الشركات الكبرى تكدس السيولة
في الوقت الذي حرمت فيه كثير من الأسر والشركات الأميركية الصغيرة من الائتمان استطاعت الشركات الكبرى الحصول على قروض ضخمة فقط لأنها استطاعت الوصول إليها، دون مقابل.
وقالت نيويورك تايمز في تقرير إن شركة مثل مايكروسوفت، على سبيل المثال، جمعت مليارات الدولارات عن طريق إصدار سندات بسعر فائدة منخفض جدا لكن عددا قليلا من الشركات الكبرى يقوم بالاستثمار في مصانع جديدة أو معدات أو وظائف، فهي تكدس السيولة بانتظار تحسن الاقتصاد الذي يأبى ذلك في حال استمرار الشركات في مثل هذا النهج.
قوة محدودة لصانعي السياسة
وتؤكد الصحيفة أن مثل هذا الوضع يشير إلى القوة المحدودة التي يتمتع بها صانعو السياسة في واشنطن فيما يتعلق بحفز الاقتصاد.
فلا تزال الشركات الصغيرة تجد صعوبة في الاقتراض ولا تزال عمليات الاقتراض محصورة في الشركات الكبرى.
ورغم أن الاقتصاديين يقولون إنه من المنطقي أن تستغل الشركات الوضع وتقترض بفائدة منخفضة لشراء أسهمها مرة أخرى فإن غاي لو با خبير إستراتيجية الدخول الثابتة في مؤسسة جاني منتغومري سكوت في شيكاغو يقول "إن ذلك ليس مفيدا بالضرورة للوضع الاقتصادي".
وقد أبقى مجلس الاحتياطي الاتحادي سعر الفائدة نحو الصفر لمدة عامين مما يسمح للشركات ببيع سنداتها بفائدة منخفضة لا تتعدى 1%.
ولذلك فإن معظم الشركات لا تفعل ما كانت تستهدفه سياسية التيسير النقدي وهو الاستثمار وخلق الوظائف.
فعلى العكس من ذلك أدى تدني الفائدة إلى الضرر بالكثير من الأميركيين، خاصة المتقاعدين منهم، بحيث هبطت بشدة دخولهم من المدخرات.
أما الشركات الكبرى مثل جونسون وجونسون وبيبسي و آي بي أم فقد كانت في صدارة المنتفعين من تلك السياسية.
وتقول دانا سابورتا الاقتصادية ببنك كريدت سويس في نيويورك إن الشركات استفادت من هذا الوضع بالاقتراض وتكديس السيولة لكن الاقتصاد الأميركي لم ينتفع بذلك بعد.
"
ما جمعته الشركات الأميركية من السيولة يصل حاليا إلى 1.6 تريليون دولار أي ما يمثل 6% من مجموع أصولها
"
منذ الأزمة المالية
وقد استطاعت الشركات الأميركية تكديس كميات ضخمة من السيولة منذ الأزمة المالية في 2008، يضاف إلى ذلك أن طرح السندات الممتازة ومنه طرح مايكروسوفت في الشهر الماضي لـ4.75 مليارات دولار من السندات، عزز تلك السيولة.
وتقول نيويورك تايمز إن ما جمعته الشركات الأميركية من السيولة يصل حاليا إلى 1.6 تريليون دولار أي ما يمثل 6% من مجموع أصولها. وفي الربع الأول من العام الحالي وصلت النسبة إلى 6.2% من مجموع الأصول وهو أعلى مستوى منذ 1964 عندما وصل إلى 6.4%.
فمتى ستبدأ الشركات في إنفاق هذه الأموال، خاصة في فتح وظائف جديدة؟ لقد أصبح هذا أكبر سؤال يطرح حتى الآن خلال فترة الانتعاش الذي يصاحبه ارتفاع معدل البطالة.
ومتى ستبدأ الشركات الأميركية في الشعور بما يكفي من الثقة لاستثمار هذه السيولة وبناء المصانع وتوظيف 14.9 مليونا من العاطلين الأميركيين؟
يبدو أن الشركات تحجم عن الإنفاق بسبب الخشية من انتكاسة الاقتصاد وعودته إلى الركود أو النمو ببطء شديد يجعل الاستثمار غير مجز.
فالشركات ستكون قوية ولديها ما يكفي من رأس المال ومستعدة للعمل بقوة فقط عندما يقرر مسؤولوها أنه يجب أن تتوسع.
وبعد أن ارتفعت نسبة السيولة إلى الأصول في كل فصل منذ منتصف عام 2008 هبطت النسبة بصورة ضعيفة لأول مرة في الربع الثاني من العام الحالي.
وبالرغم من أن الاستثمار في المصانع لا يزال بطيئا فإن الشركات استثمرت بعض الأموال في شراء معدات جديدة وتطوير نظم الحاسوب. وارتفع معدل ذلك بنسبة 20% في الفصلين الأول والثاني هذا العام. لكن الاقتصاديين يقولون إن مثل هذا الاستثمار لا يزال أقل من المعدل الذي وصل إليه قبل الأزمة المالية.
"
الشركات ألأميركية اقترضت 488 مليار دولار من سوق السندات حتى الآن هذا العام
"
أهداف أخرى
وتقول نيويورك تايمز إن الأموال الرخيصة التي تقترضها الشركات ذهبت إلى أهداف أخرى غير التي توخاها صانعو السياسة الذين كانوا يأملون خفض نسبة البطالة التي تصل إلى 9.6%. واستخدم العديد من الشركات الأموال التي اقترضها من أسواق السندات لإعادة ترتيب أوضاعها المالية وليس لخلق وظائف.
وقالت شركة مايكروسوفت إنها استخدمت الأموال لإعادة شراء أسهمها بينما اتجهت شركات أخرى إلى اقتراض أموال على المدى البعيد، واستخدمت شركات أخرى الأموال في عمليات الاندماج والاستحواذ.
وقد تؤدي هذه العمليات إلى إثراء المساهمين وخفض تكلفة الشركات على المدى البعيد لكنها لن تقود بالضرورة إلى خلق الوظائف، كما أنها لا تمثل استثمارا في النمو الذي قد يدفع التعافي الاقتصادي بحيث يستفيد منه الجميع.
وطبقا لمؤسسة ديلوجيك المالية فإن الشركات بالولايات المتحدة اقترضت 488 مليار دولار من سوق السندات حتى الآن هذا العام، بما يزيد عن 7% من مجموع الاقتراض في 2009. وقد يصل الرقم هذا العام إلى 589 مليار دولار وهو الرقم الذي وصلت إليه القروض في 2007، عام الطفرة الذي سجل أعلى رقم على الإطلاق.
المصدر:نيويورك تايمز