الفائدة والاستقرار النقدي
إن دورالبنك المركزي أساسي في عملية خلق النقود ، في حين أن باقي الوكلاء النقديين ( الخزينة والبنوك التجارية ) لا يتمتعون بكامل الحرية ، فالبنك المركزي مكلف من قبلالسلطات العامة بإعداد وتطبيق السياسة النقدية .
كان دور البنك المركزي قد تركز خلال القرن التاسع عشر وبداية القرنالعشرين ، في تحديد إصدار الأوراق النقدية مقابل المعادن الثمينة بواسطة تقنياتمختلفة ، وهذا الدور تحول ليصبح موضوعه ضبط خلق النقود ( العملات ) القانونية ، بعدأن صار الإصدار النقدي مرتبطاً بحجم الإنتاج والمبادلات . هذا الضبط يرتكز علىتقدير حاجات الاقتصاد ويمارَس بواسطة أدوات مختلفة للسياسة النقدية .
إن خلقالنقود بواسطة البنوك التجارية خاضع للرقابة عبر تدخلات البنك المركزي Central Bank Interventions المباشرة وغير المباشرة :
- التدخلات المباشرة : تحصل فيبعض الظروف ( كالتضخم السريع ) أو تحصل أيضاً بقصد بلوغ بعض الأهداف ( تنظيم القروضللاستهلاك وغيره ) وتجبر الوسطاء الماليين الموزعين للقروض Loans ( البنوك التجارية ) على الخضوع لمعايير وضوابطمحددة من قبل السلطات النقدية .
- التدخلات غير المباشرة تمارس على سيولة البنوك ، وتسمح بالتأثير علىعملية خلقها للنقود دون إعاقة مبادراتها .
وسوف نمرعلى كافة أدوات التدخل غير المباشرة بشكل سريع ( نعددها فقط ) تمهيداً للحديث عنسياسة الفائدة .
فالتدخلاتغير المباشرة التي تمارس على السيولة المصرفية Liquidity هي : 1- العوامل المؤثرة على السيولة المصرفيةالمتعلقة بعمليات الزبائن ،
2- والعوامل المؤثرة على السيولة المصرفية المتعلقة بالبنك المركزي .
1- العوامل المؤثرة على السيولة المصرفية المتعلقةبعمليات الزبائن هي : سحوبات أو إيداعات الأوراق النقدية ، العمليات بالعملاتالصعبة ، عمليات الزبائن مع جهاز تابع للخزينة ، مقاصة العمليات المصرفية ( الاحتفاظ بأرصدة دائنة لدى البنك المركزي ) .
2- العوامل المؤثرة على السيولة المصرفية المتعلقةبالبنك المركزي هي :
أولاً : التأثير على عرض النقد المركزي عبر : سياسة إعادة الخصم وإدارة معدلات الفائدة ،القروض المضمونة بسندات ، التدخلات المباشرة في السوق ما بين المصارف ( السوقالمصرفي الداخلي ) ، عمليات السوق المفتوح .
ثانياً : تعزيز الطلب على النقدالمركزي ( سياسة الاحتياطات الإلزامية ) .
وخلاصةالموضوع أنه يهمنا في دراستنا لسوق العملات واستقراء تحركاته الدراسة المتعلقةبسياسة الفوائد وأثرها على حركة العملات ، وهي تقع ضمن تدخلات البنك المركزي غيرالمباشرة ، والتي تتعلق بالعوامل المؤثرة على السيولة المصرفية المتعلقة بالبنكالمركزي للتأثير على العرض النقدي .
تعتبرالفائدة Interest في النظرية الاقتصادية الحديثة أنها جزاء التخلي عنالسيولة ، فالفائدة هي الثمن الذي يجب أن يدفع لإغراء أولئك الذين يحوزون أرصدةنقدية عاطلة للتخلي عن السيولة الكامنة في هذه الأرصدة . فلكي تغري الذي يحتفظبنقوده على التنازل عنها يجب أن تدفع له مكافأة في صورة فائدة لتعويضه عن المزاياالتي كان يحصل عليها من احتفاظه بأمواله في صورة نقود سائلة ( نقود وعملات ورقيةقابلة للتداول السريع ) .
وتعدأسعار الفائدة إحدى الأدوات الهامة لإدارة السياسة النقدية في الاقتصاد ، حيثيستخدمها البنك المركزي في التأثير على عرض النقود .
وتساهمأسعار الفائدة المرتفعة في تشجيع الادخار Saving ، إلا أنها في نفس الوقت تؤدي إلى زيادة كلفةالاستثمار ، وبالتالي فإن تحرك أسعار الفائدة ارتفاعاً أو انخفاضاً يتحدد بناء علىعلى حجم المطلوب من القروض مقارنة بحجم المعروض من المدخرات .
وتميلأسعار العملات إلى التحرك في اتجاه مواز لحركة أسعار الفائدة طويلة الأجل ، ومن ذلكيمكن القول بأن البنك المركزي في إمكانه التأثير على أسعار العملات والطلب والعرضعليها من خلال تحكمه بأسعار الفائدة .
كيف يقررالبنك المركزي أسعار الفائدة ؟
إن البنكالمركزي يستطيع أن يخلق النقود القانونية بلا حدود ( نظرياً طبعاً ) ، إلا أنهغالباً ما يتقرر حجم هذه النقود تطبيقاً لسياسة نقدية معينة لتحقيق أهداف اقتصادية ( تحريك الاقتصاد من الركود أو ضبط معدلات التضخم ) . وبذلك يصبح البنك المركزيالمسؤول عن السياسة النقدية والائتمانية للجهاز المصرفي ككل .
والبنوك التجارية لا يحدها في خلق نقود الودائع سوى إمكانيات السيولة، أي أن تتوافر لديها كميات النقود اللازمة أو أن يكون البنك المركزي مستعداًلإمدادها بهذه النقود القانونية لمواجهة التزاماتها الناتجة عن خلق نقود الودائع . فهذه الأخيرة ستتحول إن عاجلاً أم آجلاً إلى نقود قانونية بناء على طلب أصحابها . ومن الطبيعي أن تدور العلاقات بين البنك المركزي والبنوك التجارية في هذا الإطار : خلق نقود الودائع ، ثم تحول هذه النقود إلى نقود قانونية .
وبالتالي فإننا يمكن أن نتصور إمكانياتالرقابة من جانب البنك المركزي ، لتحقيق سياسة نقدية وائتمانية معينة ، متمثلةدائماً في قدرته على التأثير في سيولة البنوك التجارية وفي أسعار خدماتها ( سعرالفائدة ) وعن طريق ذلك التحكم في حجم وسائل الدفع الخاص بنقود الودائع .
معدلالفائدة في أستراليا منذ عام 1959 وحتى
2001
ما هي سياسةسعر الخصم Discount Rate ( الفائدة ) ؟
سعر الخصموهو عبارة عن سعر ( معدل ) الفائدة Interest Rate ، أو الثمن الذي يتقاضاه البنك المركزي مقابل تقديم القروض وخصمالأوراق التجارية في المدة القصيرة . وبالطبع فالمؤسسات التي تتعامل مع البنكالمركزي في هذا الشأن هي البنوك التجارية . فالأخيرة غير قادرة على خلق الائتمان أوإعطاء القروض بطريقة مستقلة دون توافر السيولة اللازمة ، ولذا فهي مضطرة إلىالالتجاء إلى البنك المركزي لإعادة خصم ما لديها من أوراق تجارية وكمبيالات ، بمعنىأن يحل محلها البنك المركزي في الدائنية مقابل أن يقدم السيولة اللازمة في شكلأوراق النقد القانونية اللازمة لتأدية نشاطها ، ومن الطبيعي أن يتقاضى منها ثمن هذاالاقتراض في صورة سعر الفائدة .
كيف يتم تحديدمستوى معدل الفائدة كهدف للسياسة النقدية ؟
هناكصعوبة فائقة في تحديد معدل الفائدة الجيد للاقتصاد ، وتعتبر معدلات الفائدة أيضاًبمثابة أدوات السياسة النقدية ، وفي هذا الخصوص تستخدم هذه المعدلات لأغراض داخليةوخارجية في الآن عينه . فضلاً عن ذلك لا يفرض في أي بلد على الإطلاق معدل فائدةواحد على جميع الوكلاء الاقتصاديين .
مستوى معدلالفائدة الأمثل :
إن تحديدمعدلات الفائدة غير منفصل عن تحديد نمو الكتلة النقدية ، لكن السلطات العامة أيضاًلا تستطيع أن تتجاهل من جهة أخرى مستوى معدلات الفائدة ، لأن مستوى هذه المعدلاتيعتبر أحد المحددات الهامة لسلوك كل من الأسر والمشاريع التجارية .
أثر معدلاتالفائدة على المشاريع التجارية ( الاستثمارية ) :
فيمايتعلق بالمشاريع التجارية يقوم منظموها بمقارنة مردودية خياراتهم الاستثمارية وكلفةرؤوس الأموال الضرورية لتحقيقها ( التمويل الذاتي ، الطلب إلى المساهمين ، القروضمقابل سندات أو القروض المصرفية ) ، ومن البديهي أيضاً أنه كلما كانت كلفة رؤوسالأموال مرتفعة كلما كان المشروع أقل إقداماً على الاستثمار .
وتتراوح حساسية المشاريع التجارية على تغيرات معدلات الفائدة تبعاًلهيكلية ديونها ، فالقروض القصيرة الأجل تتأثر فوراً بتغيرات معدلات الفائدة ، فيحين أن ذلك لا ينطبق على القروض الطويلة الأجل التي لا تتغير معدلاتها إلا إذا كانتترتبط بمعدلات متحركة أو قابلة لإعادة النظر بها .
أثر معدلاتالفائدة على الأسر :
إن سلوكهؤلاء فيما يتعلق بالادخار والاستدانة Borrowing لم يكن في السابق يتأثر إلا على نحو ضعيف جداًبتغيرات معدلات الفائدة ، وحالياً يبدو ذلك غير صحيح تماماً ، فالمنافسة بينالمؤسسات المصرفية وتطور نظم المعلومات جعلت من المدخر أكثر حساسية مما كان عليه فيالسابق ، على شروط التعويض الذي يتقاضاه عن مدخراته .
ارتفاع الطلب على العملة مترافقاً مع ارتفاع معدل الفائدة في ظل ثباتالعرض النقدي
وخلاصة ماتقدم أن المشاريع والأسر ، على حد سواء ، هم حالياً شديدي الحساسية على كلفة قروضهموعلى التعويض الذين يتلقوه عن توظيفاتهم ( مدخراتهم ) ، لهذا السبب يتوجب علىالسلطات العامة أن تولي اهتماماً خاصاً لتقلبات معدلات الفائدة . لكن السؤال الصعب : ما هو المستوى الأمثل لهذه المعدلات ؟
المستوىالأمثل لمعدلات الفائدة :
إنالعلاقة التي تجمع بين معدل الفائدة في الأجل القصير وكمية النقد ليست بسيطة ولامستقرة ، لأن الطلب على القروض والطلب على النقد يخضعان لتحركات لا ترتبط فقط بمعدلالفائدة . باختصار إن وتيرة معينة في خلق النقود يمكن أن تقابلها مستويات مختلفةلمعدل الفائدة ، أي بمعنى آخر يمكن ملاحظة تقلبات حادة في معدلات الفائدة خلالفترات زمنية قصيرة نسبياً ( انخفاض معدل الفائدة في الولايات المتحدة عام 2001 من 4.5 % إلى 1.75 % ، ثم ارتفاع هذا المعدل منتصف عام 2006 إلى 5.25 % ) .
إذنالهامش الواسع جداً لتقلبات Fluctuations معدلات الفائدة يمكن أن يحدث ليستذبذباً ضمن حدود الاستقرار ، بل عمليات متراكمة من عدم التوازن تنشأ عنها مراحلمتعاقبة من التضخم والركود ( على غرار ما يحصل في جميع الدول ذات النظام الاقتصاديالرأسمالي الحر بخاصة الولايات المتحدة ) .
لذلكيتوجب على السلطات النقدية أن تسهر ليس فقط على مستوى معدلات الفائدة ، بل أيضاًعلى أن تبقى تغيرات هذه المعدلات ضمن هوامش غير واسعة نسبياً وحول مستويات وسطيةتقابل التوازن في الأسواق .
و توازن الأسواق Market Equilibrium يقود إلى الإعلان عن هرمية معينة في معدلات الفائدةفالمعدلات في الأجل الطويل هي أعلى مبدئياً من المعدلات في الأجل القصير . وهذهالهرمية ( أو هذا التسلسل ) في المعدلات هي ضرورية لتكوّن واستقرار الادخار ، ولكيتنتقى الاستثمارات Investments تبعاً لإنتاجها .
العواملالمحددة لمعدلات الفائدة :
يتحددمعدل الفائدة من خلال كمية النقد قيد التداول التي ترتبط بسلوك البنك المركزي ،ومستوى معدلات الفائدة يؤثر بذلك على توزيع الادخار بين نقد وتوظيفات طويلة الأجل . فارتفاع معدلات الفائدة يكون له دون شك دوراً محفزاً على الادخار .
وفعلياً يمكن أن يكون لهذه المعدلات تأثير مثلاً على القروض السكنية Residential Loans وعلى القروض الاستهلاكية أيضاً . فإذا منحت الأسرتسهيلات إقراضية من أجل زيادة استهلاكها فهي بالتأكيد سوف تدخر أقل . وبالتالي إذاما أردنا أن نمر من هذه الناحية على أزمة الرهون العقارية في الولايات المتحدة ،فإننا نلاحظ بوضوح أن السلطات النقدية لجأت إلى تخفيض معدلات الفائدة وبخاصة علىالقروض السكنية ، تسهيلاً للمقترضين كي يستطيعوا أن يدفعوا ما عليهم من تبعات ماليةللبنوك التي اقترضوا منها
معدلات الفائدة الأمريكية منذ عام 1950 ، وتظهر في الرسم المناطقالزرقاء حيث فترات الانكماش ، ويلاحظ في هذه الفترات هبوط معدلالفائدة
ويمكناختصار العوامل المحددة لمعدلات الفائدة بالنقاط التالية :
· لا يمكن لمعدل الفائدة أن يكون غير مبال بوضعيةسوق رؤوس الأموال القابلة للإقراض ، أي بعرض التوظيفات المالية وبالطلب على التمويل .
· يرتبط معدل الفائدة بالسياسةالنقدية ، فإذا كانت قروض مؤسسات الإقراض شحيحة ، فإن حاجات الاقتراض يجب أن تتصححعلى حجم رؤوس الأموال القابلة للإقراض في الأسواق ، وبعدم تحقق ذلك فإن سعر النقودسوف يرتفع .
· يتأثر معدل الفائدة بمعدلات الفائدة الأخرىالسائدة في الخارج . فانفتاح الاقتصادات وتدويل الأنظمة المالية جعلا من غير الممكنلأي بلد أن يحدد مستوى معدلات فائدته من دون الأخذ بالاعتبار لمستوى معدلات الفائدةفي البلدان الأخرى ( إذ إننا نلاحظ بوضوح موجة تخفيض أسعار الفوائد بدأت فيالولايات المتحدة وامتدت إلى دول أخرى بعد ذلك ) . فمعدلات الفائدة الأكثر ارتفاعاًتنبئ باجتذاب رؤوس الأموال بكميات ضخمة ( كما يحصل في أستراليا حيث معدل الفائدةيساوي 7.25 % ، وفي نيوزيلندا حيث معدل الفائدة يساوي 8.25 % ) ، كذلك فإن معدلاتالفائدة الأكثر تدنياً يمكن على العكس من ذلك أن تكون السبب في نزوح رؤوس الأموالالباحثة عن توظيفات مربحة أكثر ( كما في الولايات المتحدة حيث معدل الفائدة يساويالآن 3.00 % وهو مرجح للتخفيض ) . هذه الاعتبارات لها أهمية كبرى بالنسبة للبلدانالتي تبحث عن تحقيق استقرار سعر صرف Exchange Rate Stability نقدها . فحركات رؤوس الأموال تغير فعلياً شروط التوازن بين العرضوالطلب في أسواق الصرف ، ويمكن أن يكون لها آثار غير مرغوب بها على أسعار صرفالعملات .
ما هيالمعدلات الرئيسية للفائدة ؟
توجدالعديد من معدلات الفائدة في اقتصاد متطور ، وأبرز تلك المعدلات هي التالية :
- المعدلات الرئيسية : هي معدلاتالنقد المركزي ، أي المعدلات التي على أساسها يقرض البنك المركزي مؤسسات الإقراض ،كما تحدد على ضوئها معدلات الإقراض ما بين البنوك .
- معدلات السوق النقدي : هيالمعدلات التي يتم على أساسها تداول الأوراق المالية القصيرة الأجل القابلة للتداول ( سندات خزينة Treasury Bonds قابلة للتداول ، شهادات إيداع Certificates of Deposit ( CD’s ) ، أوراق خزينة Treasury Bills وغيرها ) وهذه المعدلات قريبة جداً في مستواها وتطورها من المعدلاتفي السوق ما بين البنوك .
- معدلات السوقالمالي أو المعدلات الطويلة الأجل : هي المعدلات التي على أساسها تصدر السندات Bonds ، أو تلك التي تنشأ عن أسعار السندات في البورصة ،وتحدد معدلات التمويل في الأجل الطويل ( كسندات ال 10 سنوات أو 30 سنة ) .
- معدلات التوظيف في الأجل القصير ( حسابات على الدفاتر ، ادخار سكني ، إلخ ) وتسمى أيضاً معدلات رئيسية .
- المعدلات المسماة مدينة Debit : هي المعدلات المطبقة على القروض الموزعة من قبلالوسطاء الماليين .
يستخلصمما تقدم أن صيغ معدلات الفائدة هي متنوعة جداً ، ويمكن تصنيفها تبعاً للتالي :
- المعدلات الثابتة : فالمعدل المعلن يبقى علىحاله خلال طيلة فترة التوظيف أو القرض .
- المعدلات القابلة لإعادة النظر بها : تتغير المعدلات تبعاً لمؤشراتمرجع يمكن أن تكون المعدلات الرئيسية أو المعدلات على السندات . لكن عقد القرض أوالتوظيف هو الذي يشير إلى ميعاد أو تاريخ إعادة النظر بالمعدل المطبق ، على سبيلالمثال في نهاية السنة أو نهاية النصف الأول من السنة أو فصلياً .
- المعدلات المتغيرة : تتغير هذهالمعدلات باستمرار تبعاً لأرقام قياسية مرجع . ومبلغ الفوائد المدفوعة أو المقبوضةلا يعرف حقيقة إلا عند استحقاق القرض أو التوظيف .
أما فيمايتعلق بالترابط بين مختلف معدلات الفائدة ، فإن هذه المعدلات تتحرك عادة بواسطةمعدل الفائدة على النقد المركزي ( معدل الفائدة الذي يحدده البنك المركزي ) الذييسري في باقي أجزاء النظام المالي .
إن أسعارالفائدة السائدة في السوق النقدية العامة ، وتلك المتعلقة بالبنوك التجارية خاصة ،تكون موازية لسعر الفائدة الذي يقرره البنك المركزي . وفي هذه الحالةفإن ارتفاعسعر الفائدة لدى البنك المركزي سوف يؤدي إلى ارتفاع أسعار الفائدة أو تكلفة الإقراضالسائدة في السوق النقدية أو التي تقررها البنوك النجارية ، وهذا بالطبع يدفعالعملاء إلى الإحجام عن طلب الائتمان ويسبب ذلك انخفاض حجم الائتمان .
كما يمكنأن يكون العكس صحيحاً ، بمعنى أن انخفاض قيمة سعر الفائدة المقرر من جانب البنكالمركزي يؤدي إلى انخفاض أسعار الفائدة في السوق النقدية ، وهذا يشجع الأفرادوالمشاريع الاستثمارية على الاقتراض ، وبالتالي يزداد حجم الائتمان .
أماالتأثير الثاني للتغيير في سعر الفائدة فيرتبط بكمية السيولة . فلا شك أن البنوكالتجارية تخلق نقود الودائع بمناسبة عمليات الائتمان ، وعليها أن تتوقع ضرورة تحويلجزء من أصولها من نقود ودائع إلى نقود قانونية . والطريقة الوحيدة لذلك هو أن الطلبمن البنك المركزي إعادة خصم بعض الأوراق التجارية والسندات التي في حوزتها .
فالحصولعلى نقود قانونية هو الذي يهيئ للبنوك التجارية Commercial Banks الأصول النقدية السائلة واللازمة لخلق الائتمان . وعلى ذلك فعندمايكون سعر الفائدة لدى البنك المركزي منخفضاً ، فهذا يشجع البنوك التجارية على تحويلجزء من أصولها المتمثلة في أوراق تجارية وسندات ممثلة لقروض إلى نقود قانونية . وهذا يؤدي إلى زيادة إمكانيات البنوك التجارية في خلق نقود الودائع وبالتالي إلىزيادة الائتمان .
أماارتفاع سعر الفائدة الذي يقرره البنك المركزي ، فمن شأنه أن يجعل البنوك التجاريةتحجم عن خصم ما لديها من أصول في شكل أوراق مالية وتجارية ، وبذلك تنقص هذه البنوكالسيولة اللازمة لخلق الائتمان .
فاعلية سياسةسعر الفائدة :
غالباً ماتكون الفترات التي يرفع فيها البنك المركزي من سعر الفائدة هي فترات التضخم التيتتميز بالزيادة في الطلب ( كما في أستراليا على سبيل المثال ) ، وبالتالي فإنالمشاريع في مطالبتها بقروض لتوسيع نطاق إنتاجها تضمن زيادة المبيعات وارتفاعالأسعار في نفس الوقت .
أما خفضسعر الفائدة Interest Rate Cut وبالتالي أسعارالفائدة السائدة في السوق النقدية ، والتي يقررها البنك المركزي في فترات الانكماش، هادفاً من ذلك إلى تشجيع النشاط الاقتصادي عن طريق الاقتراض والائتمان ، فمن شأنهأن يدفع المشاريع إلى طلب القروض من البنوك التجارية ، وأن يدفع هذه البنوك إلى خلقالائتمان وطلب السيولة من البنك المركزي ( كما يحصل في الولايات المتحدة اليوم ) .
رسم بياني يظهر العلاقة ما بين حركة معدل الفائدة وارتفاع وانخفاضالتضخم في الولايات المتحدة
تجذب الفوائد المرتفعة بشكل طبيعي رؤوس الأموال ، وذلك من أجل طلب عائد أكبر دوماً من قبل حائزي العملات النقدية ، حيث أن الناس سوف يذهبون لوضع أموالهم في البنوك ذات الفائدة الأعلى ، وبالتالي بالعملة ذات الفائدة الأعلى ، وهذا ما يخلق بشكل طبيعي طلباً على العملة ذات الفائدة الأعلى وبالتالي يرتفع سعرها .
من هنا نستطيع أن نحلل بأبسط ما يكون ارتفاع أسعار العملات ذات الفوائد العالية أو التي يتوقع أن ترتفع أسعار فوائدها ، كالدولار النيوزيلندي ( 8.25 % ) والدولار الأسترالي ( 7.25 % ) والباوند الاسترليني ( 5.25 % ) واليورو ( 4.00 % ) وغيرها .
كما أننا نستطيع أن ندرك أن خفض الفائدة يؤدي حتماً إلى انخفاض سعر العملة ، كما هو حاصل بالنسبة للدولار الأمريكي .