*عن أبي معبد الخزاعي أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج ليلة هاجر من مكة إلى المدينة هو وأبو بكر وعامر بن فهيرة مولى أبي بكر ودليلهم عبد الله بن أريقط ثم مر الرسول صلى الله عليه و سلم في مسيره ذلك حتى مر بخيمتي أم معبد الخزاعية وكانت امرأة تطعم وتسقي من مر بها فسألاها: هل عندك شيء؟
فقالت: والله لو كان عندنا شيء ما أعوزكم القِرى. والشاء عازب(بعيدة المرعى) وكانت سنة شهباء فنظر الرسول صلى الله عليه و سلم إلى شاة في كِسْر الخيمة(جانبها) فقال: ما هذه الشاة يا أم معبد؟
قالت: شاة خلفها الجهد عن الغنم
فقال: هل بها من لبن؟
قالت: هي أجهد من ذلك
فقال: أتأذنين لي أن أحلبها؟
قالت: نعم بأبي وأمي إن رأيت بها حلبًا فاحلبها فمسح الرسول صلى الله عليه و سلم بيده ضرعها وسمَّى الله ودعا فتفاجت (فرجت ما بين رجليها) عليه ودرَّت فدعا بإناء لها يُربض الرهط (يرويهم ويثقلهم ويمتدوا على الأرض) فحلب فيه حتى علته الرغوة فسقاها فشربت حتى رويت وسقى أصحابه حتى رووا ثم شرب وحلب فيه ثانيًا حتى ملأ الإناء ثم غادره عندها فارتحلوا فما لبث أن جاء زوجها أبو معبد يسوق أعنزًا عجافًا (هزالاً) يتمايلن من شدة ضعفهنً لا قوة فيهن فلما رأى اللبن عجب فقال: من أين لك هذا؟ والشاة عازب ولا حلوبة في البيت؟
فقالت: لا والله إلا أنه مر بنا رجل مبارك كان من حديثه كيت وكيت ومن حاله كذا وكذا.
قال: والله إني لأراه صاحب قريش الذي تطلبه صفيه لي يا أم معبد.
قالت: ظاهر الوضاءة أبلج الوجه (مشرقه) حسن الخَلْق لم تعبه ثجلة (ضخامة البطن) ولم تزر به صُعلة (صغر الرأس) وسيم (حسن) قسيم (جميل) في عينيه دَعَج (سواد العين) وفي أشفاره وطف (في شعر أجفانه طول) وفي صوته صحل وفي عنقه سطع أحور أكحل أزج أقرن شديد سواد الشعر إذا صمت علاه الوقار وإن تكلم علاه البهاء أجمل الناس وأبهاهم من بعيد وأحسنهم وأحلاهم من قريب حلو المنطق فصل لا نزر ولا هذر كأن منطقه خرزات نظم يتحدرن ربعة لا تقحمه عين من قِصر ولا تشنؤه من طول غصن بين غصنين فهو أنضر الثلاثة منظرًا وأحسنهم قدرًا له رفقاء يحفون به إذا قال استمعوا لقوله وإذا أمر تبادروا إلى أمره محفود (الذي يخدمه أصحابه ويعظمونه ويسرعون في طاعته) محشود (هو الذي يجتمع إليه الناس) لا عابس ولا مُفْنِد (الذي يكثر لومه) فقال أبو معبد: والله هذا صاحب قريش الذي ذكروا من أمره ما ذكروا لقد هممت أن أصحبه و لأفعلن إن وجدت إلى ذلك سبيلاً. أخرجه الحاكم
*جدت قريش في طلب الرسول صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضي الله عنه، واخذوا معهم متبعو الأثر حتى انتهوا إلى باب الغار فوقفوا عليه قال أبو بكر: يا رسول الله لو أن
أحدهم نظر إلى ما تحت قدميه لأبصرنا فقال صلى الله عليه وسلم: يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما لا تحزن فإن الله معنا. صحيح: رواه البخاري ومسلم.
*عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه حضر رمضان ونحن في أهل الصفة فصمنا فكنا إذا أفطرنا أتى كل رجل منا رجل من أهل البيعة فانطلق به فعشَّاه فأتت علينا لم يأتنا أحد وأصبحنا صيامًا وأتت علينا القابلة فلم يأتنا أحد فانطلقنا إلى الرسول صلى الله عليه و سلم فأخبرناه بالذي كان من أمرنا فأرسل إلى كل امرأة من نسائه يسألها هل عندها شيء؟ فما بقيت منهن امرأة إلا أرسلت تقسم: ما أمسى في بيتها ما يأكل ذو كبد فقال لهم الرسول صلى الله عليه و سلم: فاجتمعوا فدعا وقال: اللهم إني أسألك من فضلك ورحمتك فإنها بيدك لا يملكها أحد غيرك. فلم يكن إلا ومستأذن يستأذن فإذا بشاة مصلية ورغف فأمر بها الرسول صلى الله عليه و سلم فوضعت بين أيدينا فأكلنا حتى شبعنا فقال لنا الرسول صلى الله عليه و سلم: إنا سألنا الله من فضله ورحمته فهذا فضله وقد ادخر لنا عنده رحمته. أخرجه البيهقي في الدلائل.
*يقول أنس بن مالك رضي الله عنه: جاءت أم سليم وهي أم أنس رضي الله عنهما إلى الرسول صلى الله عليه و سلم وقد أزرتني بخمارها وردَّتني ببعضه فقالت: يا رسول الله هذا أُنيس أتيتك به يخدمك فادع الله له قال: اللهم أكثر ماله وولده وأطِل عمره واغفر له. قال أنس: فو الله إن مالي لكثير وإن ولدي وولد ولدي يتعادون على نحو المائة. قال: و قد دفن من صلبي إلى مقدم الحجاج: تسعة وعشرين ومائة. و كان له بستان يحمل في السنة الفاكهة مرتين وكان فيها ريحان يجيء منها ريح المسك. وفي رواية قال: دفنت من صلبي مائة واثنتين وإن ثمرتي لتحمل في السنة مرتين ولقد بقيت حتى سئمت الحياة وأرجو الرابعة. أخرجه الترمذي
يتبـــع ...