أسوأ أزمة مالية منذ الكساد العظيم
نتيجة لكل ما تم عرضه في الجزء الأول و الجزء الثاني.. فقد انزلقت الكثير من المؤسسات المالية و البنوك الاستثمارية نحو الإفلاس هذا بالإضافة إلى المزيد من الخسائر التي تكبدتها نتيجة الإقراض لذوي الملاءة المالية المتدنية, وأصبحت البنوك تواجه مشكلة سيولة حادة حيث تجمدت الأموال في شكل عقارات أو ما يطلق عليه الأموال الخرسانية.
وتبخرت الكثير من الأموال وتحقيق خسائر فادحة ومروعة في أسواق المال نتيجة للاستثمار في الالتزامات بضمان الدين أو CDO وذلك بعد إن انخفضت قيمتها بشكل حاد نتيجة لانخفاض أسعار العقارات بالإضافة إلى عدم قدرة المدينين ذوي الملاءة المالية الضعيفة على السداد.
وفي عام 2007 حققت شركتي فاني ماي و فريدي ماك خسائر فادحة من جراء الاستثمار في الديون الرديئة (subprime), وبحلول7 سبتمبر 2008 تم وضع الشركتين تحت وصاية الخزانة الأمريكية طيلة الفترة التي تحتاجها لإعادة هيكلة النظام المالي لديها مع التدخل بامتصاص نحو 200 مليار دولار أمريكي من ديونها.
هذا و قد أعلن بنك ليمان براذر إفلاسه في منتصف شهر سبتمبر/أيلول من عام 2008 ليشعل بذلك فتيل الانهيارات المتلاحقة في الاقتصاد الأمريكي على كافة المستويات.
وقد انتشر الهلع في جميع أنحاء العالم نتيجة لهذه الأحداث حيث كما ذكرنا من قبل أن البنوك و المؤسسات المالية وصناديق التحوط والحكومات العالمية أقبلت على الاستثمار في ذلك النوع من الأدوات المالية (CDO) والتي انكشفت على مخاطر هائلة ورداءة في الديون.
وانخفاض السيولة لدى البنوك و الخوف من الإقراض دفع بذلك إلى تشديد القيود على الائتمان الأمر الذي أدى إلى تباطؤ الأنشطة الاقتصادية, حيث لم تعد الشركات تستطيع الاقتراض من البنوك لسداد التزاماتها قصيرة الأجل الأمر الذي هدد شركات عملاقة بالإفلاس و بالتالي سقوط الشركات القائدة في بورصة الأوراق المالية نتيجة لظهور عدم استمرارية هذه الشركات الأمر الذي يدفع المستمرين إلى التخلص من الاستثمار في هذه الشركات و بالتالي الانهيار المدمر لتلك البورصات, وأضف إلى ذلك تسريح الكثير من العمالة نتيجة لعدم قدرة الشركات على سداد هذه الأجور مع محاولة تخفيض النفقات للحد من الخسائر الحادة.
وبتسريح العمالة من هذه الشركات بجانب انخفاض مستويات الأجر, يدفع ذلك إلى انخفاض الدخل الشخصي للأفراد و الذي لن يستطيع الإنفاق مثل السابق وفي نفس الوقت الإحجام عن وضع الأموال في البنوك خشية إفلاس احد هذه البنوك, الأمر الذي يدفع بانخفاض عام لمستويات الإنفاق مما يؤدي إلى خسائر فادحة للشركات التجزئة و السلع المعمرة ناهيك عن باقي القطاعات الأخرى التي تضررت مثل قطاع الخدمات, و النقل و المواصلات.
ومما زاد من شدة هذه الأزمة إحجام البنوك عن إقراض بعضها البعض تخوفاً من أن أزمة السيولة و ما إذا كانت هذه البنوك قد تتعرض للإفلاس الأمر الذي عزز من تشديد القيود بشكل كبير على الائتمان.