لماذا يبدو انتعاش عملات الأسواق الناشئة مهددا وغير قابل للاستمرار؟
2016-05-11
شهدت عملات الأسواق الناشئة ارتفاعا ملحوظا منذ شهر فبراير/شباط الماضي، خاصة خلال الأسابيع الأخيرة، بعد أن فقدت جزءًا كبيرا من قيمتها بسبب عمليات بيعية قوية منذ مايو/أيار 2013.
وأشار تقرير نشرته "الإيكونوميست" إلى أنه ليس من السهل الثقة في الارتفاع الأخير في قيمة العملات الناشئة، والتي تتمثل في الروبل الروسي، والريال البرازيلي، والراند الجنوب إفريقي، خاصة مع النظر إلى الوضع الاقتصادي والسياسي لهذه البلدان.
انتعاش عملات الأسواق الناشئة
- تبرز أسباب ارتفاع عملات الأسواق الناشئة بشكل واضح، مع تراجع المخاوف بشأن الاقتصاد الصيني، بعد تعهد السلطات الصينية بعدم السماح بهبوط قيمة العملة بشكل كبير، وسياسات التحفيز وزيادة الائتمان التي انتهجتها بكين.
- كانت الصين قد شهدت في بداية عام 2016 تخارجا سريعا لرؤوس الأموال، بالإضافة إلى تكهنات بتراجع قيمة اليوان الصيني، وسط مخاوف بجولة من تخفيضات قيم العملات في آسيا، بحثا عن زيادة تنافسية الصادرات.
- تغيرت رؤى المستثمرين للاقتصاد الصيني منذ اجتماع مجموعة العشرين في "شنغهاي" في فبراير/شباط الماضي، مع نجاح ضوابط رأس المال الصارمة في كبح جماح التدفقات النقدية الخارجة من البلاد، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار السلع مثل خام الحديد، لترتفع قيم عملات الدول المصدرة للمواد الخام.
- تمثل العامل الثاني في ارتفاع قيم عملات الأسواق الناشئة في التغير الطارئ على موقف مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي من رفع معدل الفائدة، بعد أول زيادة في 9 سنوات خلال ديسمبر/كانون الأول الماضي، وهو ما هبط بقيمة الدولار، وزاد جاذبية السندات عالية العائد في الأسواق الناشئة.
تحسن مؤقت؟
- يعتبر التحسن في أوضاع الأسواق الناشئة أمرا مؤقتا، مع حقيقة أن سياسة الصين الخاصة بزيادة الائتمان تزيد من فاتورة الديون المرتفعة في البلاد، كما أن الاحتياطي الفيدرالي سوف يستأنف في النهاية سياسة رفع معدلات الفائدة.
- في عام 2013 وعقب تلميحات الاحتياطي الفيدرالي بقرب انتهاء برنامجه لشراء السندات تدافعت رؤوس الأموال للتخارج من الأسواق الناشئة إلى الولايات المتحدة، تضررت الاقتصادات الأكثر اعتمادا على رأس المال الأجنبي، بينما يظهر الاختلاف حاليا في أن الأسواق الناشئة تسجل فائضا تجاريا.
- يشير "بول ماكنمارا" من مؤسسة "جي إيه أم" لإدارة صناديق الاستثمار إلى أن الدول التي تتمتع بميزان تجاري أكثر تعديلا وهي البرازيل وإندونيسيا تعتبر من أفضل الدول أداءً في الفترة الأخيرة، حتى مع حقيقة أن هذا الأداء يأتي نتيجة تراجع الواردات وليس ارتفاع الصادرات.
- يرى بعض المعارضين لهذا الرأي أن الدول التي شهدت ارتفاعا في قيم عملاتها لا تشهد رابطا كبيرا، حيث أن بعضها من مصدري النفط، والاخرى تقوم بتصدير سلع أخرى، كما أن بعضها لا يقوم بأي من الأمرين، بالإضافة إلى تباين توجهاتها بالنسبة لتغير السياسات والإصلاحات.
مخاوف ومخاطر
- قد تكون الاقتصادات الغنية مثل سنغافورة وكوريا الجنوبية وتايوان هي الأكثر تعرضا للمخاطر، مع حقيقة أنها تزود الصين بنصف السلع نصف المصنعة أو تامة الصنع، إلا أنها تتمتع بحماية كافية في شكل فائض تجاري أو احتياطات للنقد الأجنبي.
- يتمثل مصدر القلق الثاني في زيادة أسعار الفائدة في الولايات المتحدة، مع حقيقة أن توجه الاحتياطي الفيدرالي لتشديد السياسة النقدية قد يرفع من قيمة الدولار الأمريكي.
- تعتبر الأسواق الناشئة التي تتمتع بعجز كبير في الحساب الجاري مثل كولومبيا وجنوب إفريقيا، أو تلك التي تسجل ديونا كبيرة مقومة بالدولار مثل تشيلي هي الأكثر عرضة للمخاطر، بينما تشهد تركيا كلا المخاطر مع الاضطرابات السياسية التي قلصت من قيمة الليرة.
- يرى "مانوج برادان" من بنك "مورجان ستانلي" أن هناك مأزق ثالث يتمثل في نمو الائتمان السريع في الصين، والتي تشهد ارتفاعا كبيرا في الديون، بالإضافة إلى تعرض ماليزيا وتايلاند وكوريا الجنوبية لمخاطر مماثلة مع ارتفاع القروض.
نماذج أقل عرضة للمخاطر
- مع وضع هذه المخاوف في الاعتبار، فإن قلة من الأسواق الناشئة يمكنها الشعور بالتفاؤل، مثل روسيا التي رغم معانتها من ركود عميق فإنها تمتلك عملة منخفضة القيمة، وفائضا في الحساب الجاري، وقدرات واسعة للبنك المركزي، بالإضافة إلى توقعات بتراجع التضخم وهبوط معدلات الفائدة خلال العام الحالي.
- تعتبر الهند من الدول المستوردة للسلع الأساسية، مع وجود علاقة طفيفة مع اقتصاد الصين، وعجز تجاري منخفض، بالإضافة إلى تياطؤ الائتمان خلال السنوات الماضية.
- تمتلك إندونيسيا مزايا مماثلة للهند، في حين أن اقتصاد المكسيك لا يعاني من نقاط ضعف كبيرة بنفس قدر الأسواق الناشئة الأخرى، رغم تراجع أداءه مؤخرا بفعل تباطؤ الاقتصاد الأمريكي.