جولة أمريكية جديدة، واليوم قطاعي الصناعة والعمالة
يفصلنا يوم عزيزي القارئ عن آخر أيام الأسبوع الجاري، مشيرين إلى أن الاقتصاد الأمريكي أظهر خلال الفترة الأخيرة أنه يشهد تباطؤا في مرحلة التعافي من أسوأ أزمة منذ الكساد العظيم، واضعين بعين الاعتبار أن البنك الفدرالي الأمريكي أشار في آخر اجتماع له أن مرحلة تعافي الاقتصاد ستكون "أكثر اعتدالا عما سبق".
منوّهين أن البيانات الصادرة اليوم تتمركز حول قطاعين رئيسيين في الاقتصاد الأمريكي، وهم قطاع العمالة الأمريكي وقطاع الصناعة، حيث كل منهم كان له الأثر الكبير على الاقتصاد، سواءا بالإيجاب أو بالسلب، إذ أن قطاع العمالة كان الأكثر نزيفا بين القطاعات ليعمل على عرقلة سير الاقتصاد نحو التعافي، والصناعة كان حائط الصد لكل العراقيل مشكلا دعما لاقتصاد عن طريق توسعه بشكل ملحوظ.
ولكن يجب بالمقابل أن لا نغفل من أذهاننا أن الاقتصاد الأمريكي لا يزال في مواجهة ضروس مع العقبات التي تقف أمامه متمثلة في أوضاع التشديد الائتماني ومعدلات البطالة التي لم تنزاح عن المستويات الأعلى لها منذ حوالي ربع قرن، وهذا ما يعمل على تباين الأداء الاقتصادي خلال هذه الفترة والفترة المقبلة، وذلك إلى أن يجد الاقتصاد مفتاح الخلاص من هذه العقبات.
أضف إلى ذلك عزيزي القارئ إلى أن القشة التي كان يتعلّق بها الاقتصاد الأمريكي ليتجنب الغرق قد اختفت، حيث أن البرامج والخطط التحفيزية التي تبناها البنك الفدرالي والحكومة الأمريكية والتي هدفت مسبقا إلى تعزيز محرك النمو في الاقتصاد ألا وهو إنفاق المستهلكين، قد انتهت صلاحيتها، ولذلك تأثرت مستويات الإنفاق، مما انعكس على النمو خلال الربع الأول، وذلك باعتبار أن إنفاق المستهلكين يمثل ثلثي الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة.
وبدءا بقطاع العمالة، سيكون موعدنا ككل أسبوع مع طلبات الإعانة الأمريكية الصادرة عن وزراة العمل الأمريكية، والتي من المتوقع ان تنخفض بمقدار 6 آلاف طلب لتصل إلى 478 ألف طلب للأسبوع المنتهي في الرابع عشر من آب، بينما من المتوقع أن ترتفع طلبات الإعانة المستمرة للأسبوع المنتهي في السابع من آب لتصل إلى 4500 ألف طلب مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 4452 ألف طلب.
مشيرين إلى أن مفتاح خلاص الاقتصاد الأمريكي من أعقاب الأزمة يكمن في يد قطاع العمالة الأمريكي، مع العلم أن معدلات البطالة لا تزال ضمن المستويات الأعلى لها منذ حوالي ربع قرن، كما من المتوقع أن تبقى ضمن هذا المستوى خلال العام الحالي، ولكن سرعان ما ستنخفض معدلات البطالة فإننا سنشهد نقلة نوعية في أنشطة الاقتصاد الأمريكي.
وبعدها تكون الأسواق بانتظار المؤشر الأهم والصادر عن قطاع الصناعة عزيزي القارئ وهو مؤشر فيلادلفيا الصناعي الذي من المتوقع يرتفع المؤشر إلى 7.2 خلال آب مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 5.1، مشيرين إلى أن قطاع الصناعة لا يزال ضمن مرحلة توسع، إلا أن وتيرة التوسع تلك شهدت تباطؤا بعض الشيء.
وأخيرا سيصدر عن الاقتصاد الأمريكي المؤشرات القائدة والتي تعطي نظرة متوقعة لفترة من ثلاث إلى ستة شهور عما سيدور في الاقتصاد الأمريكي خلال تلك الفترة، حيث من المتوقع أن ترتفع المؤشرات القائدة بنسبة 0.1% خلال تموز مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت -0.2%.
وهنا نشير عزيزي القارئ إلى أن الاقتصاد الأمريكي سيلزمه مزيدا من الوقت إلى أن تعود المياه إلى مجاريها كما يقولون، وذلك مع العقبات التي تقف أمام الأمريكي وأمام تقدمه، وهذا لن يحدث على الأغلب قبل النصف الثاني من العام المقبل...