تأهب ألماني لخروج اليونان من اليورو

بدأت شركات ومؤسسات اقتصادية ألمانية في اتخاذ إجراءات احترازية تحسبا لخروج اليونان من منطقة اليورو، بعد الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في 17 يونيو/ حزيران بهذا البلد الأوروبي المهدد بالإفلاس بتأثير تفاقم أزمة ديونه السيادية.
وتزامن تأييد أكثرية المواطنين الألمان لخروج أثينا من منطقة العملة الأوروبية الموحدة، مع تزايد دعوات شخصيات اقتصادية ألمانية بارزة لحكومة المستشارة أنجيلا ميركل بالاستعداد لمواجهة التداعيات المحتملة لتأييد اليونانيين في انتخاباتهم القادمة للأحزاب المعارضة لليورو.
إيقاف التعاقدات
ومع اقتراب العد التنازلي لإجراء الانتخابات التشريعية في اليونان أظهرت معظم الشركات الألمانية عدم اهتمامها بمعرفة ما ستسفر عنه هذه الانتخابات.
وتصدرت شركة أويلر هيرميس، التي تعد الأكبر عالميا في التأمين على القروض والصادرات، الشركات الرافضة لعقد أي صفقات جديدة مع أثينا، وأوقفت هذه الشركة الألمانية اليوم التأمين على الصادرات المتجهة لليونان بسبب تخوفها من عجز أثينا فجأة عن السداد.
كما نصحت مجموعة توي السياحية العملاقة السائحين الألمان الراغبين بالسفر لليونان بأخذ أموال كافية معهم تحوطا من حدوث نقص حاد في السيولة المالية خلال وجودهم هناك.
وبموازة ما أعلنته أويلر هيرميس وتوي قال رئيس مجلس إدارة مصرف كوميرتس بنك بمقابلة مع صحيفة دير تاجسشبيغيل إن المسؤولية تقتضي من الحكومة الألمانية ونظيراتها بمنطقة اليورو التأهب لاقتراب اليوم الذي سيقرر فيه اليونانيون الانسحاب من اليورو، ودعا مارتين تسيلكه الذي يعتبر مصرفه من أكثر المصارف الألمانية تضررا من أزمة الديون اليونانية الدول الأوروبية لإدراك أن سياسة إنفاق أموال طائلة لكسب الوقت في التعامل مع مشكلة اليونان لن تجدي نفعا وستزيد من حدة معارضة الشعوب الأوروبية لخطط إنقاذ دول اليورو المتعثرة.
طيبي السعداوي أشار إلى تأكد الأوساط الاقتصادية الألمانية من خروج أثينا من اليورو (الجزيرة نت)
وصنفت دراسة لمحللي مصرف دويتشه بنك اليونان كدولة منهارة انعدم الأمل في قدرة نخبتها الحاكمة على إنقاذها. وحذر هؤلاء المحللون في دراستهم من التداعيات الخطيرة لخروج أثينا من منطقة اليورو، وطالبوا بعمل كل ما يمكن للحيلولة دون حدوث هذا بما في ذلك رفع ميزانية صناديق الإنقاذ الأوروبية إلى تريليون يورو.
وانعكس تشاؤم الاقتصاديين الألمان تجاه مستقبل اليونان على مواطنيهم حيث كشف استطلاع أجرته القناة الثانية في التلفاز الألماني "زد دي إف" عن تأييد 60% من الألمان لخروج أثينا من منطقة اليورو، مقابل 49% كان لهم نفس الموقف في نوفمبر/ تشرين الماضي.
الخروج محتم
ومن جانبه اعتبر محلل مالي ببورصة فرانكفورت للأوراق المالية أن السؤالين المطروحين بنقاشات الأوساط الاقتصادية الألمانية هما: كيف -وليس متي- ستخرج اليونان من منطقة اليورو، وكيفية تخفيف تداعيات هذا الخروج على الاقتصاد الألماني.
وقدر طيبي السعداوي تراوح خسارة ألمانيا بين ثمانين مليار يورو ومئات المليارات من اليوروات. وأشار في تصريح للجزيرة نت إلى أن رفض أكثر من ثلثي اليونانيين لإجراءات التقشف المفروضة عليهم من ترويكا الإنقاذ يظهر عزمهم على التصويت للأحزاب المعارضة لليورو.
واعتبر المحلل المالي أن الاقتصاد اليوناني بلغ وضعا كارثيا "نتيجة توقف المواطنين عن سداد الضرائب وسحبهم 34 مليار يورو من ودائعهم بالمصارف حتى نهاية مارس/ آذار الماضي، وتراجع حجوزات السياحة بنسبة 40%، وارتفاع معدلات البطالة إلى 21% (51 بين الشباب حتى 35 عاما) ووصول فوائد الديون واجبة السداد للأسواق المالية إلى 21%، وإغلاق البنك المركزي الأوروبي آخر منفذ لحصول أثينا على قروض بفوائد بسيطة.
وبدوره رأى تشارلز بلانكيرت أستاذ الاقتصاد بجامعة هومبولدت ببرلين أن توقف شركة أويلر هيرميس عن التأمين على الصادرات الألمانية لليونان سيؤدي إلى حدوث تراجع حاد في حجم هذه الصادرات.
وتوقع بلانكيرت في تصريح للجزيرة نت أن تشهد اليونان اضطرابات اجتماعية واسعة وغير مسبوقة إذا واصلت بقاءها بمنطقة اليورو، وأوضح أن الخروج من منطقة العملة الأوروبية الموحدة من شأنه زيادة معدلات السياحة وازدهار صناعة الدواء والنقل البحري بالدولة الأوربية التي تعتصرها الأزمة.