الدعوة للاستفتاء على الإجراء، فإنها بحاجة للفوز بأغلبية في الانتخابات التشريعية التي تجرى في يونيو/ حزيران، أي أن الجبهة الوطنية ستكون بحاجة للفوز بـ289 من إجمالي 577 مقعدًا في البرلمان، مقارنة بمقعدين فقط حاليًا.
- هل يوجد طريق مغاير؟
بموجب المادة 11 من الدستور الفرنسي، يمكن للرئيس الدعوة من جانب واحد للاستفتاء، رغم أن هذه الوسيلة من الناحية النظرية لا يمكن أن تغير الدستور، لكن على سبيل المثال نجح "شارل ديجول" عام 1962 في تعديل الدستور استنادًا إليها.
ويرى مسؤولون كبار في الجبهة الوطنية أن "لوبان" قد تقتفي أثر "ديجول"، لكن يذكر هنا أن المادة 11 من الدستور الفرنسي تم تعديلها فيما بعد بالمادة 61 والتي تتطلب موافقة المحكمة الدستورية قبل إجراء أي استفتاء.
- أي عقبات أخرى؟
حتي لو تمكنت المرشحة اليمينية المتطرفة من إجراء تصويت على الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، فإن استطلاعات الرأي تشير إلى رفض أغلب الفرنسيين للمغادرة، وأظهر استطلاع لـ"يورو بارميتر" في أكتوبر/ تشرين الأول أن 53% من الفرنسيين يعتقدون أن اليورو كان شيئًا جيدًا لبلادهم بينما 37% فقط يرون أنه كان سيئًا.
ومؤخرًا خففت "لوبان" لهجتها المعارضة لليورو وقالت إن العملة الموحدة يمكن أن تظل قائمة بالتوازي مع الفرنك، وهو ما من شأنه أن يبقي على الاتحاد النقدي في نهاية المطاف.
ويعتقد بعض المحللين أن الأسواق المالية ستمر بحالة من الفوضى إذا انتخبت "لوبان" رئيسة لفرنسا بغض النظر عن المسائل الدقيقة في القانون الدستوري للبلاد.
ماذا سيحدث حال خسرت الاستفتاء؟
قالت زعيمة الجبهة الوطنية إنها ستستقيل من منصبها كرئيسة للبلاد حال خسرت الاستفتاء حول ترك الاتحاد الأوروبي، مضيفة أن مغادرة منطقة اليورو أمر أساسي بالنسبة لسياستها الاقتصادية، مؤكدة أن الفرنك سيعيد القدرة التنافسية للعمال الفرنسيين.
إلى جانب ذلك، تمنعها قواعد الاتحاد الأوروبي من تطبيق الكثير من سياساتها الاقتصادية والتي تتضمن ما يعرف بـ"الحماية التجارية الذكية" وتفضيل العمال المحليين عن غيرهم من الأجانب.
- ماذا عن بقية البرنامج المحلي لها؟
يعطي الدستور الفرنسي صلاحيات كبيرة للرئيس خاصة في مجال السياسة الخارجية والدفاع، لكن بالنسبة للأعمال التقليدية الداخلية للبلاد يحتاج الرئيس لموافقة أغلبية أعضاء البرلمان على قرارته.
وفي ظل الافتقار المحتمل للجبهة الوطنية لهذا الدعم ستواجه "لوبان" صعوبة بالغة في تمرير قراراتها والتي تشمل خفض عدد المهاجرين وتعزيز القوة الأمنية.
ومع ذلك يمكن لرئيس الوزراء أن يمرر بعض حزم الإصلاح دون موافقة البرلمان وفق بعض النصوص الدستورية، لكن ينظر لذلك في فرنسا باعتباره أحد رموز الفشل، وسبق وأكدت "لوبان" بنفسها أن مثل هذه الممارسات تعد اعترافًا بالضعف.