هل تكرر الصين أخطاء اليابان ويركد اقتصادها ؟
بعد أكثر من عقدين من الركود، تبدو اليابان كقوة اقتصادية عالمية تتضاءل لا يمكنها إعادة إحياء ثرواتها، بينما على النقيض تصعد الصين كقوة عظمى تحقق نموا بلا هوادة في الثروات والتكنولوجيا والطموح أيضاً.
ومع ذلك، تمتلك الدولتان عدة قواسم مشتركة، وهو ما لا ينذر بالخير بالنسبة لمستقبل الصين الاقتصادي، فالتجربة الحزينة لليابان ينبغي أن تكون رسالة تحذيرية لصناع السياسات في الصين، بحسب تقرير لـ"بلومبرج".
وتنتهج بكين سياسات مماثلة تقريباً لما تم في طوكيو لتسريع وتيرة التنمية، والآن يكرر قادة الصين الأخطاء التي وقعت فيها اليابان وتسببت في تباطؤ نمو الاقتصاد.
وكشفت البيانات الصادرة اليوم عن نمو اقتصاد اليابان بأسرع مما كان متوقعًا، مسجلاً أطول سلسلة نمو فصلية خلال ثلاث سنوات، حيث ارتفع الناتج المحلي الإجمالي على أساس سنوي بنسبة 2.2% في الربع الثالث.
تباطؤ النمو
يعتقد "جولدمان ساكس" أن الصين ستواجه فترة من النمو البطيء في النهاية تماماً كما حدث في اليابان، كما حذرت "موديز" من أن بكين ستعاني منذ فترة طويلة من النمو البطيء والضغوط الانكماشية وربما الركود.
- البعض قد يتجاهل هذه التحذيرات، لكن اليابان شهدت توقعات قبل 30 عاماً أيضاً بتباطؤ النمو، وكانت اليابان الاقتصاد الآسيوي العملاق المرشح للتفوق على الولايات المتحدة آنذاك.
- قاد التقدم في اليابان النظام الاقتصادي الذي اعتبره الكثيرون تفوقا على الرأسمالية الأمريكية، وذلك من خلال الربط بين الدولة والشركات الكبرى والبنوك وتشجيع الاستثمار ووضع إستراتيجية وطنية للصناعة.
- تدخل البيروقراطيون اليابانيون في الأسواق لدرجة لا يمكن تصورها لحماية الصناعات الناشئة وتوجيه التمويل للقطاعات والشركات المفضلة لهم، وبفضل هذه الإجراءات رسخت الشركات اليابانية قواعدها في السوق العالمي وأطاحت بمنافسيها.
الائتمان وتزايد الفقاعاتفي الوقت الذي بدت فيه اليابان تتجه نحو العظمة الاقتصادية، كانت في الحقيقة تستعد لمسار مختلف تماماً، فلم توظف الحكومة رؤوس الأموال في مواقعها وأسرفت في الاستثمار.
- تلقى النمو دفعة بواسطة الائتمان الرخيص في ثمانينيات القرن الماضي، لكن هذا ساعد على تضخم مستويات الديون وأسعار الأسهم والعقارات، وعندما انفجرت هذه الفقاعة في التسعينيات انهار القطاع المالي، ولم تتعاف اليابان حتى الآن.
- قد تندفع الصين في نفس المسار نظراً لاستخدامها نفس النموذج الياباني لتحقيق نمو أسرع عن طريق توجيه النظام المالي ورعاية الصناعات المستهدفة ودعم الصادرات، علما بأن الصين تتدخل بشكل أكبر في الأسواق.
- قاد التعاون الحميم بين الحكومة والشركات والبنوك في الصين إلى تزايد مصانع الصلب والإسمنت والمباني السكنية على نطاق مذهل، وتسببت التدفقات النقدية في عدم استقرار أسعار الأصول كما حدث في اليابان.
- لعل الأمر الأخطر هو ارتفاع نسبة الدين للناتج القومي في الصين إلى 255% خلال الفترة ما بين 2007 إلى 2015، وهو ما حدث في اليابان خلال حقبة الثمانينيات عندما ارتفعت هذه النسبة إلى 275%.
الإصلاح ما زال ممكناً
رغم أن اليابان كانت دائنة وتملك فوائض تجارية كبيرة في التسعينيات، لكن ذلك لم يمنع حدوث أزمة مالية، فلو أن هناك شيئا أثبتته هذ التجربة فهو أن الاقتصاد القائم على الديون عرضة للفشل.
- في الوقت نفسه، يواصل عبء الدين الصيني الاتجاه إلى الزيادة، مع التوسع في الائتمان الذي تخطى نمو الناتج المحلي الإجمالي رغم أنه لا يحرك الاقتصاد، فكما حدث في اليابان أصبحت النقدية أقل فاعلية.
- يعتقد اقتصاديون أن الدين الصيني المتضخم ليس خطيراً كما يبدو، كونه يتشكل من قروض لشركات حكومية من بنوك قطاع العام، وهو ما يدعم الرأي المرجح لتدخل الدولة لدعم النظام المالي.
- يتشكل إجمالي الدين المحلي الصيني تقريباً من ديون محلية ويتلقى دعماً من معدلات ادخار مرتفعة، لذا من غير المرجح أن يقع النظام المالي تحت رحمة الخارج.
- لحسن حظ الصين، لا شيء محتوما في الاقتصاد ومن الممكن الابتعاد عن مسار اليابان إذا ما كانت هناك إصلاحات أقوى، لكن حتى يحدث ذلك فإن المخاطر التي تواجه البلاد تنذر بنفس مصير اليابان.