22-11-2011, 07:30 AM
|
المشاركة رقم: 672
|
البيانات |
تاريخ التسجيل: |
Apr 2010 |
رقم العضوية: |
25 |
العمر: |
41 |
المشاركات: |
1,406 |
بمعدل : |
0.26 يوميا |
الإتصالات |
الحالة: |
|
وسائل الإتصال: |
|
|
كاتب الموضوع :
مدير الموقع
المنتدى :
استراحة اف اكس ارابيا
رد: انا نازل يوم 25 يناير.
إني أرى الملك عاريا
بقلم د. علاء الأسواني
يحكى أن أحد الملوك خدعه خياط محتال وأقنعه بأنه سيصنع له ثوبا سحريا عظيما لايراه الا الحكماء . اقتنع الملك بمهارة الخياط المحتال وخرج على وزرائه عاريا تماما وقال لهم:
ــ انظروا ..ما رأيكم في هذا الثوب السحري الذى لايراه الا الحكماء ..؟!
بعض الوزراء خافوا من غضب الملك فقالوا :
ــ هذا ثوب عظيم يا مولاى
وبعض الوزراء كانوا طامعين في عطايا الملك فقالوا :
ــ يا مولانا لم نر في حياتنا أجمل ولا أروع من هذا الثوب
كان هناك طفل صغير في القاعة قال ببراءة :
ــ أين هو الثوب الذى تتحدثون عنه . اني أرى الملك عاريا
حاول الوزراء اسكات الطفل بأي طريقة . لكزوه ووبخوه وهددوه لكنه ظل يصيح :
ــ انى أرى الملك عاريا .
عندئذ ضربوه وأخرجوه من القاعة حتى يخلو لهم الجو مع الملك.
هذه الحكاية التى تناقلتها كتب التراث تحمل معان كثيرة . فالوزراء الذين يخافون من بطش الملك أو يطمعون في عطاياه يتظاهرون بأنهم يرون ثوبا وهميا ويتجاهلون الحقيقة الساطعة : أن الملك عار
.أما الطفل البريء فهو لايريد شيئا ولا يخاف من شيء لذلك يقول الحقيقة ويظل مخلصا لها حتى النهاية مهما يكن الثمن ..
هذه الحكاية تتكرر الآن في مصر ..لقد قامت ثورة عظيمة خلعت حسني مبارك وتولى المجلس العسكري الحكم في الفترة الانتقالية .
استطاع المجلس العسكري عبر مجموعة من القرارات أن ينهك المصريين وأن يزرع الانقسام بين القوى الثورية ، استطاع المجلس العسكري أن يقرب اليه سياسيين وأحزاب يخافون من بطشه أو يطمعون في رضاه حتى يصلوا الى الحكم ..
الوحيدون الذين ظلوا أوفياء للثورة هم شباب الثورة الذين دعوا اليها ودفعوا من دمائهم ثمن الحرية . هؤلاء الثوريون الحقيقيون يشبهون ذلك الطفل الشجاع الذى واجه الملك العاري بالحقيقة .
ان ملايين المصريين الذين نزلوا في الشوارع وواجهوا الموت وقدموا الشهداء ليس لهم مطامع سياسية ولايريدون شيئا سوى أن يروا بلادهم حرة وقوية ومحترمة .
ان هؤلاء الثوار يمثلون أنبل ما في مصر .أكتب هذا المقال من فرنسا حيث جئت لتقديم النسخة الفرنسية من كتابي عن الثورة المصرية .
عقدت ندوات في باريس وليون ومارسيليا وفي كل مكان ذهبت اليه وجدت الفرنسيين مبهورين بالثورة المصرية العظيمة .
سمعت الفرنسيين أكثر من مرة يقولون ان شباب الثورة المصرية ألهموا العالم كله حتى أن تأثير ميدان التحرير قد انتقل الى الحركات الاحتجاجية في كل أنحاء الدنيا .
بقدر ما أحسست بالزهو كمصري أصابنى الحزن عندما جاءت الأنباء بأن مذبحة جديدة يتعرض لها المتظاهرون في ميدان التحرير .
ماذا فعل المتظاهرون السلميون حتى يتم قمعهم بهذه الوحشية. .؟! هل يعطى المجلس العسكري الفرصة لقيادات وزارة الداخلية حتى ينتقموا من شباب الثورة ..؟ هل يمكن في أى بلد في العالم أن يتم قتل المواطنين واطلاق الرصاص في أعينهم ليفقدوا أبصارهم لمجرد أنهم يعبرون عن رأيهم بطريقة سلمية ..؟
هذه جرائم ضد الانسانية يعاقب عليها القانون الدولي ولن يفلت المجرمون الذين ارتكبوها من العقاب أبدا . ان المذبحة الجديدة التى ارتكبتها قوات الأمن بأمر من المجلس العسكري انما تكشف الحقيقة كاملة . واجبنا الآن أن نرى الأشياء على حقيقتها بلا مجاملة ولا تغطية . حقيقة ما يحدث في مصر تتلخص في الآتي :
أولا : المجلس العسكري كان جزءا أساسيا من نظام مبارك وكان متوافقا معه الى أقصى حد .لم نسمع قط أن المشير طنطاوي ورجاله قد اعترضوا على استبداد مبارك وجرائمه ولم نسمع أنهم راجعوا مبارك في أى قرار اتخذه . المجلس العسكري لم يشترك في الثورة بل انه في موقعة الجمل قد ترك البلطجية المسلحين يقتلون الثوار ولم يتدخل لحمايتهم .
صحيح أن المجلس العسكري رفض اطلاق النار على المتظاهرين وهذا موقف وطنى وأخلاقي يحسب له قطعا
( وان كان المشير طنطاوي قد عاد وأنكر أنه تلقى أوامر من مبارك بقتل المتظاهرين ) .
يجب أن يكون واضحا للجميع أن الثورة هي التى منحت المجلس العسكري شرعية الحكم خلال الفترة الانتقالية . بعد أن أجبر الثوار مبارك على ترك السلطة ارتضوا بكامل ارادتهم أن يكون المجلس العسكري وكيلا للثورة ليعمل على تحقيق أهدافها .
لكن المجلس العسكري تحول بكل أسف من وكيل للثورة الى سلطة استبدادية فرضت على مصر قرارات وسياسات أدت الى تعطيل الثورة واخراجها عن مسارها واحتفظت بالنظام القديم ومكنته من الانقضاض على الثورة .
ثانيا : المجلس العسكري يحكم مصر حكما مطلقا لأنه يجمع في يده السلطة التنفيذية والتشريعية وبالتالي فهو المسئول الوحيد عن كل ما حدث في مصر بعد تنحى مبارك . الثورة غير مسئولة اطلاقا عن أية أزمات تحدث الآن لأن الثورة ببساطة لم تتول السلطة حتى تتحمل المسئولية . . الانفلات الأمنى وانتشار البلطجة وارتفاع الأسعار وتدهور الاقتصاد وتراجع السياحة .. كل هذه مشكلات ناتجة عن قرارات خاطئة اتخذها المجلس العسكري الذى يجب عليه الآن أن يسارع بتشكيل حكومة ائتلافية من القوى الثورية تتولى تسيير الأمور حتى تأتي الانتخابات بسلطة مدنية منتخبة .
ثالثا : بينما يتبنى المجلس العسكري سياسة قمعية عنيفة ضد الثوار نجده في نفس الوقت رقيقا وحنونا الى أقصى درجة مع كل المنتمين الى نظام مبارك ومعظمهم من كبار القتلة والمجرمين واللصوص ..
فالضباط الذين قتلوا مئات الشهداء وأصابوا الآف المصريين خلال الثورة والوزير السفاح حبيب العادلى بل وحسني مبارك نفسه ،
كل هؤلاء ينعمون بمحاكمات عادلة أمام قاضيهم الطبيعي يتمتعون خلالها بالحصانات الكاملة وأفضل أنواع الرعاية القانونية والطبية وبالمقابل يصر المجلس العسكري على احالة شباب الثورة الى محاكمات عسكرية بتهم ملفقة ويلقى بهم في السجن الحربي .
ان احالة المدنيين الى محاكم عسكرية مخالف لأبسط قواعد العدالة وهو ينتهك حقوق الانسان ويناقض المعاهدات الدولية التى وقعت عليها الحكومات المصرية المتعاقبة .
لكن المجلس العسكري يصر على احالة المدنيين الى القضاء العسكري وكأنه يريد أن يحتفظ في يده بسلاح قمعى جديد يضاف الى جهاز أمن الدولة الذى لازال يعمل بنفس الأسلوب وان تغير اسمه الى الأمن الوطني
رابعا : المجلس العسكري لايرى الفرق بين النظام والدولة وبالتالى فهو يعتبر اسقاط النظام القديم هدما للدولة المصرية . هذا المفهوم المختلط هو الذى يفسر دفاع المجلس العسكري المستميت عن نظام مبارك الذى لازال قابعا على رأس السلطة في مصر .
لقد رفض المجلس العسكري تطهير الشرطة من القيادات الفاسدة ورفض تطهير القضاء من القضاة المزورين ورفض حل المجالس المحلية الا بعد صدور حكم قضائي ورفض حل الحزب الوطنى وبعد أن صدر الحكم بحله سمح المجلس العسكري لأعضاء الحزب الوطنى المنحل بتشكيل أحزاب جديدة ليدخلوا الى البرلمان .
بعد عشرة شهور على الثورة لازال معظم المسئولين في الدولة ينتمون قلبا وقالبا الى نظام مبارك وبقاؤهم في السلطة يشكل خطرا داهما على الثورة وعلى مصر كلها . معظم الأزمات التى تحدث الآن مفتعلة ومدبرة من فلول نظام مبارك الذيم يريدون اشاعة الفوضى وتعطيل التغيير الذى سيؤدى بهم الى فقدان مناصبهم ومحاكمتهم بل والقاء معظمهم في السجن .
.
خامسا : المجلس العسكري في تعامله مع القوى السياسية ليس محايدا ولا منصفا لكنه يطبق القواعد على البعض ويغفل تطبيقها على البعض الآخر . المجلس العسكري يراقب بصرامة مصادر تمويل ائتلافات شباب الثورة ومنظمات المجتمع المدنى وقد اتهم اللواء الرويني عضو المجلس العسكري الشبان الوطنيين من أعضاء حركة 6 ابريل باتهامات فارغة عجز عن اثباتها ورفض حتى أن يعتذر عنها ..
في نفس الوقت فان ملايين الجنيهات التى ينفقها الاخوان والسلفيون كل يوم من أجل الدعاية الانتخابية تمر أمام أعين أعضاء المجلس العسكري فلا يتوقفون أبدا ليسألوا من أين تأتى هذه الأموال .
السلفيون والاخوان لسبب ما ستكشف عنه الأيام مقربون من المجلس العسكري فهو يغض الطرف عن مصادر تمويلهم بينما يناصب شباب الثورة العداء ويسعى الى تشويه صورتهم عن طريق الاعلام الحكومي الذى لازال على تضليله ونفاقه كما كان في عهد مبارك.. هذا التربص من قبل المجلس العسكري بالثوريين لا تفسير له الا انهم يواجهونه بالحقيقة ، لاينافقونه ولا يخافون منه ولا يقبلون التنازل عن أهداف الثورة مهما يكن الثمن ..
سادسا : المجلس العسكري أهدر كرامة المصريين وقمعهم وضربهم وقتلهم وهتك أعراضهم مرارا وتكرارا سواء عن طريق الشرطة العسكرية أو قوات الأمن .
وبعد كل جريمة يتم ارتكابها في حق المتظاهرين السلميين يقوم المجلس العسكري باجراء تحقيقات في القضاء العسكري فيصبح هو الخصم والحكم في نفس الوقت مما يفقد التحقيقات مصداقيتها وفي نفس الوقت يتم دفن هذه التحقيقات فلا نعرف عنها شيئا . من الذى قتل المتظاهرين ومن الذى هتك أعراض المتظاهرات بدعوى اجراء كشف العذرية المهين وما هى العقوبة التى تم توقيعها على هؤلاء المجرمين ..؟!.
لا شيء . وبالتالى من حق المصريين أن يفقدوا الثقة تماما في عدالة المجلس العسكري
ما يحدث في مصر أصبح جليا واضحا . ان المجلس العسكري يتبع سياسات ستؤدى في النهاية الى اعادة انتاج نظام مبارك ولكن بدون مبارك وأسرته .
بدلا من هدم النظام الفاسد ويناء نظام جديد عادل ومحترم فان المجلس العسكري يستبقى النظام القديم ويريد أن يقتصر التغيير على اقالة مبارك .
ان اجهاض الثورة المصرية وتحويلها الى مجرد انقلاب قد تم تنفيذه على عدة مراحل بدءا من تعديل الدستور القديم بدلا من كتابة دستور جديد ثم الاستفتاء الذى أدى الى انقسام قوى الثورة ثم تشويه سمعة شباب الثورة والضغط على المواطن المصري بأزمات مفتعلة حتى يتم انهاكه فيكره الثورة ويقبل كل ما يفرض عليه وأخيرا المذابح المتكررة من أجل قمع الثوريين وارجاعهم الى ماقبل قيام الثورة . على أن الذى لم يفهمه المجلس العسكري أن المصريين بعد الثورة قد تحرروا من الخوف وأنهم لن يذعنوا للظلم أبدا ..
واجبنا الآن أن نتوحد جميعا حتى ننقذ الثورة . لابد من تأجيل كل الخلافات السياسية حتى نعود صفا واحدا ونضغط على المجلس العسكري ليشكل حكومة ائتلافية ثورية محترمة تتولى الحكم حتى يتم انتخاب سلطة مدنية تتسلم السلطة من الجيش .مصر لن ترجع الى الوراء.
الديمقراطية هي الحل
|
|
|