من يخلف العملاق

يعتبر وارين بافيت أعظم مستثمر في القرن العشرين. وزيادة على ذلك فهو رجل استعراضي، يشرح استثمارات قيمتها مليارات الدولارات بعبارات مجازية تجعله يبدو مثل مزارع ذرة من نبراسكا، يفكر وهو مستند إلى بوابة سميكة. وفي عطلة نهاية الأسبوع يستضيف اجتماع حملة أسهم شركة بيركشاير هاثاواي الذي يعقد في أوماها (تم تغيير اسم الشركة إلى Woodstock for Capitalists). ربما يشعر المستثمرون في شركته بالاستياء الشديد بسبب انخفاض سعر سهمها. ويمكن أن يصل بهم الأمر إلى عدم تقبل عباراته البليغة. لكن ينبغي أن يشعروا بقلق أقل حول ما يقوم به وأن يقلقوا أكثر حول ما سيفعلونه من دونه.
منذ عام 1965 نمت موجودات بيركشاير هاثاواي لكل سهم بنسبة 20.3 في المائة في المتوسط سنوياً. ويزيد هذا على مثلي العائد المتأتي من الشركات الـ 500 المدرجة في مؤشر ستاندار آند بورز( بما في ذلك توزيعات الأرباح). إن استراتيجية "استثمار القيمة" التي يتبعها بسيطة، فهو يحاول أن يحدد الاستحواذات التي تعتبر صفقة ويقوم بها. وكل ما يهم بالنسبة له هو ما إذا كان الشيء الذي يشتريه يساوي فعلاً الثمن الذي يدفعه مقابله - وليس ما إذا كان هذا الشيء يحقق مكاسب مالية في المدى القصير.
لكن بافيت يعتبر ضحية لنجاحه. فرغم أنه صريح تماماً بشأن الإطار الزمني الذي يستثمر فيه، فإن نظرته الثاقبة تجعله أيضاً مستثمراً جيداً بصورة مستغربة في المدى القصير. فقد تفوقت موجودات شركة بيركشاير هاثاواي للسهم الواحد في أدائها على الـ 500 شركة المدرجة في مؤشر ستاندر آند بورز في 38 من 44 عاماً. وقبل هذه السنة الأخيرة، لم تنخفض موجودات بيركشاير هاثاواي للسهم الواحد إلا في سنة واحدة هي 2001.
لكن بافيت ليس عالماً ومحيطاً بكل شيء. ففي 2008 انخفضت قيمة الموجودات للسهم الواحد بنسبة 9.6 في المائة. وانخفض سعر السهم بنسبة الثلث تقريباً. وكما اعترف في رسالته التي وجهها للمساهمين في شباط (فبراير)، ارتكب بعض الأخطاء الكبيرة. فقد بالغ في تقديره لسعر النفط وترك شركة بيركشاير هاثاواي مكشوفة أكثر مما ينبغي للتمويل. وأكثر من ذلك أنه حمّل الشركة بعض المراهنات الخطيرة ذات المدى الطويل.
ومن ناحية أخرى، بافيت ليس مخلداً. فعند سن 78 عاماً، لا يعتبر هذا مبعث قلق تافه. وبدأت الهمسات تتزايد حول من سيخلفه. ويبدو أنه تعلم أسلوبه في المقابلات من كتاب حكاية المواهب. فقد قال منذ عامين إنه سيعطي أربعة خلفاء محتملين خمسة مليارات دولار ويحكم عليهم بناء على استثماراتهم. لكن ليس هناك من أخبار عن هذه العملية.
في عطلة نهاية الأسبوع سيطرح المساهمون بعض الأسئلة الصعبة. وسيركز بعضهم على أدائه. وبما أن بافيت لم يلعب لعبة تخلو من الأخطار، فينبغي أن يكون مرتاح البال. ولا ينبغي أن تلقى عليه محاضرة، لأنه لم يحقق عوائد في المدى القصير لم يتعهد بتحقيقها أصلاً. وعلى أية حال، لقد تفوق في أدائه على سوق الأسهم في العام الماضي.
لكن عندما يتعلق الأمر بمسائل الحياة والموت، ينبغي أن يكون بافيت أكثر استعداداً لتقديم المعلومات. فسيكون من عين الحكمة إذا طمأن المستثمرين بأن خطة لخلافته قيد التنفيذ الآن. إن وارين بافيت يعتبر ظاهرة، لكن لا يستطيع أي شخص، ولا حتى هو، أن يتغلب على السوق إلى الأبد.