كرة القدم في عين العاصفة
مزاعم الفساد في قمة كرة القدم العالمية ليست جديدة، لكن في الأيام الأخيرة هبت في وقت واحد سلسلة استثنائية من الاتهامات لتشكل ما يشبه عاصفة هوجاء حول الفيفا.
رئيس الاتحاد، سب بلاتر، يواصل الاعتقاد بأن هذه الزوبعة – التي تتركز على استخدام الرشوة لتحديد حق استضافة كأس العالم ورئاسة الفيفا نفسه ـ لا تشكل أية أزمة. لكن بالنسبة للمراقبين الخارجيين انكشف فشل الكيان وحاجته الماسة للإصلاح.
واللافت أن الاتهامات صدرت من داخل فيفا نفسه. وفي الماضي تجاهل بلاتر مطالب التحقيق في مزاعم أطلقتها أصوات خارجية، مثل وسائل الإعلام التي أفاض في وصف ''شياطينها'' في كلمته قبيل التصويت على تحديد مستضيفي كأس العالم في 2018 و2022. لكن الفيفا علق الآن نشاط عضوين من مجلسه التنفيذي بسبب شبهة الرشوة، أحدهما رد باتهامات مضادة تجاه بقية المسؤولين، لذا ما عاد في الإمكان إرجاء إجراء تحقيق واسع حول الممارسات المتعلقة بنشاطات الفيفا التجارية.
إن بلاتر الذي يسعى لانتخابه لفترة أربعة أعوام أخرى رئيسا للفيفا (أعيد انتخابه بالفعل) أظهر أقل الاهتمام بإجراء من هذا القبيل. لقد أظهر تقريبا حساً بابوياً للأحقية. بعيداً عن تعهده باستئصال الفساد واستعادة الثقة، حث ''أُسرة كرة القدم'' على رص الصفوف وتسوية وترتيب الأمور بأسلوبها الخاص. هذا خطأ. الفيفا ليس مجرد مجلس موسّع لكرة القدم، بل مؤسسة عالمية حققت إيرادات تفوق أربع مليارات دولار خلال الأعوام الأربعة المفضية إلى كأس العالم 2010. وأن تتحكم بيروقراطية غير شفافة في مثل هذه الموارد الهائلة أمر ينبغي إصلاحه.
وتركز معظم الجدل في الأيام الأخيرة على ما إذا كان ينبغي تأجيل يوم الاقتراع على الرئاسة، بعدما تم تعليق عضوية منافس بلاتر الوحيد، لكن هذا مجرد عرض جانبي. ويأتي معظم إيرادات الفيفا من بيع حقوق التلفزة والتسويق لكأس العالم – بشكل خاص في الولايات المتحدة وأوروبا. وبعض الشركات الراعية تبتعد بسبب الدعاية السيئة. ومن شأن تشريع قوي مضاد للفساد أن يجعل من الصعب على الفيفا - ما لم يتم إصلاحه – بيع الحقوق في تلك البلدان مستقبلاً.
لقد أجبرت ضغوط الشركات الراعية اللجنة الأولمبية الدولية على إصلاح ممارساتها عقب مزاعم فساد مماثلة قبل أكثر من عقد. وينبغي ممارسة الشيء نفسه على الفيفا. والمطلوب الآن لا يقل عن إجراء مراجعة مستقلة وشاملة لعملياته. عند ذلك فقط يمكن أن تهدأ العاصفة.