عرض مشاركة واحدة
قديم 07-06-2011, 07:30 AM   المشاركة رقم: 785
الكاتب
ابو تراب
موقوف

البيانات
تاريخ التسجيل: Sep 2010
رقم العضوية: 1280
المشاركات: 4,089
بمعدل : 0.77 يوميا

الإتصالات
الحالة:
ابو تراب غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ابو تراب المنتدى : منتدى الاخبار و التحليل الاساسى
افتراضي رد: اخبار وتحليلات فنية لاسواق المعادن والعملات والنفط

دروس لاتينية


لقد تغيرت أمريكا اللاتينية، أو هكذا يقولون. المتفائلون يشيرون إلى رخاء القارة الجديد وكذلك طبقتها الوسطى الجديدة وشركاتها المتعددة الجنسية المختالة، ودورها ''محركا للاقتصاد العالمي''. والمتشككون يبحلقون ويقولون إن نجاح أمريكا اللاتينية الأخير تحقق بفضل طفرة سعيدة للسلع ستنقضي، مثلما يحدث دائماً. فأيهما الصائب؟

العناوين تلمح إلى المتشائمين. إنها تظل قارة للمبذرين. فعلى الرغم من الثروة المفاجئة من السلع، تعاني معظم الاقتصادات الكبرى في القارة عجزا في الموازنة، وهي عرضة لخطر السخونة المفرطة. كما أن الاستقرار يمكن أن يتبدد. وادعاء أن أمريكا اللاتينية ''فعلتها'' تعد إهانة كذلك. فالقارة الأكثر تفاوتاً في العالم تعاني فسادا سافرا، وجريمة متزايدة، وتجارة مخدرات غير شرعية مزدهرة. والانتخابات الرئاسية في بيرو توحي بعودة السياسة إلى طابعها المعروف. فهي تضع ابنة رئيس سابق مدان بانتهاكات حقوق الإنسان ضد قائد انقلاب سابق.

وبالنظر بعيدا، تبدو الصورة أكثر وعداً. فأمريكا اللاتينية التي كانت مرادفاً للعجز عن السداد باتت دائناً عالمياً. وخلال 20 عاماً تراجع عدد الفقراء من نصف مجموع السكان إلى ما دون الثُلث. والأسواق الداخلية تتوسع وكل يوم يتزايد التكامل عبر القارة، والدينامية فيها مستقلة عن طفرة السلع النابعة من آسيا. وتتمتع المنطقة أيضاً بوفرة من العمالة السكانية الشابة، على غرار اقتصادات ''نمور'' جنوب شرقي آسيا عند انطلاقتها. إن أمام أمريكا اللاتينية فرصة تاريخية. لكن انتخابات بيرو تنطوي على تحذير من أن هذه الفرصة يمكن أن تضيع. فلطالما كان البلد ضمن الأسرع نمواً بحساب الدولار، إذ تضاعف نموه ثلاث مرات خلال عشرة أعوام. إلا أن أقلية لا يستهان بها لم تنعم بالطفرة، ما ولد سخطاً مشروعاً. والدرس المستفاد من بيرو هو أنه فيما تحتاج الأعمال إلى إطار مستقر للنمو، فإن الاحتياجات الاجتماعية ينبغي استيفاؤها كذلك لضمان الاستقرار السياسي.

وحكومات عديدة عبر القارة، ليس من ضمنها ''اليسار'' التقليدي، أنجزت ذلك بالفعل. وتعكس واقعيتها تغيراً ثقافياً عميقاً. ففي العادة كان الاستقرار الاقتصادي هدف لحفنة من التكنوقراط فقط، لكنه الآن يمكن أن يكون عنواناً لكسب الجماهير أيضاً. وفي الوقت نفسه، كان الفشل من نصيب كثير من المعالجات ''الثورية'' الأكثر راديكالية. وهذا في حد ذاته يوحي بأن النجاحات الأخيرة لأمريكا اللاتينية يمكن أن تصمد. أن تكون متفائلاً بأمريكا اللاتينية أمر محفوف بالمخاطر دائماً، بالنظر إلى تاريخ القارة من الصعود والهبوط، إلا أن تلك المخاطر ظلت تتراجع بوتيرة سريعة.




عرض البوم صور ابو تراب  
رد مع اقتباس
  #785  
قديم 07-06-2011, 07:30 AM
ابو تراب ابو تراب غير متواجد حالياً
موقوف
افتراضي رد: اخبار وتحليلات فنية لاسواق المعادن والعملات والنفط

دروس لاتينية


لقد تغيرت أمريكا اللاتينية، أو هكذا يقولون. المتفائلون يشيرون إلى رخاء القارة الجديد وكذلك طبقتها الوسطى الجديدة وشركاتها المتعددة الجنسية المختالة، ودورها ''محركا للاقتصاد العالمي''. والمتشككون يبحلقون ويقولون إن نجاح أمريكا اللاتينية الأخير تحقق بفضل طفرة سعيدة للسلع ستنقضي، مثلما يحدث دائماً. فأيهما الصائب؟

العناوين تلمح إلى المتشائمين. إنها تظل قارة للمبذرين. فعلى الرغم من الثروة المفاجئة من السلع، تعاني معظم الاقتصادات الكبرى في القارة عجزا في الموازنة، وهي عرضة لخطر السخونة المفرطة. كما أن الاستقرار يمكن أن يتبدد. وادعاء أن أمريكا اللاتينية ''فعلتها'' تعد إهانة كذلك. فالقارة الأكثر تفاوتاً في العالم تعاني فسادا سافرا، وجريمة متزايدة، وتجارة مخدرات غير شرعية مزدهرة. والانتخابات الرئاسية في بيرو توحي بعودة السياسة إلى طابعها المعروف. فهي تضع ابنة رئيس سابق مدان بانتهاكات حقوق الإنسان ضد قائد انقلاب سابق.

وبالنظر بعيدا، تبدو الصورة أكثر وعداً. فأمريكا اللاتينية التي كانت مرادفاً للعجز عن السداد باتت دائناً عالمياً. وخلال 20 عاماً تراجع عدد الفقراء من نصف مجموع السكان إلى ما دون الثُلث. والأسواق الداخلية تتوسع وكل يوم يتزايد التكامل عبر القارة، والدينامية فيها مستقلة عن طفرة السلع النابعة من آسيا. وتتمتع المنطقة أيضاً بوفرة من العمالة السكانية الشابة، على غرار اقتصادات ''نمور'' جنوب شرقي آسيا عند انطلاقتها. إن أمام أمريكا اللاتينية فرصة تاريخية. لكن انتخابات بيرو تنطوي على تحذير من أن هذه الفرصة يمكن أن تضيع. فلطالما كان البلد ضمن الأسرع نمواً بحساب الدولار، إذ تضاعف نموه ثلاث مرات خلال عشرة أعوام. إلا أن أقلية لا يستهان بها لم تنعم بالطفرة، ما ولد سخطاً مشروعاً. والدرس المستفاد من بيرو هو أنه فيما تحتاج الأعمال إلى إطار مستقر للنمو، فإن الاحتياجات الاجتماعية ينبغي استيفاؤها كذلك لضمان الاستقرار السياسي.

وحكومات عديدة عبر القارة، ليس من ضمنها ''اليسار'' التقليدي، أنجزت ذلك بالفعل. وتعكس واقعيتها تغيراً ثقافياً عميقاً. ففي العادة كان الاستقرار الاقتصادي هدف لحفنة من التكنوقراط فقط، لكنه الآن يمكن أن يكون عنواناً لكسب الجماهير أيضاً. وفي الوقت نفسه، كان الفشل من نصيب كثير من المعالجات ''الثورية'' الأكثر راديكالية. وهذا في حد ذاته يوحي بأن النجاحات الأخيرة لأمريكا اللاتينية يمكن أن تصمد. أن تكون متفائلاً بأمريكا اللاتينية أمر محفوف بالمخاطر دائماً، بالنظر إلى تاريخ القارة من الصعود والهبوط، إلا أن تلك المخاطر ظلت تتراجع بوتيرة سريعة.






رد مع اقتباس