تتولى السيد جينيت يلين قيادة أعضاء اللجنة الفدرالية للسوق المفتوح اليوم الثلاثاء وغداً الأربعاء 18-19 من آذار/مارس الجاري على أعتاب فترة مليئة بالتحديات لبنك الاحتياطي الفدرالي خلفاً للمحافظ السابق للبنك بين شالوم بين بيرنانكي والذي إنهى ولايته الثانية في 31 من كانون الثاني/يناير الماضي.
الجدير بالذكر أنه على مدى العديد من الأعوام الماضية توافق معظم مسؤولي الاحتياطي الفدرالي على أن هناك الكثير للقيام به للحد من معدلات البطالة وإحياء الضغوط التضخمية وسط تعافي الاقتصاد، إلا أن هناك علامات على أن الخلافات القديمة تعود للمشهد مع تأكيد البنك على أن أدواته الأولية لانتهاج السياسات تكمن في شفافية التواصل.
هذا وقد أشار بعض المحللين إلي إن مهمة يلين تعد أكثر صرامة حيال إدراة اللجنة عن بيرنانكي لكوننا في مرحلة انتقالية، نحن لسنا في أزمة، نحن في مرحلة ما من التعافي- ليبقى السؤال إلي إي مدى يكمن أن تقدم لنا السياسية النقدية؟! وذلك بالتزامن مع مواجهة يلين للتحدي بشكل مباشر حيال توجهات أعضاء اللجنة حيال معدلات الفائدة قصيرة الآجل.
يعمل بنك الاحتياطي الفدرالي مؤخراً على الإنتهاء تدريجياً من برنامج حيازات السندات وفقاً لجهوده التحفيزية للاقتصاد، ومن المتوقع مضي البنك قدماً في تقليص البرنامج شراء السندات بنحو 10$ مليار إخرى ليضيف بذلك البنك نحو 55$ مليار في نيسان/أبريل المقبل مقابل 65$ مليار خلال الشهر الجاري من ما قيمته 85$ مليار شهرياً في آخر أشهر العام الماضي 2013.
مع العلم أن مسؤولي الاحتياطي الفدرالي قد أوضحوا خلال الآونة الأخيرة عزمهم إنهاء البرنامج بحلول الخريف ما لم تتغير التوقعات الاقتصادية بشكل حاد، في حين لم يكشفوا بشكل واضح توجهات السياسة التي يعتبرونها محور حملة التحفيز وجهود الاحتياطي الفدرالي لقمع تكاليف الإقتراض للشركات والمستهلكين ليس فقط عن طريق البقاء على أسعار الفائدة عند مستويات تاريخية منخفضة لفترة مطولة من الزمان بين مستويات الثبات عند الصفر ونسبة 0.25%.
ولكن إيضا عن طريق إقناع المستثمرين بأن الأسعار ستظل منخفضة لبعض الوقت، أوضح المسؤولين في كانون الأول/ديسمبر من عام 2012 أن بنك الاحتياطي الفدرالي يعتزم عقد أسعار الفائدة قصيرة الآجل بالقرب من مستويات الصفر طالما بقيت معدلات البطالة التي كانت عند نسبة 7.9% حينذاك، أعلى نسبة 6.5% وقد إتم المسؤولين ذلك تقريباً مع الإنخفاض السريع في معدلات البطالة الرسمي والتي بلغت نسبة 6.7% في شباط/فبراير الماضي.
وسط تعافي سوق العمل الامريكي فأن المسؤولين يتفقون على أن الاحتياطي الفدرالي ينبغي أن يخبر المستثمرين أن أسعار الفائدة ستظل منخفضة كما يتوجب على غرار الركائز الماضية، إلا أن إقلية صغيرة من المسؤولين تستهدف ركائز جديدة واضحة المعالم، بينما معظم الأعضاء في المقابل يريدون تقديم توجهات أكثر شمولية من الأهداف الاقتصادية للسياسة.
الأمر الذي يسفر عن جدال موسع بين أعضاء اللجنة الفدرالية تحت قيادة يلين حيال تحديد مهام السياسة النقدية والتي أصبحت أكثر تعقيداً مع تعافي الاقتصاد، مثل الفرق بين الإبحار بسرعة نحو جزيرة ومن ثم المناورة ببطء في الميناء.
هذا وقد نوه رئيس بنك الاحتياطي الفدرالي-سان فرانسيسكو جون ويليامز أن وصف خطط الاحتياطي الفدرالي من حيث مجموعة موسعة من المؤشرات الاقتصادية سيكون غير واضح المعالم، إلا أنه أكثر دقة، موضحاً "كيف نفعل ذلك من دون الذهاب إلي التواريخ واستخدام الأرقام، هذا هو فن صياغة كيفية التواصل بيننا".
كما استشهد وليام سي. دادلي رئيس بنك الاحتياطي الفدرالي-نيويورك بتوجهات البنك المركزي البريطاني الأخيرة والذي اتبع خطوات الاحتياطي الفدرالي بتثبيت أسعار الفائدة عند مستوياتها التاريخية المنخفضة لحين انخفض معدلات البطالة في المملكة لنسبة 7.0%، مشيراً إلي أن النظرة الاقتصادية هامة وأن هذا النهج "النوعي وليس الكمي" نموذج مفيد.
الجدير بالذكر أن التحول نحو التوجهات أكثر شمولية يمكن له أن يقلل من فاعلية جهود بنك الاحتياطي الفدرالي لقمع أسعار الفائدة، إذا ما وجد المستثمرين أن التوجهات غير واضحة أو تتمايل أكثر للتحول، خاصة وأن بنك إنجلترا يكافح لثني المستثمرين الذي يواصلون مضاربتهم ومراهنتهم على أنه سيرفع أسعار الفائدة في وقت مبكر عن الجدول الزمني الذي تنطوي عليه توقعات مصرف المملكة البريطانية.
إلا أن بنك الاحتياطي الفدرالي ليس من المرجح له أن يواجه الاختبار الفوري لمصداقيته تجاه عقد معدلات الفائدة قصيرة الآجل لفترة مطولة لأن الاقتصاد لا يزال ضعيفاً، حيث تعد مهمة الاحتياطي الفدرالي أسهل وفقاً لحقيقة أن البيانات تعزز البقاء عليها بالقرب من الثبات عند مستويات الصفر، على نقيض بنك إنجلترا الذي يكافح بيانات قوية ويحاول إقناع الأسواق بأنه سيبقي عليها منخفضة لفترة مطولة.
هذا ونود الأشارة لكون ملامح توجهات بنك الاحتياطي الفدرالي تحت رئيسة السيدة جينت يلين محافظة الاحتياطي الفدرالي سوف تتضح بشكل أفضل مع الكشف عن توقعات البنك تجاه وتيرة النمو زمعدلات البطالة والتضخم للأعوام الثلاثة المقبلة غداً الأربعاء وسط ترقب الأسواق والمستثمرين لقرارات وتوقعات أعضاء اللجنة الفدرالية تحت قيادة يلين أول سيدة تتولى ذلك المنصب.