اذا اعتبرنا عام 2014 كحلبة سباق، فالاقتصاد الأمريكي مما لا شك فيه تعثر في الانطلاق منذ البداية. ففي يناير كان التجار والاقتصاديون متفائلون بأن 2014 ستكون السنة التي سيكون فيها الاقتصاد قادرا على الوقوف على قدميه من دون عكاز التيسير الكمي الذي اعتمد عليه في السنوات القليلة الماضية. وقد تحولت تلك التوقعات المتفائلة بسرعة الى خيبة امل مع موجة الطقس السيئ التي اجتاحت الولايات المتحدة مؤدية لتعثر النشاط الاقتصادي في الربع الاول؛ في الواقع، انكمش الاقتصاد بنسبة 2.9٪ ، كأسوأ قراءة للناتج المحلي الإجمالي منذ الكساد الكبير سنة 1929:
و لكن لحسن الحظ و نحن على مشارف النصف الثاني من العام، حيث اظهر الاقتصاد الأمريكي تحسنا قويا مع قرب نهاية العام. وفقا لأحدث الأرقام، النشاط الاقتصادي يتحسن بشكل كبير في الربع الثاني على خلفية النمو القوي في أسواق العمل والإسكان، ويتوقع معظم الاقتصاديين ان نسبة نمو الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثاني ستصل الى %3 على اساس سنوي.
الاحتياطي الفيدرالي: ملكة على رقعة الشطرنج
على الرغم من قراءة الناتج المحلي الإجمالي المخيبة، فضلا عن عدد من التقارير الاقتصادية الأخرى المخيبة للآمال في الربع الأول، تمسك مجلس الاحتياطي الاتحادي بخطته لسحب برنامج التسيير الكمي. و الآن، وفقا لأحدث محضر، البنك المركزي يخطط لوقف التيسير الكمي بوقف مشترياته من الاصول بمقدار 15 مليار دولار في اكتوبر، مما يمهد الطريق لرفع أسعار الفائدة في نهاية المطاف في فترة ما من عام 2015.
على مستوى سوق العمل،. مع اقتراب تقرير التوظيف بالقطاع غير الزراعي الصادر في يوليو ، الاقتصاد الأمريكي خلق أكثر من 200 الف فرصة عمل على مدى خمسة أشهر متتالية، وهو شيئ لم يحدث منذ الفترة التي سبقت فقاعة التكنولوجيا في عام 1999. مع معدل مشاركة (النسبة المئوية من البالغين في الولايات المتحدة الذين يبحثون عن عمل) يرجح أن يبقى منخفضا بسبب الاتجاهات الديموغرافية و الاشخاص المجبرون على التقاعد المبكر، فيما قد يستمر معدل البطالة في الانخفاض عام 2014. وفي الواقع، انخفض معدل البطالة إلى 6.1٪ فقط في شهر يونيو، مع العلم بان هدف مجلس الاحتياطي الاتحادي لنهاية السنة هو 6.0-6.1 %! و طالما لا يزال معدل البطالة منخفضا، سوف يستمر سوق العمل في الضغط على الاحتياطي الفيدرالي لرفع اسعار الفائدة.
الامر الذي يشكل تحديا بالنسبة للاحتياطي الفيدرالي هو بلا شك التضخم. فمؤشر أسعار المستهلك (CPI) يشكل ضغطا على البنك الذي يستهدف 2.0-2.5٪ ، ولكن الاحتياطي الفيدرالي يفضل مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي (PCE) المتراجع قليلا الى 1.49٪ في مايو. وقد ارتفع المؤشر المذكور الى ما يقرب من 0.5 ٪ منذ بداية العام، وإذا استمر هذا الاتجاه، فالتضخم قد يصل بسهولة للنطاق المستهدف من طرف الاحتياطي الفيدرالي في نهاية هذا العام أو مطلع العام المقبل.
ارقام مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي (PCE) الحالية تبين أن السياسة النقدية "الفضفاضة" مناسبة، ولكن من المهم أن نتذكر أن السياسة النقدية الحالية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي متكيفة بشكل غير مسبوق. ليس فقط ان البنك لا يزال يدفع عجلة الاقتصاد من خلال برنامج التيسير الكمي على الأقل لبضعة أشهر، ولكن أسعار الفائدة أيضا في الصفر. الوضع الحالي بعيد عن احدث اهداف الاحتياطي الفيدرالي الاقتصادية، حيث يحبذ معظم المسؤولين التوازن على المدى الطويل حيث سعر الفائدة في نطاق 3،5-4،0٪؛ هذا يدل على أن الاحتياطي الفيدرالي يمكن أن ينتهي التيسير الكمي و يقوم برفع أسعار الفائدة بنسبة 0.25٪ عشر مرات منفصلة (!) و سيعتبر ذلك كسياسة تخفيفية مقارنة مع اهدافه لتحقيق التوازن على المدى الطويل.