جشع..طمع..غياب الرقابة
في الجزء الأول تحدثنا عن بداية نشأة الأزمة و تعريف العمليات المالية التي تمت داخل مؤسسات الرهن العقاري و المؤسسات المالية، ونستكمل هنا في الجزء الثاني دور هذه المؤسسات وباقي الأطراف التي شاركت في إندلاع الأزمة المالية.
إزدياد ارتفاع أسعار العقارات في الولايات المتحدة, هذا بجانب ارتفاع أرباح شركتي فاني ماي وفريدي ماك نتيجة لعمليات التوريق, حفز ذلك المؤسسات المالية المدرجة ضمن بورصة وول ستريت مثل بنك ليمان براذرز الاستثماري و بنك سيتي جروب على دخول السوق العقاري وقام المهندسون الماليون بعمل العديد من المنتجات المالية وقامت هذه الشركات بالتوسع في سوق الرهن العقاري وعمليات التوريق مثل CDO, ويمكن تعريف (CDOcollateralized debt obligations ) على أنها التزامات بضمان الدين.
قامت هذه الشركات بعمليات إقراض واسعة لمشتري المنازل ذوي الملاءة المالية المتدنية أو محدودي الدخل ذوي الائتمان الضعيف أو مايعرف باسم (Subprime) وتحمل هذه القروض مخاطر ائتمانية عالية (Subprime loans), وتم تجميع تلك الديون في محافظ الالتزامات بضمان الدين CDO التي من المفترض أنها تحمل ديون عالية الجودة, ومن ثم يتم بيع تلك المحافظ التي تحتوي بشكل كبير على قروض تحمل مخاطر عالية عند السداد(عند قيام المؤسسة المالية بتحصيل القرض من الشخص المقترض).
هذا بالإضافة إلى بيع تلك الالتزامات بضمان الدين في بورصة وول ستريت و تقوم شركات أخرى بشرائها ومن ثم تقوم بإعادة توريقها ووضعها ضمن مجموعة من الديون في محفظة واحدة ومن ثم إعادة البيع في الأسواق مرة أخرى, حيث اتخذت تلك العملية الشكل العنكبوتي في توسعها و توغلها في الأسواق وفي الأساس تؤول تلك الأدوات المالية إلى الرهن العقاري الأول و إلى العقار بحد ذاته أي إلى القروض الممنوحة لأشخاص ذوي ملاءة مالية متدنية.
كما ساهمت مؤسسات التصنيف الائتماني في وول ستريت مثل شركة Moody's وStandard & Poor's في تصنيف تلك الالتزامات بضمان الدين CDO عند مستويات AAA و A+ والتي تعني أنها استثمارات آمنة حتى وصلت إلى أن تلك المحافظ التي تأخذ هذا التصنيف و التي تحوي ديون جيدة وأخرى رديئة (Subprime) تقدر بنحو 80% .
ونتيجة لهذا التصنيف الجيد الذي يشير الى اقل مخاطرة شجع الكثير من المستثمرون على الاستثمار وشراء ذلك النوع من الأدوات المالية وخاصة المستثمرون متجنبي المخاطر مثل البنوك و صناديق التحوط و صناديق المعاشات و البنوك التجارية, هذا بالإضافة إلى قيام البنوك و المؤسسات العالمية و الحكومات بالاتجاه في الاستثمار في ذلك النوع من الأدوات المالية داخل السوق الأمريكي.