المعادن الثمينة ترتفع لتعوض خسائر يوم أمس
شهدنا يوم أمس جلسة سلبية في أسواق المعادن الثمينة، لكن في الحقيقة، الانخفاض الذي حصل يوم أمس كان طفيفاً جداً، حيث انخفض سعر الذهب بحوالي 0.21% في نيويورك عندما أغلق عند سعر 1493.80 دولار للأونصة. كذلك انخفض سعر الفضة بمقدار 0.23% خلال جلسة أمس و أغلق تداولات نيويورك عند مستوى 34.94 دولار للأونصة الواحدة، فيما كان البلاتين أقل المعادن الثمينة انخفاضاً و اكتفى في خسارة 0.11% عندما أغلق حول مستوى 1763.00 دولار للأونصة.
بيانات المنازل الأمريكية يوم أمس أشارت إلى انكماش في عدد مبيعات المنازل القائمة بمقدار 0.8%، و هذا جاء عكس التوقعات تماماً، فيما بيانات مؤشر فيلادلفيا الصناعي أظهرت انخفاضاً نحو أدنى مستوى لها منذ شهر تشرين الأول الماضي، و هذا المؤشر الذي يقيس أداء النشاط التصنيعي أكد بأن العديد من القطاعات الأمريكية تشهد ضغوطاً سلبية واضحة، و هذا ما أثّر سلباً على طلب البلاتين و الفضة، فيما الذهب انخفض إثر عمليات جني أرباح خفيفة.
في الحقيقة، نجد بأن سعر الذهب بقي يوم أمس كاملاً في نطاقه المعتاد لهذا الأسبوع، محققاً المكاسب، و كذلك نرى بأن سعر الفضة هذا الأسبوع يتداول في وضع شبه حيادي يميل للإيجابية بعد الانخفاض القوي الذي تعرّض له السعر بداية الأسبوع و كذلك البلاتين نراه يتداول بإيجابية على مدى الأسبوع. عاد الطلب ليظهر في أسواق المعادن الثمينة بعد أن أظهرت بيانات التضخم ميلاً للارتفاع في مستويات التضخم مما يجعل العديد من الجهات تقبل إلى المعادن الثمينة لتغطية مخاطر التضخم، فيما هنالك جهات أخرى اتجهت للمعادن الثمينة كملاذ آمن من حالة التوتر و عدم اليقين من مستقبل الاقتصاد الدولي.
لوحظ هذا الأسبوع تدفّق طلب مادي على أسواق المعادن أيضاً، حيث أن انخفاض الأسعار هذا الأسبوع كان دافعاً للعديد من الجهات لطلب المعادن الثمينة استهلاكياً أو صناعياً، و هذا ما حافظ على الميل الصاعد للمعادن الثمينة رغم أن الاتجاه الصاعد محدود.
هذا اليوم، عندنا لنرى المعادن الثمينة تعود للارتفاع، و قد استطاعت المعادن تحقيق مكاسب لتعوّض كامل خسائر يوم أمس و تتداول في هذه اللحظات في إيجابية صاعدة كإجمالي تداولات هذا اليوم مع يوم أمس. يتداول سعر الذهب اليوم عند مستوى 1497.50 دولار للأونصة مكتسباً حوالي 0.25% و كذلك استطاع سعر الفضة الارتفاع ليتداول سعر الفضة الآن حول مستوى 35.23 دولار للأونصة بارتفاع مقداره 0.83%. سعر البلاتين يتداول حول مستوى 1766.00 مكتسباً 0.17% و بذلك نرى بأن المعادن الثمينة الرئيسية الثلاث تداولت بإيجابية معوّضة خسائر أمس. هذه الأسعار كما هي في تمام الساعة 02:33 صباحاً بتوقيت نيويورك ( 06:33 بتوقيت غرينتش ).
بالنسبة للتداولات الالكترونية كإجمالي تداولات هذا اليوم و يوم أمس، نجد بأن الذهب هو الوحيد الذي يتداول الآن على ارتفاع، لكن بالنسبة لجلسة نيويورك فالاتجاه الصاعد عمّ المعادن الثمينة. إغلاق لندن لسعر الذهب يوم أمس كان عند سعر 1493.00 دولار مقارنة في سعر الافتتاح 1488.75، لكن سعر البلاتين أغلق تداولات لندن عند مستوى 1766.00 فيما كان قد افتتح التداولات عند 1769.00، و بذلك نرى بأن الذهب هو الذي يحقق الاستقرار الأفضل من ناحية الإيجابية بين المعادن الرئيسية الثلاث رغم المدى الضيّق الذي تداول فيه هذا الأسبوع.
بيانات التضخم التي صدرت خلال أيام الأسبوع أشارت إلى استمرار في ارتفاع مستويات التضخم، و كذلك نرى بأن البيانات الاقتصادية التي صدرت من الولايات المتحدة الأمريكية أظهرت ميلاً نحو السلبية لتشير إلى انخفاض في وتيرة النمو في قطاعات الاقتصاد. مزيج ارتفاع مستويات التضخم إلى جانب مخاطر انخفاض النمو تقوّي الطلب على الذهب كملاذ آمن و تحوّط من مخاطر التضخم.
انخفض سعر صرف الدولار الأمريكي يوم أمس مقابل سلّة العملات الأجنبية، و بالنسبة لإجمالي تداولات هذا الأسبوع للدولار الأمريكي، نجد بأنها مالت للسلبية و انخفض مؤشر الدولار الأمريكي حوالي 60% من مكاسب الأسبوع الماضي. خلال الأسبوعين الماضيين، ارتفع سعر صرف الدولار الأمريكي و هذا كان له تأثير سلبي على المعادن الثمينة، فيما هذا الأسبوع، نجد بأن الانخفاض في سعر صرف الدولار الأمريكي كان تأثيره واضحاً على دعم ارتفاع أسعار المعادن الثمينة.
حركة الدولار الأمريكي عادت لتؤثر في المعادن الثمينة بشكل ملحوظ، و هذا سببه عودة مستويات التضخم إلى الارتفاع. فانخفاض سعر الدولار يعني تأثيرات إيجابية لمستويات التضخم، حيث أن النقد الأكثر استخداماً في الأسواق المالية هو الدولار، و انخفاض سعر صرف الدولار يؤثر إيجاباً في أسعار السلع و بذلك تزيد مخاطر التضخم على المدى البعيد. ارتفاع أسعار العملات مقابل الدولار يعني انخفاض تأثير التضخم على المدى القصير في الدول غير الولايات المتحدة، لكن على المدى الأبعد، فارتفاع أسعار صرف العملات يزيد مخاطر التضخم و ذلك لأن ارتفاع سعر الصرف يزيد القدرة الشرائية للنقد فينخفض التضخم على المدى القصير، لكن بارتفاع القدرة الشرائية يزداد الطلب على السلع و الأصول و على المدى الأبعد يكون تأثير ذلك داعماً لارتفاع الأسعار. بارتفاع مستويات التضخم، قد نرى مزيداً من الإيجابية في تداولات الذهب، و هذا ما يجعل انخفاض سعر صرف الدولار الأمريكي تأثيره إيجابي على الذهب على المدى القصير بسبب قياس سعر الذهب بالدولار و استخدام الذهب لتغطية مخاطر انخفاض القدرة الشرائية للدولار، كذلك على المدى الطويل لأن انخفاض الدولار يزيد من احتمالات ارتفاع مستويات التضخم.